عائشة العتيبي

رسالتي.. وسم «روان الغامدي»

الخميس - 12 أغسطس 2021

Thu - 12 Aug 2021

اقتراح الحلول وصنع البدائل وفرض القوانين ثم إعلان العقوبة هي ضوابط تحكم كل من سولت له نفسه أخذ حقوق المسلمين وسلب أعراضهم والتعرض لأرواحهم وأنفسهم بالطعن أو القتل أو الإفساد، أو بأي فعل مسيء يعيق حياة الشخص ويمنعه من عيش حياته بكل سلام وطمأنينة، وقد يحرمه من عيش الحياة بمغادرة نهائية تحدث حينها الوفاة، ثم يفارق أسرته وذويه وأصدقاءه، بأي وجه حق يقتل وإن من أشد الكبائر هو القتل.

تداولت مواقع التواصل الاجتماعي أخيرا جريمة مروعة تعاطف معها كل مواطن ورفع لها بوسم في تويتر وتفاعلت معها شخصيات معروفة وأشخاص محبون للخير، وهي حادثة قتل روان الغامدي التي والله لم تحتملها قلوبنا واقشعرت لها أبداننا، سائلين الله لها المغفرة والرحمة ونحسن عزاءنا لأسرتها وذويها ونطالب جميعا بحقها والحد من تلك الجرائم التي توسعت في وقتنا الراهن بكثرة، فالمسيء هو الفعل المزعج للإنسانية والمقترف بلا حق وبأسباب مجهولة أو تافهة، وكأن النفس شيء رخيص وغير محسوب، بل كل ما بث الله فيه الروح والحياة قتله يعتبر جريمة؛ فكيف بروح المسلم.

قتل النفس من المحرمات التي ذكرها الله في محكم كتابه وما يذكره الله يعتبر أدلة وشواهد واضحة لا بد من مراعاتها وأخذها بعين الاعتبار، وتصرح بذلك فيها أحكام تشريعية وأصول ثابتة، فقد قال تعالى مصرحا عن القتل: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون)﴿32-المائدة﴾.

ذكر في تفسير ابن كثير معنى لهذه الآية: ومن قتل نفسا بغير سبب من قصاص، أو فساد في الأرض، واستحل قتلها بلا سبب ولا جناية، فكأنما قتل الناس جميعا؛ لأنه لا فرق عنده بين نفس ونفس، ذكر القرآن الكريم أول قصص القتل وأنكر ذلك الفعل لبني آدم، ومن المعروف أن أول جريمة قتل نفس بشرية لبني آدم وهي التي كانت عند الأخوين قابيل وهابيل، حينما قتل قابيل أخاه هابيل؛ فأرسل الله عز وجل غرابا ليعلم بني آدم دفن موتاهم وكيفية مواراة سوأة أخيه حتى زالت الحيرة، قد يصاب الإنسان بالغضب والقوة والنزعة الشيطانية التي تغرمه على أفعال سيئة وقد يتراجع سريعا ويندم أو قد يستمر في تلك الأفعال الشيطانية التي هي عدوة لذاته ولمن حوله ويجعله في دائرة خطيرة يضيع فيها ويغتر بقوته وسلطته وهيمنته ويفسد ويخرب، ولكن القرآن لم يقف بل أتى بالحل وأنزل حكم القصاص للحد من تلك الجرائم المروعة والشنيعة والمفسدة.

‏نأمل من الجهات المعنية الاهتمام بفحوصات ما قبل الزواج وتضيف لها فحوصات الدم وسلامة الصحة النفسية والعقلية لكل شخص مقبل على الزواج حتى لا يصاب المجتمع بالضياع والتشتت والعنف والقتل، فأصبحنا نواجه ليس شخصيات إنسانية ولكن هم أقرب ما يكونون مرضى عقليين ونفسيين لا نعلم ولا ندرك مدى ما خلفهم من تفكير وتصرف، لذا نسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية من كل هذه الفئات التي لا بد من إيجاد حد قاطع وصارم وسلطة قوية وحازمة لهم، نحن لسنا منزهين عن الأخطاء ولكن نسأل الله العافية والسلامة.

لا بد من الحرص وقت لحظات الغضب فهي تجبر الإنسان على فعل أشياء مؤذية سواء كانت أقوالا أو أفعالا، ولقد ذكر نبينا ‏محمد صلى الله عليه وسلم عن بشاعة الغضب وما قد يحدثه من أمور يندم عليها الإنسان فيما بعد. عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب». رواه أحمد 2/236 والحديث متفق عليه، نحن نعلم أن هناك قتلا خطأ تحت غضب أو متعمد القصد أو تحت تأثير مختلف لفئات أخرى، حفظكم الله ورعاكم من كل سوء، رسالتي هذه تتحدث عن أهمية حفظ النفس البشرية على وجه العموم، وعن حق روان الغامدي على وجه الخصوص، سائلين الله لها المغفرة والرحمة.

3ny_dh@