عبدالله محمد الشهراني

كيف تريد السعودية أن يكون الحج والعمرة

الأربعاء - 11 أغسطس 2021

Wed - 11 Aug 2021

دعونا أولا نعرف كيف تبدأ قصة الحج أو العمرة لكي نفهم ماهية التغيير الذي تود المملكة أن تحدثه في هذا الخصوص، تبدأ القصة هناك في تلك القرية أو المدينة الصغيرة، عندما يقوم شخص سنسميه (سمسار1) اعتاد الصلاة خلف إمام الجامع الكبير، مبادرا بالقول: فضيلة الشيخ لقد اشتقنا لمكة والمدينة، ليتنا نأخذ عمرة أو حجة بصحبتكم. الشيخ (سمسار2 إلا من رحم ربي.. هو شخص محمول مكفول ويطلع له قرشين حلوين بعد الحج أو العمرة). يرد الشيخ على (سمسار1 اللي مرتب الفيلم معاه) قائلا: على بركة الله. يفرح الجميع وتبدأ الاستعدادات.

يذهب (سمسار1) إلى مكتب صغير بالقرية يعمل فيه (سمسار3) وهو شخص يكون عادة وكيلا لشركة سياحة بالعاصمة أو وكيلا لبعثة الحج. يتواصل (سمسار3) مع شركة السياحة أو بعثة الحج ليعرف كلفة رحلة الحج أو العمرة، يأخذ الكلفة ويضيف إليها العُمولات (سبوبته وسبوبة الشيخ وسبوبة محروس بتاع الشيخ). تبدأ الشركة أو البعثة في البحث في شأن المواصلات (سمسار4) والسكن (سمسار5) والإعاشة (سمسار6)، وهي الخدمات الرئيسة في كل من رحلتي الحج والعمرة، وكل خدمة سوف تضاف إليها أيضا عمولة لسمسار.

ما وددت أن أكشف عنه في مفتتح هذا المقال هو أن هناك نسبة كبيرة من القيمة الإجمالية لتكاليف الحج والعمرة تذهب إلى عمولات تدفع للسماسرة، وهي تتجاوز -بعض الأحيان- للأسف القيمة الحقيقية للتكاليف، وهذا فقط فيما يخص المبالغ التي سوف تدفع للسماسرة كعمولات، لأن هناك كارثة أخرى يتسبب بها (الهامور) -شركة السياحة الأجنبية أو بعثة الحج-، وهي جهات تنسيقية تربط بين الحاج ومقدمي الخدمة، وهي كذلك شركات وبعثات مداخيلها المالية ضخمة وغير منطقية وفي بعض الدول تعد «بؤر فساد» حقيقية. إذ إنها تطلب من الحاج أو المعتمر مبلغا معينا تأخذ منه ما يحل لها، وتدفع بالقليل (ملاليم) لمقدمي الخدمة في المملكة.

بهذه الملاليم توجه هذه الشركات والبعثات الاتهامات عند حدوث أي إخفاق أو سوء في الجودة إلى مقدمي الخدمة (مع شوية دراما) تارة بصراخ وتارة أخرى ببكاء أمام الحجاج أو المعتمرين.

الخلاصة هي أن الحاج أو المعتمر يدفع مبالغ كفيلة- لو أنها وصلت إلى مقدم الخدمة بشكل مباشر- بأن توفر له خدمة ممتازة وبسعر معقول جدا. وهذا ما نود أن تقوم به الدولة، ونعني به إنهاء دور (السماسرة والهامور) في هذا الموضوع المهم، وذلك من خلال الشفافية في طرح الخدمات والمنتجات أمام الجميع «شركات وبعثات وأفراد»، عن طريق التحول الرقمي الذي سيتيح معرفة تفاصيل الخدمات وأسعارها ومستوياتها في بيئة تنافسية محوكمة ومراقبة تضمن للجميع حقوقهم، فالحاج أو المعتمر سوف يعرف أين يقع سكنه في مكة وما هي محتويات ذلك السكن، وكم يبعد عن الحرم، وماذا سوف يأكل خلال إقامته في المدينة المنورة، وكيف سيتنقل ما بين المشاعر المقدسة والمدن؟، كل ذلك بتكلفة لن يتدخل فيها أحد سوى مقدم الخدمة.

الشفافية والرقمنة تقتل الفساد وتجود الخدمة وتقدم الأسعار المعقولة؛ فيصبح المستفيد الأول من هذا التحول هو الحاج والمعتمر.

ALSHAHRANI_1400@