بندر عبدالعزيز المنقور

التعليم الزائد خطر!

الاثنين - 12 يوليو 2021

Mon - 12 Jul 2021

لقد حققت المملكة بعض النجاحات في المشاريع التعليمية طوال السنوات الأخيرة الماضية، ولكنها - في رأيي - لا تتناسب مع مستوى الجهد والمال المبذولين لإصلاح التعليم، فما زالت الحاجة إلى إصلاح التعليم مستمرة ومتزايدة.

كما تؤكد الدراسات ضعف المخرجات التعليمية وعدم جاهزيتها للمساهمة في التحول الاقتصادي المطلوب؛ وبالتالي فالخريج غير مؤهل لمواجهة التحديات وغير قادر على أن يكون منافسا في ميادين التأليف والبحث والتطوير، مواجها تحديات الحياة، فالكثير من طرق التعليم لدينا يعتمد بشكل كبير على التلقين والحفظ بدلا من التركيز على تنمية مهارات الإبداع والابتكار والتحليل والاستنباط والتفكير خارج الصندوق، لذلك فهي معطلة للتحليل وقاتلة لإبداع الطلبة!

يرى الأب الروحي للتعليم الفنلندي (الدكتور باسي سالبرغ) وجوب التخلص من «جراثيم التعليم» والتي منها: تكثيف المواد، كثرة الاختبارات والواجبات، إطالة أوقات الدوام، الدراسة المنزلية، والدروس الخصوصية؛ فهو يرى أنها ممارسات غير تربوية من شأنها إرهاق الأستاذ والتلميذ معا وإضعاف عملية التعليم ككل، هناك أيضا دروس ومعلومات تفصيلية لا ينتفع منها الطالب في واقعه وتنمية قدراته ولا يتناولها إلا أهل التخصص الدقيق (كما تسمى المعرفة المعزولة)، فأنا دائما ما أتساءل: ما هي جدوى بعض هذه المناهج ومنفعتها للطلاب؛ لاسيما إذا كانت بعيدة عن الواقع؟!

لقد تزعمت فنلندا العالم في قائمة أفضل الأنظمة التعليمية، وحاز طلابها أفضل الدرجات في المحافل العالمية؛ ولذا جميل أن نتعلم من تجربة فنلندا مع إضافة ما هو صالح لأمتنا وثقافتنا العربية والإسلامية، ونشدد على الثوابت الإسلامية، وتنمية الأخلاق الفاضلة، وغرس القيم الدينية والاجتماعية في نفوس أبنائنا، والاعتزاز باللغة العربية وتقوية مهارات استخدامها في الحياة، مع الاهتمام بالآداب والثقافة العربية الأصيلة.

مع الأسف، توجد ظاهرة الاعتماد الكلي على المستشار الأجنبي الذي يقدم نصائح تربوية بزعم أنها ناجحة وجاهزة؛ وباعتقادي أنه لا يوجد نظام تعليمي ناجح بذاته؛ فلو كان الأمر بهذه البساطة، لصمم خبراء التعليم نظاما تعليميا واحدا من كل أنحاء العالم ليباع لباقي الدول، فالنظام الفنلندي يعد ناجحا لأنه صمم ليتناسب مع فنلندا، والنظام السنغافوري ناجح لأنه صمم لسنغافورة.. إلخ؛ إذ لا يمكن اجتزاء جزء من نظام تعليمي وتطبيقه في مكان محدد وتوقع نفس النتائج؛ لذا نستطيع أن نعمل معا بالخبرات المحلية لبناء نظام تعليمي خاص يتناسب مع ظروفنا وواقعنا التعليمي.

وفقنا الله وإياكم لكل خير.

[email protected]