كيف يدفع حزب الله لبنان إلى الانهيار؟

مركز أبحاث بريطاني: الميليشيات الإرهابية نشرت المخدرات والفساد واستغلت سيطرتها على وزارة الزراعة
مركز أبحاث بريطاني: الميليشيات الإرهابية نشرت المخدرات والفساد واستغلت سيطرتها على وزارة الزراعة

السبت - 10 يوليو 2021

Sat - 10 Jul 2021

فضح مركز أبحاث بريطاني دور حزب الله الإرهابي في تدمير الاقتصاد اللبناني، وضلوعه في حالة الانهيار الشامل التي تشهدها البلاد.

وتحدث تقرير معهد (تشاتام هاوس)، المتخصص في تحليل الأحداث الدولية، ومقره لندن، عن خفايا ميليشيات حزب الله بشأن غسل الأموال ومحاولة تغطيتها لجرائمها عبر ممثلين لها داخل وكالات مكافحة الفساد.. وفقا لموقع (العين) الإخباري الإماراتي.

وأوضح التقرير أن سيطرة الميليشيات على الحدود السورية اللبنانية سمحت لها بتهريب المخدرات والبضائع، بالإضافة إلى استدامة وصولها إلى الأسلحة القادمة من داعمها الدولي الرئيس إيران، وقال «بينما يتفشى الفساد في النظام السياسي اللبناني، صور حزب الله نفسه دائما بأنه فوق الفساد».

نقل المخدرات

وأشارت مديرة قسم الشرق الأوسط في المركز لينا خطيب، إلى أن ما يفرق فساد حزب الله عن فساد الأحزاب السياسية الأخرى هو دوره في الأنشطة العالمية غير المشروعة، ونقلت عن شاهد عيان قوله، «إن حزب الله استغل سيطرته على وزارة الزراعة لنقل المخدرات مع تزوير الأوراق الخاصة بوسائل النقل التي تفيد بأن البضائع غير المشروعة هي بذور تستخدم في الزراعة».

وتابعت «بالخدمة المدنية، يستطيع حزب الله والأحزاب الأخرى بالحكومة اللبنانية استخدام الوزارات لتحقيق مصالحها الخاصة»، مشيرة إلى أن النفوذ الذي يتمتع به حزب الله على الخدمة المدنية هو بمثابة قناة أخرى لتحقيق الأرباح، كما الحال مع الأحزاب الأخرى في لبنان، مؤكدة أن المدير العام لكل وزارة يستطيع الوصول لأموال مخصصة يمكن استخدامها بدون توقيع الوزير.

إضعاف الدولة

وتابعت «يسمح ذلك لحزب الله، بالوصول للأموال بغض النظر عمن هو الوزير في أي وقت، وتحصل الأحزاب في الحكومة، من بينها حزب الله، على مثل تلك الأموال من خلال وجود وزراء يقدمون منحا للمنظمات غير الحكومية (بعضها قد يكون وهميا) التابعة لهم».

وأوضحت أنه في حين يعد حزب الله عاملا مساهما في ضعف الدولة اللبنانية، فهو أيضا نتاج النظام السياسي في لبنان، لافتة إلى أنه مع استمرار وجود النظام السياسي الحالي هناك، لن يكون ممكنا عكس سيطرة الجماعة على لبنان.

ومع تصنيف عدة دول غربية للجماعة إرهابية، فإن سيطرته على السلطة ستحرم لبنان من المساعدات الخارجية التي يعتمد عليها.

وأشار التقرير إلى أن وضع حزب الله كطرف هجين يتمتع بشرعية الدولة في لبنان، ويعمل داخل الدولة وخارجها بدون أن يكون مسؤولا أمامها، علما أن وصفة الهجين تعني أن حزب الله يتمتع بالسلطة، لكن دون مسؤولية.

ظلام دامس

وعلى صعيد متصل، كتب المحلل ألون بن دافيد، أنه من الحدود الشمالية يمكن بالعين المجردة رؤية الظلام الذي يهبط على لبنان، فبعد غياب الشمس، غرقت قرى الجنوب في ظلام شبه دامس.

