طلال الشريف

نحن والسلطنة علاقة المصير الواحد

السبت - 10 يوليو 2021

Sat - 10 Jul 2021

ترتبط المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان بروابط جغرافية وتاريخية وسياسية عميقة، وتمثل كل دولة للأخرى أهمية قصوى في علاقاتها المشتركة ومصيرها الواحد، وكأي علاقة من العلاقات بين الدول مرت عبر تاريخها الطويل بمراحل من التعاون المميز أبرزها وجود الدولتين في منظومة مجلس التعاون الخليجي، والمنظور السياسي المتقارب لكليهما في النأي عن التدخلات السياسية لدول الجوار والمحافظة على التوازنات الإقليمية، ومرت بمراحل أخرى من الركود الناتج عن تباين وجهات النظر السياسية تجاه العلاقة مع إيران على وجه الخصوص.

والواقع أن الدولتين تشكلان ثقلا إقليميا ودوليا في المحافظة على استقرار المنطقة والحد من أطماع بعض القوى الإقليمية وخاصة إيران حتى وإن تباينت أساليب مواجهة التهديدات تبعا لقوة كل منهما ومكانتها ومنظورها في تحقيق مصالحها والمحافظة على كيانها ووجودها السياسي، ونجحت المملكة العربية السعودية في تفهم واحترام السياسة الخارجية العمانية واستمرار علاقات التعاون المشترك، ويحسب للسياسة الخارجية لسلطنة عمان عدم معارضتها لدور المملكة العربية السعودية في المنطقة، حتى وإن التزمت الحياد في بعض المواقف والقضايا المشتركة - وهو حقها المشروع- وإبقائها على علاقات التعاون لإدراكها بمكانة المملكة العربية السعودية ودورها وثقلها الإقليمي وعمقها الاستراتيجي لدول الخليج كافة بما فيها سلطنة عمان.

وتشهد العلاقات بين الدولتين في الآونة الأخيرة تحولات نوعية وجذرية في مجال التعاون السياسي والاقتصادي ونشاطا مكثفا من العمل المشترك بغية تعزيز مكانتهما والمحافظة على مصالحهما المشتركة، بدأت بزيارة خادم الحرمين الشريفين لسلطنة عمان بتقديم واجب العزاء في السلطان قابوس وتهنئة السلطان هيثم بتولي مقاليد الحكم، وتبادل الزيارات وتكثيفها، وتبعها تصريح السلطان هيثم بن طارق بأن السلطنة تتطلع إلى تعزيز العلاقات مع المملكة العربية السعودية في شتى المجالات، وأخيرا دعوة خادم الحرمين الشريفين لسلطان عمان لزيارة المملكة العربية السعودية وتتويج تلك الجهود بعقد العديد من الاتفاقيات والشراكات والبروتوكولات لخدمة مصالحهما المشتركة.

ولذلك فالعلاقات السعودية العمانية علاقة ضرورية وحتمية ليس لصالح البلدين فقط وإنما لصالح كل دول المنطقة والعالم أجمع، وفاعليتها ستنعكس على مجلس التعاون الخليجي وتعزيز مكانته وعلى أمن الخليج العربي والأمن والسلم الدوليين، ويبقى دور سلطنة عمان حيويا ومقدرا على المستوى السياسي في الأزمة اليمنية منذ عام 2011 بتأييدها للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ودعمها المستمر لمسار الحل السياسي وتأييدها لشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته، ودورها في أزمة العلاقات الدائمة والمتوترة لدول الخليج مع إيران بحكم موقعها الجيوستراتيجي وطبيعة ونمط سياستها الخارجية وعلاقاتها مع إيران لتكون النافذة القوية في خلق وإيجاد علاقات متوازنة بين دول الخليج وإيران.

ولا أبالغ في القول إن قلت إن العلاقة السعودية العمانية هي العلاقة الأهم في المنطقة والتي يترتب عليها بقاء المنطقة في مأمن من التدخلات الخارجية والإسهام في حفظ الاستقرار للدول المجاورة، وهو ما تدركه القيادات السياسية للبلدين في هذه المرحلة الحساسة والحرجة وخاصة مع الدور التوسعي الإيراني المغذي للفئات المتطرفة والميليشيات المسلحة والمهدد لأمن واستقرار دول المنطقة وطرق الإمدادات العالمية، ويعول العالم أجمع على فاعلية العلاقات السعودية العمانية ودورها في الحفاظ على استقرار المنطقة.

وستخلق المشروعات الاقتصادية المشتركة التي تحت التنفيذ والمزمع تنفيذها فرصا عظيمة للبلدين بما يساعد على تحقيق رؤيتيهما في 2030، و2040 وفتح آفاق جديدة في العلاقات على مختلف المستويات الأخرى للوصول إلى مرحلة كبيرة من التنسيق والتعاون والتكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

drAlshreefTalal@