مصر.. أول دولة في التاريخ!
الأحد - 08 أغسطس 2021
Sun - 08 Aug 2021
لطالما كان بنو البشر يتهيبون من التاريخ، بنفس الوقت كانوا يستلهمون منه ما يشحذ هممهم ويعلي منها، ويستندون عليه في الاستشهاد، ويتداولون قصصه بين شموخ وافتخار، على موائدهم. وفي أفراحهم، حتى إن بعضا من أتراحهم تجد فيها من فاكهة التاريخ أطباقا شتى.
وكلما اتسعت الدائرة أو تغيرت تجد الرسائل ذاتها تتكرر مهما اختلف قالب تقديمها، فتجد المسلمين أو اليهود أو حتى النصارى يباهون في علمائهم وإرثهم ورسولهم وحتى رسالاتهم، ومن جانب آخر ستلتمس في الأمريكان تبجيل آبائهم المؤسسين، وفي الألمان شوفينية لا تبرز إلا على من لا يتحدث الألمانية، وفي الفرنسيين تعظيم لبرج إيفيل ولشارع الشانزليزيه ولما قدمته تلك المقدسات – بالنسبة لهم – للعالم.
وعندما تشيح النظر في المحيط تجد مكامن تلك الأشياء تنبثق في معظم التفاصيل، لكن ما يجعل منها محط اشمئزاز عندما تتحول كل تلك من جزء يكون التاريخ إلى أداة نستحقر فيها ذواتنا أو حتى من يعيشون في محيطنا، فهذا الأمر أردت لفت النظر إليه قبل الغوص في موضوعنا الذي يتعلق بمن لا يفصلنا عنهم سوى البحر. وهي تلك التي تدعى مصر.
تحمل مصر جزءا من تاريخ العالم على أرضها، بل حتى في تفاصيلها ألغاز عجز عن فكها إلى الآن العلم والعلماء، أبرزها تلك المكون غريب الشكل، مدهش التفاصيل، للدرجة التي لا يمكن للعقل تصور آلية بنائها، وهي الأهرامات.
فكل شيء في مصر يدهش ويثير غبار الأسئلة في حديثه وقديمه، أحد تلك التساؤلات كانت مصر القديمة من أوائل الدول التي عرفها التاريخ بمفهومها الأولي، فكيف تكونت تلك الدولة؟ ولماذا في تلك البقعة اجتمع أولئك البشر على الرغم من وجودها في منطقة صحراوية جافة؟ وما هي مقومات الحياة فيها لتصنع منها دولة حيوية وفعالة؟
كل تلك الأسئلة إن وجدت لها إجابة شعرت فيها بالرضا على الرغم من بعض الغموض الذي مهما سعى الباحثون في حله فهم عاجزون، لأنها اندثرت مع أصحابها بكل سهولة.
يذكر الباحثان جان بارو وغيوم بيغو، أن ولادة مصر القديمة كدولة تعود لسببين رئيسين يتمحور جذراهما، حول الضرورة المناخية الملحة، هي التي أجبرت
من يسكن تلك البقعة الجغرافية على قيامها ككيان.
السبب الأول هو المياه، فإن البلاد الصحراوية دائما شحيحة في أمطارها، عزيزة عند من يزرعها، فكانت الزراعة والري هي الأداة التي يعيشون عليها، ولأن مصر متنوعة التضاريس فكان سكان المناطق الأعلى يستهلكون الماء أكثر من أصحاب المناطق السفلى، مما تستدعي القتال بين الطرفين كثيرا، فاستنتجوا فكرة تكفيهم شرور بعضهم البعض، وأن يضعون لهم فرعون «ملك» كي يسهر من أجل قسمة عادلة للمياه، وحصل لهم ذلك حتى توسعت نفوذ ذلك الفرعون بمعونة الشعب.
كما أن الصياد في تلك الفترة بالأصل محارب ولأن أرض مصر مأهولة للزراعة، فالفلاحون فيها ليس عندهم الوقت للحرب والكر والفر، فمعظم وقته بين نخيله وبستانه، حتى أصبح الأمن وهو السبب الثاني حاجة ماسة، لتأمين المحاصيل والحرث، فكانت الضرورة أكثر إلحاحا على وجود دولة تتولى النظام والأمن.