وفي المناطق التي يسيطر عليها الحزب، أضاءت الفوانيس نورا قويا، والدولة التي أملت ذات مرة في ان تكون سويسرا الشرق الأوسط تبدو الآن أكثر شبها بغزة، حين غدت الحمير لنقل البضاعة الأكثر طلبا في الدولة، بغياب الوقود لتحريك وسائل مواصلات أخرى.

ويؤكد أن الرأي السائد هو أن الأزمة كفيلة بأن تشكل فرصة لإيران للظهور كمخلص للبنان أو لتشجيع (حزب الله) على السيطرة علنا على ما تبقى من الدولة اللبنانية، غير أن خطوات كهذه ستنهي نهائيا احتمال أي مساعدة دولية وتدفن لبنان عميقا تحت التراب.

صعوبة الطعام

ولفت بن دافيد إلى أن الحكومة اللبنانية التي اقترضت على مدى السنين بلا غطاء وأعادت جدولة ديونها بلا انقطاع، كانت تعرف أنه سيكون ثمة أحد ما في النهاية يوفر لها حقنة الحياة، ولكن بعد سنة من حكومة تصريف أعمال وبغياب القدرة على تأليف حكومة جديدة، اكتشف اللبنانيون أنه في عصر كورونا مل الفرنسيون والأمريكيون بل والسعوديون من إلقاء المال في الثقب الأسود الذي فتح في المكان الذي كانت فيه ذات مرة دولتهم.

ومع راتب يساوي اليوم عشر ما كان يساويه قبل سنتين، فان مواطني لبنان العاملين أيضا يجدون صعوبة لإطعام أنفسهم، ناهيك عن ملء خزان الوقود في سياراتهم. وهم يختنقون في بيوتهم في الحر الشديد بدون مكيف، وفي الصيدليات نفدت حتى الأقراص المضادة لوجع الرأس.

المال والنفط

ويرى أن جنود الجيش اللبناني الذين عملوا كدرع على طول الحدود في حملة (حارس الأسوار مطالبون بأن يجمعوا لأنفسهم المواد الغذائية الأساسية، فالراتب العسكري الذي كانت قيمته في الماضي نحو 500 دولار، يساوي الآن نحو 50 دولارا، وهم ينظرون بعيون تعبة إلى مقاتلي (حزب الله) الذين يواصلون تلقي أجورهم وغذاءهم كالمعتاد.

ويتوقع البعض عدة سيناريوهات للخروج من الأزمة، بداية من توسيع مناطق الحكم الذاتي تحت سيطرة (حزب الله) وحتى السيطرة العلنية والمطلقة للحزب على كل مؤسسات الحكم، بإسناد إيراني، غير أنه ليس للاقتصاد الإيراني المتعثر القدرة على انتشال لبنان، ويجمع الكثيرون على ضرورة ألا يتم إنفاق دولار واحد على لبنان، طالما يواصل حزب الله إقامة مشاريع الصواريخ الدقيقة في قلب بيروت.

انفجار الغضب

وأكد بن دافيد أن حزب الله يبدو كأنه يهرب من هذه الأزمة، فأساس خطابه هذا الأسبوع كرسه نصرالله بدروس المعركة الإعلامية حيال إسرائيل في أثناء حملة (حارس الأسوار)، وفقد نزعة المغامرة لديه تجاه إسرائيل بالضبط قبل 15 سنة، حين أنزل سلاح الجو 24 طنا من المواد المتفجرة في الضاحية الجنوبية، وهو لا يبدو كمن يشتاق لإعادة التجربة، والوضع الداخلي في لبنان يفرض عليه فقط المزيد من ضبط النفس.

يعرف نصرالله أن الغضب المتصاعد بين اللبنانيين كفيل قريبا بأن ينفجر ضده أيضا كونه يشكل العائق الرئيس في وجه تلقي المساعدة والاستثمارات من الولايات المتحدة وحلفائها، ويبدو الفرنسيون كمن فقد الاهتمام، فالرئيس ماكرون، الذي سارع إلى مرفأ بيروت بعد الانفجار، يرسل الآن بدلا منه وزير خارجيته ولن يسارع إلى استثمار المال الفرنسي في دولة أجنبية في سنة انتخابية. كما أن العالم العربي يئس من الاستثمار في الدولة الفاشلة.