عبدالحليم البراك

حتى لا يموت الشغف

الاثنين - 26 يوليو 2021

Mon - 26 Jul 2021

يموت الإنسان حين يموت الشغف في داخله، ويكبر الرجل العجوز إذا افتقد الشغف النابض في قلبه فتظهر تجاعيد الزمن على وجهه قبل أن يشيخ، بينما يظهر أثر الحياة عليه ما دام الشغف يحيط به من كل جانب.ويظهر الشاب والفتاة حماسا حد الجنون بالأنشطة والحياة لسبب واحد لا غير هو الشغف بهذه الدنيا، ويتهالك الشاب كرجل هرم إذا ما غادره الشغف بالحياة وما حوله

وعلى طريقة الأكاديميين يأتي سؤال ما هو الشغف وبعبارة أخرى، ما تعريفه: «هو حماس شديد وولع لا يتوقف تجاه شيء محدد»، «وربما صار انجذابا، وشهوة ورغبة وحبا واهتماما وعاطفة متقدة تجاه هذا الشيء»، لك أن تتخيل كل هذه الكلمات تتجمع وتتكتل حول شيء ما، ثم لا يأتيك الفضول على أن تعيش أجواءه!

لا بد أن تراجع نفسك إذن، وصفته أوبرا وينفري قائلة: «الشغف هو طاقة، وشعور بالقوة نابع من التركيز على ما يثير حماسك» وقال عنه برنارد شو: «الشغف الفكري، والشغف الرياضي، وشغف الاستكشاف والاستجلاء: أقوى ما يتواجد من الشغف» فلذلك حافظ على شغفك حتى الممات!

وثمة عبارة مربكة من باولو كويلو لكنها جميلة جدا: «هناك ناس كثيرون يخافون من الشغف، لأنه يدمر في طريقه كل ما يتعلق بالماضي التعيس!» وفي الطرف الآخر يقول مارك توين «الأمر أشبه بأن ينتهي شغفك فجأة، أن يتساوى بنظرك كل شيء، كل شيء دون استثناء، لن يصبح باستطاعتك سوى النوم ومراقبة ما يحدث دون ردة فعل تذكر».

لما يولد الشغف تجاه شيء معين، يعبث الطفل الصغير بالأشياء الشغوف فيها دون ملل، والرجل الكبير يرتد عمره عشرات السنين إذا وجد الشغف، وتصبح المرأة فراشة تطير فرحا بالأشياء التي هي شغوفة بها، وهذا الشغف يكون نحو الماديات كالثراء والسفر والحياة، وقد يكون عاطفيا كالحب والصداقة، قد يكون عقليا كالقراءة والكتابة والتأليف، وقد يكون روحيا كالتصوف وقد يكون تواصليا مع الناس والحياة والطبيعة والأشياء من حولنا.

أما أثر الشغف، فهو يعيد ترتيب حياتك، ويعيد المعنى لها، وتستيقظ تبحث عن حياتك الجديدة التي اكتشفتها للتو، وتذهب إلى سريرك وكل تفكيرك حوله، ولا تفارقك ابتسامتك شغفا فيه، وكما يقال، الشغف بالكاد يسيطر عليه الإنسان لأنه عاطفة متقدة!

أخيرا هذه بعض التلميحات حتى لا يموت الشغف فيك:

• اليأس والشغف ليسا صديقين وقليلا ما اجتمعا في شخص، فإن دخل اليأس خرج الشغف وإن دخل الشغف رحل اليأس فاختر لنفسك أيهما تريد أن يبقى وأيهما تريد أن يرحل!

• يموت الشغف إذا ربطت الشغف في الشباب، أو حددت له جغرافيا معينة، أو عقدت بينه وبين الجنس الآدمي بصلة، فالمرأة يقودها شغف لا يقل عن شغف الرجال، والكبار لهم شغفهم الخاص الذي لا يقل جمالا عن شغف الشباب، وللمتقاعدين الجميلين شغف الصباح والفراغ والنشاط والروح التي لا تتهيأ ظروفها للرجل الموظف.

• الشغف يهدأ ويصدأ وينسى ويهرم ويموت وينمو ويتآكل، وكل أفعال الحركة يتعرض لها، لذلك احرص على العناية به، حتى لا تتعرض للهرم والتعب والإرهاق فيخبت نوره في داخلك فيصعب إيقاظه حتى يوقظ لك إنسانا لطيفا يبعثه من جديد فيك!

• ولا تنس أن معرفة الشغف والطريق إليه، واكتشاف أساليبه طريق الحفاظ عليه، وأن أكثر ما يخشى الإنسان عليه هو ألا يتعرف عليه أصلا فلا يصادفه في طريقه أبدا فهذه هي التعاسة التي حذر منها العقلاء!.

Halemalbaarrak@