عبدالحليم البراك

مكاسب كورونا..

الاثنين - 02 أغسطس 2021

Mon - 02 Aug 2021

ثمة مكاسب بسيطة لهذه الآفة، فإن كانت جائحة كورونا أضرت بالاقتصاديات والأعمال، فإنها وبلا شك رسخت أشياء كان الأمر يتطلب الشيء الكثير من الجهود والتوعية وإنفاق الأموال حتى ترسخ؛ لأن الناس غالبا تقبل التغيير في ظل الصدمات، وتعارضه في حالة السكون وفي ظل الأوضاع الطبيعية فإن التوعية والحديث والتنظير تصبح لا قيمة لها وسط تيار يعارض التغيير، ولعل صدمة كورونا هذه علمت الناس –قسرا– بعض الأشياء التي أحدثت فرقا كبيرا بالنسبة لنا كنا نظنها لن تتحقق، والمأمول أن يعي المسؤول والمصلح من الناس هذه المكاسب ويؤكد عليها بقوة النظام والصحة والعقل الراسخ، ولعلي أقول بعض الأمثلة.

وإذا كان لكل مهنة أسرارها، فلا يمنع أنه في كل مهنة مكاسب «كارونية» إن صحت النسبة إليها، ففي مجال الصحة مثلا تقنين زيارة المرضى مكسب، ومكاسب أخرى على مستوى التعليم مثل ترسيخ التعليم عن بعد، وفي العلاقات الاجتماعية بعض المكاسب على سبيل المثال حصر الدعوات الاجتماعية بأقل عدد ممكن، وكذلك على مستوى الشارع والمدينة أيضا فقد صار الناس أكثر إحساسا بالآخر تحت ذريعة انتقال المرض.

أما المكاسب البسيطة التي لا أرغب أبدا في أن نتنازل عنها، وهي التزام الناس في مسافة محددة بينهم، إذ إننا كنا ولا زلنا نعاني من التزاحم غير المبرر وعدم الشعور بذلك وقد يصل الأمر للإيذاء على المستوى الجسدي من خلال الاصطدام غير المقصود، لكنه حادث بفعل الإهمال، ولا أدل على ذلك – إن كنتم تذكرون عربات حمل الأمتعة في المطارات التي كانت تصطدم بأقدامنا من الخلف بفعل عدم إحساس من هم خلفنا، وما يتبع التزاحم من مضايقات أخرى، وأشير إلى التزام الناس والمتاجر بالصف بين العملاء – وبقوة النظام واحتياطات التباعد – ولعل هذا ما كنا نفتقده منذ زمن، وكنا نخجل من الحديث عنه، ونراه في أنفسنا عندما ننسى أنفسنا في مجتمعات تقدس الانتظار المنظم ونحلم أن نراه في بلادنا، فالآن جاءت الفرصة على طبق من نظام، فلا يجدر بنا أن نفرط فيها بعد أن اعتدنا عليها.

كما أن الكمامة صحية للغاية، وتنفع ولا تضر، خاصة في الازدحامات، فاستمرارها – في نظري – مطلب، خاصة في التجمعات الكبيرة، يكفي أنها تقلل من الأمراض التنفسية وكفى بها واعظا.

ارتفعت – أيضا – حالة العناية بالمطاعم في الأكل أو الطاولات وصارت الصحة أولوية لدى أصحاب المطاعم، وحتى الرقيب المهني صار أكثر حساسية على النظافة، فالأكل يجب أن يكون مغلفا ومغلقا والطاولات متباعدة والاحتياطات أكثر، أما الرقيب الذاتي لدى عملاء المطاعم فهو الآن أكثر تعاونا وصاحب حس صحي أعلى؛ لأن البديل لهذه الفوضى هو انتقال المرض، فصار يبلغ المواطن عن كل ما يمكن أن يسيء للصحة العامة.

كما أنه قل السلام باليد، وهذا شيء جيد خاصة إذا ما توفرت أسباب منعه الصحية، فصارت التحية اللفظية مقدمة، وصار الناس يقرون في البيوت، فصارت بيوت الناس سعة لهم بعد أن كان ضيقا عليهم، وصار الناس يلتفتون إلى هواياتهم ويكتشفونها، فبفضل حجر كورونا خرجت لنا مواهب جمة.

إذن كورونا ليست شرا محضا!

Halemalbaarrak@