طلال الشريف

العودة لحياتنا التعليمية الطبيعية

الاثنين - 09 أغسطس 2021

Mon - 09 Aug 2021

يأتي قرار وزارتي الصحة والتعليم بعودة التعليم الحضوري لكافة المؤسسات التعليمية امتدادا لكفاءة الوزارتين وفاعليتهما في مواجهة أزمة (كوفيد 19) وتحولاته المتجددة، ويشكل القرار أهمية كبرى لكل مواطن مسؤول يعي مخاطر الفاقد التعليمي وانعكاسات التعليم عن بعد على الصحة الجسدية والنفسية، كما يشكل أهمية قصوى للمؤسسات التعليمية في القيام برسالتها التعليمية بالشكل الصحيح؛ لأنه ببساطة يعني العودة لحياتنا التعليمية الطبيعية التفاعلية بجودة عالية مع أخذ الاحترازات الكافية بعيدا عن تغليب الصحة على التعليم أو التعليم على الصحة، والعمل في الاتجاهين «الصحة والتعليم معا» بشكل متوازن يحقق الغايات الوطنية في المحافظة على الصحة المجتمعية واستمرار العملية التعليمية.

ولا شك أن نمط التعليم الحضوري يعد الأفضل للتعليم والتعلم لاكتساب المعارف والمهارات والقيم وتنمية القدرات التي يحققها التواصل والتفاعل المباشر بين المعلمين والطلاب وبين الطلاب أنفسهم في إطار زماني ومكاني واحد، وأن نمط التعليم عن بعد لن يكون بديلا كاملا عن التعليم الحضوري ويبقى منقوصا ولا يلبي الاحتياجات التربوية للمتعلمين ولا الحد الأعلى من الجودة التعليمية وإنما اقتضته الحاجة بسبب جائحة كورونا، ومع ذلك فهو نمط مهم للغاية للاستثمار الأمثل للتكنولوجيا الحديثة والمنصات الالكترونية لدعم وإسناد التعليم الحضوري وتعزيز عملية التعليم والتعلم في المدارس والجامعات.

ولكي ننجح بامتياز في العودة الآمنة لحياتنا التعليمية الطبيعية يتطلب ذلك عملا كبيرا على مختلف المستويات، أهمها الأسرة التي أثبتت فاعليتها وأسهمت بشكل جذري في نجاح مرحلة التعليم عن بعد، والتي يقع عليها أيضا في مرحلة العودة للتعليم الحضوري مسؤولية كبيرة في تهيئة أبنائها للعودة إلى المدارس والجامعات والكليات والمعاهد من خلال الحوارات الأسرية العميقة والمكثفة وتوضيح قيمة التعليم الحضوري وأنه الأصل في التعليم والتعلم الفاعل، والسبيل الوحيد لتحقيق تطلعاتنا الوطنية الطموحة، وتشجيع الأبناء على سرعة الاستجابة لتعليمات وزارة الصحة بأخذ اللقاح لحمايتهم من الوباء، وإعادة تنظيم إدارة وقت الأسرة قبل بداية الدراسة الفعلية بوقت كاف، وتهيئة كل سبل الراحة المنزلية للعودة القوية للتعليم.

ويأتي الدور الأكبر للمؤسسات التعليمية وخاصة مدارس التعليم العام بتطبيق إجراءات الوقاية والحماية بشكل دقيق بداية من نظافة المدارس وتعقيمها بشكل يومي، وتوفير مستلزمات التطهير والتعقيم، وتوفير أجهزة قياس الحرارة الكافية، وتهوية الصفوف، والدقة في تنظيم الدخول والخروج، وإعادة توزيع الطلاب لخفض الكثافة من أجل ضمان التباعد الاجتماعي، ومتابعة التزام الطلاب بارتداء الكمامات وغسل اليدين باستمرار، وإعادة آلية عمل المقاصف بحيث تصل الوجبات الغذائية الغنية بالفيتامينات والمعززة لمستوى المناعة للطلاب على طاولاتهم الدراسية، والتوعية المستمرة بإجراءات التعامل مع أعراض كورونا، وقيام كل المعلمين بمساعدة طلابهم على استعادة لياقتهم التعليمية الحضورية بتفهم ظروف العودة ورفع مستوى دافعيتهم التعليمية وتحفيزهم باستراتيجيات التعليم الحديثة، وهم أهل لذلك في ظل ما قاموا به من عمل استثنائي عند التحول إلى التعليم عن بعد بضمان استمرارية العملية التعليمية وعدم انقطاعها واستجابتهم وتفاعلهم مع المستحدثات التكنولوجية بيسر وسهولة.

لقد حققنا نجاحات كبيرة في عملية التعليم عن بعد أبرزها التحول السريع من التعليم الحضوري مكانيا إلى التعليم عن بعد خلال عشر ساعات من قرار تعليق الدراسة والاستمرار في العملية التعليمية دون انقطاع حتى ليوم واحد، والمحافظة على الحد الأدنى من مستوى الجودة التعليمية بتقليل الفاقد التعليمي ومعالجته وذلك بالإحصائيات وبشهادة مجموعة من خبراء التعليم في المنظمات الدولية وإشادتهم بتجربتنا الرائدة خلال جائحة كورونا وقدمنا نموذجا عالميا من خلال منصة مدرستي والمنصات التعليمية الالكترونية للجامعات، بما تحتويه من إمكانات وأدوات تفاعلية إلى جانب استثمار ساعات الدراسة الفعلية في الفصول الافتراضية.

ومن المهم جدا أن ندرك أننا لن نكون بمنأى عن الإصابات التي قد تحدث بعد العودة للتعليم الحضوري في ظل استمرار الجائحة، ويجب التعامل معها في إطارها الطبيعي ونسب وقوعها المحتملة ووفق الإجراءات التي أقرتها الجهات المعنية بعيدا عن إلقاء اللوم على الجهات التي اتخذت قرار التعليم الحضوري وذلك تغليبا للمصلحة العامة وحماية لأجيالنا وحفاظا على مكتسباتنا الوطنية في ضوء توجهنا الوطني نحو تطوير وإصلاح تعليمنا العام والعالي.

drAlshreefTalal@