عبدالله محمد الشهراني

مكة في هذه الأيام

الأربعاء - 07 يوليو 2021

Wed - 07 Jul 2021

(هذا مقال استخدمت فيه الدموع حبرا لكتابته)... اليوم هو 28 ذو القعدة، وهذا يعني اكتمال وصول الحجاج من الخارج بنسبة تقارب الـ90%، وأن جاهزية القطاعات الحكومية والخاصة وصلت إلى نسبة 100%.

في هذا اليوم تتوقف الدراسة في المدارس القريبة من الحرم المكي الشريف بشكل استثنائي.

في هذا اليوم مكة المكرمة مزدحمة جدا، لكن لا تجد من هو متضجر من ذلك، بل الكل مرحب وسعيد ومساعد. أهل مكة في هذه الأيام يتركون صدر المجلس -الحرم الشريف- للضيوف -الحجاج- إكراما لهم وحفاوة بهم.

في هذه الأيام يكثر من يمد يده إليك، طالبا منك قراءة ما هو مكتوب على السوار الملفوف حولها، والذي يحتوي على عنوان سكنه، دلالة على أنه تائه واللغة لا تخدمه ولا تخدم من يمكن أن يساعده، لكن الأكيد أن السائل يعلم يقينا بأنه في أيد أمينة، ويأتي الرد: (شوف يا حاج، روح طوالي وبعدين أمشي كثير، بعدين روح يسار ... ولا أقول لك تعال معايا).

في مثل هذه الأيام يكون الرجال قد باشروا العمل ولحق بهم الأبناء في ميادين الشرف والعطاء، للمجتمع نظرة قاسية لذلك الشاب الذي يظل باقيا في منزله في هذه الأيام.

في عرفة نصبت الخيام وتم تمديد الكهرباء وانتهت أعمال السباكة، وبدأ توريد المواد الغذائية إلى المخيمات في منى، فالكل يخشى أن يتأخر وأن تغلق المشاعر المقدسة ويمنع دخول السيارات غير المرخصة إليها (طبعا مين قده صاحب السيارة اللي عليها استكر الحج ... يحس نفسه VIP).

في مثل هذه الأيام الكل يتمنى أن يكون شهر ذو القعدة 30 يوما، فالأعمال كثيرة والوقت ضيق. في مثل هذه الأيام تكون شركات النقل -الباصات- منهمكة في استقبال الطلبات من المؤسسات والمطوفين عن طريق النقابة العامة للسيارات (تكفى يا فلان فكني من الشركة الفلانية وأعطيني من باصات الشركة الفلانية).

في مثل هذه الأيام ... مكة المكرمة عبارة عن خلية نحل، بين عباد في الحرم ورجال ونساء في الميدان يستشعرون الفخر والمسؤولية وتملؤهم السعادة وهم في أجواء بطحاء مكة الحارقة في الظهيرة، تجمعهم صداقة مع (الناموس) في المشاعر المقدسة. الحج يعد مصدر دخل للبعض ويعتبر عند الأهالي مدرسة يحرصون على زج أبنائهم فيها، حيث يجتمع الأجر والعمل والعلم.

قصدت يوم الأحد الماضي حي العزيزية في مكة، ووجدته مقارنة بما عهدته - في مثل هذه الأيام من كل عام - شبه خاو. خنقتني العبرة في الحقيقة، وسألت الله تعالى أن يرفع عنا وعن المسلمين هذا البلاء.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.

الحج حب ... وكيف يكون الألم عندما يبعد المحب عن المحبوب 1100 يوم!.

ALSHAHRANI_1400@