قبل إقفال القوس، تلك الفترة كان يسميها الباحثان «ما قبل التاريخ» وبسبب الثورة الزراعية التي سيطرت على ذلك الزمان، تم اختراع ما يدعى اليوم بالكتابة لتيسير عملية الخزانة والتوثيق، فكانت الزراعة مفتاح بوابة الدخول إلى التاريخ.
SalehAL3bdli@
وكلما اتسعت الدائرة أو تغيرت تجد الرسائل ذاتها تتكرر مهما اختلف قالب تقديمها، فتجد المسلمين أو اليهود أو حتى النصارى يباهون في علمائهم وإرثهم ورسولهم وحتى رسالاتهم، ومن جانب آخر ستلتمس في الأمريكان تبجيل آبائهم المؤسسين، وفي الألمان شوفينية لا تبرز إلا على من لا يتحدث الألمانية، وفي الفرنسيين تعظيم لبرج إيفيل ولشارع الشانزليزيه ولما قدمته تلك المقدسات – بالنسبة لهم – للعالم.
وعندما تشيح النظر في المحيط تجد مكامن تلك الأشياء تنبثق في معظم التفاصيل، لكن ما يجعل منها محط اشمئزاز عندما تتحول كل تلك من جزء يكون التاريخ إلى أداة نستحقر فيها ذواتنا أو حتى من يعيشون في محيطنا، فهذا الأمر أردت لفت النظر إليه قبل الغوص في موضوعنا الذي يتعلق بمن لا يفصلنا عنهم سوى البحر. وهي تلك التي تدعى مصر.
تحمل مصر جزءا من تاريخ العالم على أرضها، بل حتى في تفاصيلها ألغاز عجز عن فكها إلى الآن العلم والعلماء، أبرزها تلك المكون غريب الشكل، مدهش التفاصيل، للدرجة التي لا يمكن للعقل تصور آلية بنائها، وهي الأهرامات.
فكل شيء في مصر يدهش ويثير غبار الأسئلة في حديثه وقديمه، أحد تلك التساؤلات كانت مصر القديمة من أوائل الدول التي عرفها التاريخ بمفهومها الأولي، فكيف تكونت تلك الدولة؟ ولماذا في تلك البقعة اجتمع أولئك البشر على الرغم من وجودها في منطقة صحراوية جافة؟ وما هي مقومات الحياة فيها لتصنع منها دولة حيوية وفعالة؟
كل تلك الأسئلة إن وجدت لها إجابة شعرت فيها بالرضا على الرغم من بعض الغموض الذي مهما سعى الباحثون في حله فهم عاجزون، لأنها اندثرت مع أصحابها بكل سهولة.
يذكر الباحثان جان بارو وغيوم بيغو، أن ولادة مصر القديمة كدولة تعود لسببين رئيسين يتمحور جذراهما، حول الضرورة المناخية الملحة، هي التي أجبرت
من يسكن تلك البقعة الجغرافية على قيامها ككيان.
السبب الأول هو المياه، فإن البلاد الصحراوية دائما شحيحة في أمطارها، عزيزة عند من يزرعها، فكانت الزراعة والري هي الأداة التي يعيشون عليها، ولأن مصر متنوعة التضاريس فكان سكان المناطق الأعلى يستهلكون الماء أكثر من أصحاب المناطق السفلى، مما تستدعي القتال بين الطرفين كثيرا، فاستنتجوا فكرة تكفيهم شرور بعضهم البعض، وأن يضعون لهم فرعون «ملك» كي يسهر من أجل قسمة عادلة للمياه، وحصل لهم ذلك حتى توسعت نفوذ ذلك الفرعون بمعونة الشعب.
كما أن الصياد في تلك الفترة بالأصل محارب ولأن أرض مصر مأهولة للزراعة، فالفلاحون فيها ليس عندهم الوقت للحرب والكر والفر، فمعظم وقته بين نخيله وبستانه، حتى أصبح الأمن وهو السبب الثاني حاجة ماسة، لتأمين المحاصيل والحرث، فكانت الضرورة أكثر إلحاحا على وجود دولة تتولى النظام والأمن.
قبل إقفال القوس، تلك الفترة كان يسميها الباحثان «ما قبل التاريخ» وبسبب الثورة الزراعية التي سيطرت على ذلك الزمان، تم اختراع ما يدعى اليوم بالكتابة لتيسير عملية الخزانة والتوثيق، فكانت الزراعة مفتاح بوابة الدخول إلى التاريخ.
SalehAL3bdli@