محمد الصلاحي

أحداث تونس وهوس اليمني بالسياسة!

الاحد - 01 أغسطس 2021

Sun - 01 Aug 2021

لم أتناول ما حدث في تونس، فتأثير من يحكم هناك على بلدي معدوم كليا، ولا يوجد ما يدفعني للحماسة في تأييد هذا أو ذاك، أرى الخبر فأمر مرور الكرام، ولا أكمل حتى قراءة ما يرتبط به.

فضول الشعب اليمني في تتبع أحداث السياسة خارج بلده تجاوز كل شيء، وفاق كل اهتمام، نتحدث عن كل ما يعنينا وما لا يعنينا، نستهلك وقتا وجهدا وفرصا ونضعها في غير محلها.

لا نعيش حالة رخاء حتى نتفرغ لاهتمامات الحديث عن أحوال الغير، فحالة الشقاء التي نعيشها هي أولى بأن نسخر لها اهتمامنا، ونصب كل جهودنا في سبيل التخلص منها، وما نعيشه في اليمن من انقلاب حوثي، وسوء حال، ووضع مترد كاف لأن نهتم بمشاكلنا، والبحث عن مصير أفضل لنا، فلا مصيرنا مرتبط بما يحدث في تونس، ولا نشترك معهم في ما قد يؤثر علينا سلبا أو إيجابا، فعلام الانشغال بهم، والغوص في تفاصيل ما يحدث هناك حد الغرق بها!

حالات تفاعل غريبة في الوسط اليمني مع أحداث تونس اكتسحت مواقع التواصل قد تكون ذات دوافع حقيقية وربما مفتعلة، وما بين فرح وحزن تنوعت المواقف، وهناك من قال تعليقا وتأييدا لإجراءات الرئيس قيس بن سعيد بعد أيام من مرور العيد (اليوم شعرنا بجمال العيد وفرحته)، وآخرون يندبون حظ النهضة والغنوشي ولم يتبق سوى لطم الخدود وشق الجيوب حزنا على تقليم أظافرهم ونزع السلطة منهم!

لن نبلغ الجبال طولا بتأييد هذا وذاك، وفي الضفة الأخرى أجزم يقينا أن الشعب التونسي يجهل كل ما يحدث في اليمن، يجهل اسم رئيسه، ولا يعرف عن وجود انقلاب حوثي فيه، ولا حرب منذ سبع سنوات لاستعادة الدولة، ولا يعرف حتى اسم عاصمته، يجهل تماما وجود شيء اسمه المجلس الانتقالي، وحزب اسمه الإصلاح، حتى علاقة الإخوان في البلدين أراها معدومة، ورغم ارتباط الإخوان عقائديا بروابط تتجاوز حدود بلدانهم، لكن لا أعتقد بوجود روابط بين إخوان اليمن وتونس، لا يوجد رابط واحد بين أي طرف في اليمن مع أطراف السياسة التونسية، فلماذا الاستهلال فرحا من طرف، والحزن من طرف آخر تجاه ما حدث هناك؟

يفرح اليمني وهو لا يعرف أيضا موقع تونس في الخارطة، ولا يعرف ما هي الدول التي تحدها، لا يعرف أي تفصيل عنها، وهذا إسقاط لمقياس ضعف معرفة اليمني بتونس وليس انتقاص بمعرفته وثقافته، حتى في الرياضة ورغم بروز تونس كرويا، كان المنتخب التونسي ولاعبوه الأقل في الحضور الجماهيري يمنيا بين المنتخبات العربية الكبيرة، لا تحتفظ ذاكرتنا كثيرا بأسماء لاعبين من تونس، وأقيس الأمر على نفسي، فاهتمامي الكروي السابق لم يشهد محطات وقفت فيها على الرياضة التونسية، ولا إنجازات منتخبها وأنديتها ولاعبيها.

أبحث عن شيء يفسر هذا الاهتمام اليمني الكبير بمستجدات الساحة السياسية التونسية، عن نقطة يمكن البناء عليها في الإقرار بمنطقية هذه المواقف اليمنية، فلا أجد! هو الفضول أولا، وثانيا البحث عن قضايا يعتقد المنتشون بها فرحا أنها تنتصر لهم ولهوس السياسة فيهم، بعد فقدان نكهة الانتصار في أحداث اليمن المتكررة من سبع سنوات دون حصول تقدم لافت نبني عليه على أنه انتصار.

من الجميل أن ننشغل بما ألمّ بنا في اليمن، ولا بأس أن يمتد الاهتمام إلى جغرافيا لنا صلة بها، وإلى كل حدث نشعر أنه يرتبط بنا ويؤثر علينا في كل الحالات، أما استهلاك مشاعر التأييد أو المعارضة في غير محلها فهو موقف نضحك فيه على أنفسنا دون أن نشعر!

Mohamed_alslahi@