شاهر النهاري

جرم تشغيل وإيواء المتسللين والمتخلفين

الأربعاء - 30 يونيو 2021

Wed - 30 Jun 2021

السعودية شبه قارة، لها حدودها وشواطئها التي تفصل بيننا وبين من يسعون للتسلل إلى قلب وطننا بطرق غير نظامية، مع أن الحكومة قد سهلت الإجراءات وسرعت التقنية، ليستضاف الزائر فيها معززا مكرما، ويحصل طالب العمل فيها على بغيته، بشرط الدخول والخروج منها بطرق نظامية، وضمن صلاحية أوراقه الرسمية عاملا، ومعتمرا، وحاجا، أو سائحا بتسهيلات الفيزا السياحية الميسرة.

ولكن البعض يتحايل على ذلك، ويتهاون في خرق النظام؛ فيتسلل عبر حدود المملكة، محطما كل القوانين، التي حرصت وزارة الداخلية السعودية على ترسيمها وأنسنتها، وتطبيقها بعدالة، ودون أضرار على الجانبين.

متسربون يأتون حفاة عراة، ويستغلون أي ظرف ومكان، ويتلبسون بالحيلة، ويختبئون وسط الجبال والقرى، والمزارع، والمدن، وفئة هاربة من أعمالها، أو متخلفة عن الخروج بالطرق الرسمية تستبيح الخروق.

وكم من تباين يحدث بينهم، وبين المواطن والمقيم بجوارهم، ويكفي أنهم مخادعون، مخترقون للقوانين والنظم، وأن دوافعهم التي تحركهم يحكمها التهاون والحسد، والنقمة، والاحتيال والعمالة.

وللأسف فقد يتعاطف معهم بعض المواطنين، ويصدقون قصصهم المختلقة، ويسلمونهم أعمالا في الخفاء، وهم لا يعرفون خلفياتهم، وأي ضرر يسببونه للوطن، ببساطة هؤلاء المواطنون يساعدون من يخترق أمننا وسلامتنا، وهم شركاء معهم في أي جرم يقترفونه.

البعض منهم جواسيس، والبعض مزورون، والبعض تجار مخدرات، والبعض إرهابي يبحث عن ثغرة، والبعض يسرق من هنا، ويخرب هناك، والبعض يعترض طريق الآمنين، يسرقون السيارات، ويتسللون بين المدن، وقد يساعدهم ضعاف النفوس غير مدركين بالخطورة، وربما بنوع من الطيبة، التي يعتقدون فيها أنهم أرحم من رجال الأمن والمسؤولين والقائمين على الأمن.

البعض من المتسللين يدعي أنه لا يملك اللقمة، والخدعة قد تنطلي على قلوب بيضاء، ولكن الواقع يدعونا لغير ذلك، فليس كل جائع محتاج، وليس كل ضعيف منصرف عن الشر، وعن مشاركة العصابات، والتعدي على الآمنين، ومن الواجب عدم التهاون في الإبلاغ عنهم، وتسليمهم للسلطات، التي تعرف كيف تتعامل معهم بعدالة وإنسانية ونظام.

لو بحثت في التهريب وجدتهم، وفي السرقات لهم السبق، وفي بيع الأسلحة يبدعون، وفي عمليات العنف يحضرون، وكم شاهدنا بأعيننا شرور حكاياتهم، ومقاطع ينشرونها تحديا، ليثبتوا أنهم أقوى من الدولة، وأنهم قادرون على خلق الفساد، وجعل العبثية والفوضى تحل بأرض السلام والأمن.

رأينا الحرائق الجائرة، التي يفتعلونها في الغابات المعمرة في جنوبنا الغالي، بدوافع الحقد على بلدنا، والانتقام من كلما هو سعودي، والعجب أنهم يجدون من يثق بهم، ويصدقهم، ومن يخبئهم، أو يرحل بهم تهريبا بين المدن، متجاهلا شدة الضرر، الذي يتركونه على الوطن وأهله، وليس هنالك من مجال لتجاهل العقوبات التي تطبق بحقهم وحق من يعاونهم حال اكتشاف خيانته للوطن، والعقوبات معلنة واضحة.

رأينا المتسولين تعج بهم الشوارع، وهم يجمعون الأموال، وبعضهم يحمل الأطفال بطرق وحشية ليل نهار، ويعرضون أجسادهم للشمس الحارقة، والجفاف والمرض، وربما نتج ذلك عن اختطاف لا إنساني.

المواطن السعودي هو رجل الأمن الأول، وهو من يجب أن يتصدى لأي متسلل وكل متخلف عن إقامته الرسمية، بالبلاغ، فلا مجال للرحمة، ولا عذر للجهل أو عدم المبالاة، ولو نجوت منهم اليوم، فماذا عن الغد؟

shaheralnahari@