أمانة الرأي

الثلاثاء - 26 يوليو 2016

Tue - 26 Jul 2016

يتجه كثير من الأفراد والمؤسسات والجهات الحكومية عند الحاجة إلى إصدار قرار معين إلى مبدأ (الرأي المشترك)، ويتم تداول الرأي بين أعضاء اللجنة أو أعضاء المجلس، أملا في إصدار قرار مؤسسي يتمتع بالحيادية.

ولا شك أن البناء الذي يقوم على هذا الأساس أقوى وأقوم، إذ هو مبدأ شرعي «وشاورهم في الأمر»، وتكامل عقلي، يؤتي ثماره -بإذن الله- يانعة.

ولكن! ما الذي يؤسفنا في وضع كثير من اللجان والمجالس من خلال واقعها العملي؟

أجزم بأن القارئ الكريم سيدرك ما أعني، لو حضر تلك الدورة التدريبية التي شاركت فيها قبل عدة سنوات، وقد كنا قرابة أربعة وعشرين قاضيا، فاستأذن المدرب نصف العدد في الخروج من القاعة، ثم عرض على البقية إحدى صور شركة مايكروسوفت، والتي اختارتها كخلفية لأجهزتها، وبدأ المدرب بنقد الصورة، وسرد سلبياتها، ثم طلب -من باب الحيادية في الرأي- تقييم جمال الصورة بالنسبة المئوية، فكان معدل التقييم: 32%.

ثم دخلت المجموعة الثانية، فعرض عليها المدرب نفس الصورة التي عرضها على المجموعة الأولى -التي غادرت القاعة- بيد أنه أثنى على الصورة وعلى اختيار الشركة لها، وسرد إيجابياتها، فكان معدل تقييم جمال الصورة عند المجموعة الثانية: 93%.

ولك أن تتصور مفاجأة المجموعتين بالنتيجة، حينما اجتمعت المجموعتان في نفس القاعة.

لذلك لا ألوم البعض حينما يتذمر من قرارات اللجان أو المجالس، إذا كانت تسودها غيمة التوجيه، ورسم الانطباع قبل تداول الرأي.

صحيح قد يكون الانسياق خلف الشخصية المؤثرة في اللجنة أو المجلس لا إراديا من بعض الأعضاء، وكفى به إثباتا على عدم أهلية العضو للكرسي الذي تربع عليه.

أما أولئك الذين جاملوا وضيعوا أمانة الرأي، بل ربما أصبح الرأي ثمنا لتبادل المنافع بينهم، وما أكثر هؤلاء!

ليسمحوا لي أن ألفت انتباههم إلى أن عجلة الحياة تدور، وأن ما فعلته اليوم ستندم عليه غدا، قال تعالى «ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون».