أحمد الهلالي

رقصة التعشير لا قيود ولا تنظيم!

الثلاثاء - 10 أغسطس 2021

Tue - 10 Aug 2021

رقصة التعشير من الألعاب التراثية الحماسية لدى قبائل الحجاز والجنوب، تعتمد على حشو البنادق التراثية (المقمع) بالبارود، وحركة الراقص الرشيقة ثم إطلاق البارود دون رصاص تحت أقدام الراقص، ولهذه اللعبة حضورها في الأعراس والمناسبات الاجتماعية، بديلا لإطلاق الرصاص في الهواء، لكن هذه اللعبة خطرة جدا إلى درجة قاتلة، ولها حوادث متعددة بعضها من انفجارات البنادق بسبب زيادة الحشو، وبعضها بنسيان (المشحان أو الدكاك) داخل البندقية كما حدث في زواج أحد شعراء العرضة الكبار ما أدى إلى مقتل أحد الحضور، وبعضها بانفجار كميات البارود كما حدث مؤخرا في الطائف، فأصاب سبعة بحروق بالغة، توفي إثرها أحد طلابي -يرحمه الله-، ويحسن عزاء أهله، وقبله حوادث مشابهة.

هذه اللعبة تحتاج إلى وقفة صارمة من الجهات المختصة، ويجب تضييق دائرتها وقصر ممارستها على متخصصين مدربين تدريبا حقيقيا، ومعاقبة كل من يمارسها دون ترخيص من الجهة المسؤولة بعقوبة رادعة، فلا يصح مطلقا أن تترك عشرات الكيلوغرامات من البارود في أيدي من يجهلون بعض قواعد التعامل معها، في أماكن مفتوحة وقريبة من التجمعات ومصادر الشرر، بلا مبالاة ودون احتياطات سلامة تذكر، بل وممارسات خاطئة خطيرة مثل تعمد بعضهم خلط البارود بالبنزين ليزيد من سرعة اشتعاله وقوة انفجاره.

الحاجة ماسة إلى تخصيص أندية للتعشير تحت مظلة وزارة الرياضة، والأمن العام، كأندية الرماية، يقوم عليها الخبراء في هذا المجال، كالعسكريين المتقاعدين من قطاعات عسكرية تتماشى مع البارود والمتفجرات والرماية، ومن لديهم خبرة حقيقية بقواعد السلامة في استخدام الألعاب النارية، ولا يسمح لهواة هذه اللعبة بممارستها إلا بعد الحصول على التدريب الكافي في النادي، ثم يحصلون على رخصة ممارسة اللعبة ضمن فرقة مرخصة، لا تتجاوز ستة أشخاص في المناسبة الواحدة، وأن تكون بينهم وبين الجمهور مسافة كافية لدرء الأخطار.

ومن الأمور المقلقة في رقصة التعشير، أن يمارسها الصغار، فلا يخلو المشهد من رؤية أطفال في سن العاشرة إلى الخامسة عشرة، وهم يحملون بنادق أطول منهم، ويمارسون بها ألعابا خطرة بين صفوف المتفرجين، وهذه مجازفة في حق الطفل وفي حق الحضور، يجب النظر إليها بجدية أيضا، فيقرر السن القانونية لمن يمارس هذه اللعبة، ونأخذ العمر والبنية الجسدية، والحالة العقلية، واللياقة البدنية، معايير تنضاف إلى التدريب الكافي والإلمام بقواعد اللعبة وقواعد السلامة لمن يرغب في الحصول على ترخيص ممارستها في المناسبات الاجتماعية، ووضع عقوبة رادعة لمن يخالف الاشتراطات، ولشيخ القبيلة ولصاحب المناسبة، فالأمر يتعلق بأرواح الناس وسلامتهم، وحماية النفس من الضرورات الخمس في الفقه الإسلامي.

ahmad_helali@