عبدالحليم البراك

مدن الحديد والإسمنت والأسفلت!

الاثنين - 05 يوليو 2021

Mon - 05 Jul 2021

في وقت تتحول فيه المدن إلى الأنسنة، تتزايد كتل الإسمنت والأسفلت والحديد في المدن، في وقت يحتاج الإنسان أن يعود للبيئة، تتكاثر الصناعة فتغلب قوى الإنسان؛ ليكبل بقطع من الصلد والمصنوع وغير الطبيعي، في وقت نبحث عن الأكسجين وما يولد لنا الأكسجين، تتضاعف كميات الكتل الصماء التي لا روح فيها ولا حياة؛ فإن لم تأخذ الأكسجين وتعط ثاني أكسيد الكربون وتسرق الحياة؛ فهي على حياد غير مقبول!

الحديد: لن أتحدث عن المدن كموضوع تنموي، بل كروح تشارك الإنسان الحياة؛ فالحديد يشارك الإنسان المدن، يفتخر الإنسان بجسر معلق من الحديد، وكان الأجدى أن يكون جسرا معلقا من حبال وممشى، والشارع مليئ بالحديد أيضا؛ فالأعمدة الحديدية في كل مدينة تكاد تتراص فوق الأرصفة لتشكل تشوها للعين والروح، إليك قائمة ببعض أعمدة الحديد المتراصة في كل رصيف، أقول بعضها وليس كلها: فعمود من حديد للإنارة، وعمود من حديد للإشارة الضوئية، وعمود من حديد للعلامات المرورية، وعمود من حديد للكاميرات الأمنية، وعمود من حديد للكاميرات المرورية، وأعمدة من حديد للإعلانات الصغيرة والكبيرة، تتراص أعمدة الحديد، وبسبب كثرتها وتعددها صارت العين تقبل هذا التشوه برضى، والحقيقة يمكن أن تجتمع اللوحات الإرشادية والكاميرات وأعمدة الإنارة، وأسماء الشوارع على نوع من الأعمدة هي أعمدة الإنارة التي لا مناص منها، والباقي يلحق بها!

الإسمنت: كيف تحولت المدن لكتل من الإسمنت، قد لا يكون هناك خيار لبناء البيوت إلا من الإسمنت، لكن لماذا تحضر كتل الإسمنت في مناطق لا حاجة لها، أسوار البيوت من إسمنت بدلا من الأشجار التي يمكن أن تكون سورا، أسوار المزارع بالإسمنت بدلا من الأشجار أو حتى منتجاتها، التحويلات المرورية لم يفكر أحد باستبدال كتل الإسمنت بكتل جميلة من الأشجار والزينة وأحواضها بدلا من كآبة كتل الإسمنت المتراصة، واستبدلنا المسطحات الخضراء في الأماكن العامة بكتل جمالية من الإسمنت حتى فقدنا قيمة الجمال فيها ولم يبق إلا الإسمنت، والإسمنت فقط!

الأسفلت، فإذا كان قدرنا ألا نمشي إلا على الأسفلت، فلا أقل من مما يسمى ممرات أن يكون بشيء آخر غير الإسمنت كـ(الأنترلوك) لنفر من الأسفلت الذي ملأ الدنيا والوجود إلى استراحة أو حديقة، وتلك الطرق التي خصصت للممشى الناس، بدلا من كتل الأسفلت المرصوصة بالأرض حتى لو مشت عليها السيارات، لماذا لا نتصالح مع السيارة التي تسير على الرمل بدلا من كتل الإسفلت، بل وصل الأمر ببعضنا أن يدخل الأسفلت لداخل الفلل الكبيرة والمزارع بدلا من العودة للأرض والحياة.

Halemalbaarrak@