تباين عفاريت قماقم الثراء
الاثنين - 28 يونيو 2021
Mon - 28 Jun 2021
ندرة من البشر يصبحون مليارديرات، بطرق شتى؛ فالبعض يفتح عينه جنينا ويجد أنه ملياردير وقد يعمل طوال حياته بالجمع والضرب والنسبة لجعل ملياره اثنين وستة وربما عشرات، والبعض يتسلق من الصفر للمليار وربما يتعداه، ويغالب أهل المليارات على قوائم أكثر الناس ثراء على وجه الأرض، والبعض يخشى الأعين؛ فيرقد على بيض ملياراته خلسة وهو يفقس في شركات ومؤسسات وقطع فنية ومتاجر نفعية، وحسابات بنكية تنتقي الأمان والفوائد وصفر الضرائب.
متعة التملك صبغة بشرية نرجسية تزيد غرور الملياردير وثقته بأنه قادر على تحريك البشر والحجر وتبديل الزمان والمكان، والتحكم بأنفاس وتطلعات ومخاوف من يستمطرون سماء أمواله، ينظر إليهم من علياء، ويتلاعب بأقدارهم، مبتهج ومقتنع أنه قد بلغ الغايات والقمم البشرية، المتمنعة على غيره.
ويندر بين هؤلاء الأثرياء وجود روح العصامي النقي الأمين المسكون بتطلعات الخير الحقيقي؛ فالبعض يداعب فسادا من هنا، واحتيالا وسرقة هناك، ومغامرة مع المخدرات بمنتهى النزاهة، ونيل تسهيلات حكومية من هنا، ومقامرة هناك، واستقطاعا ووضع يد، وصراع سلطات متعارضة، ورشوة للكبار، وتبييض أموال، وبيع أسلحة، وتمكين ضرباته، والتغطية على آثار خطواته السوداء، ما يؤكد على أنه «محظوظ ابن محظوظة».
أشخاص مبدعون في تشغيل سواقي التزايد، بسياط يلهبون بها ظهور الثيران المغلقة الأعين، وهي تضاعف زخات المصب، وتتأمل بلوغ علف النهاية.
وبين هذا وذاك نجد نوعا من أندر أنواع الأثرياء، ذلك الذي ينظر للأموال نظرة مختلفة، ويدرك حكمة وجودها كوسيلة دنيوية، لرفع سقوف البشرية جمعاء، وتطوير العلوم والمعارف والمخترعات، والإتيان بما لم تأته الأوائل.
«إيلون ماسك» رجل أعمال كندي يحمل الجنسية الأمريكية، وهو من مواليد جنوب أفريقيا (يونيو 1971م)، مستثمر، مهندس مخترع، أسس شركة (سبيس إكس)، وهو رئيسها التنفيذي، والمصمم الأول فيها، وهو مالك مصانع شركة (تسلا لتصنيع السيارات الكهربائية)، الحبيبة للبيئة، ومهندسها ومديرها التنفيذي، والمشارك بتأسيس شركة التداول النقدي الشهيرة (باي بال)، ورئيس مجلس إدارة (سولار سيتي)، الطامحة لتعميم نظام النقل الفائق السرعة (الهايبرلوب)، وكل ذلك بأهداف تقليل الاحتباس الحراري، وإيجاد الطرق المبتكرة النظيفة وغير المكلفة لتوليد الطاقة ونقلها وتوزيعها على المستفيدين، وحماية جنس الإنسان من خطر الانقراض بإنشاء مستعمرات بشرية على سطح المريخ!
ماسك لديه عدد كبير من الشركات تبلغ رؤوس أموال بعضها مليارا فما فوق، وقد اختارته مجلة فوربس 2016، ليحتل المرتبة 21 في قائمة أكثر الأشخاص نفوذا في العالم، ولم يكن ليتوقف؛ فبحلول يناير 2021، قدرت صافي ثروته بما يقارب 185 مليار دولار ليصبح أغنى رجل في العالم، ولو أنه خسر بعدها 14 مليار دولار ليعود إلى المركز الثاني.
ومهما فقد من ملياراته تستمر بسمته ونظرته الذكية المشرقة، كون مشاريع الخير ورفعة البشرية عنده لا تنتهي، وأنه قد نقش اسمه في قمم تاريخ عباقرة البشرية، وتأثيره سيظل باقيا، ليس لمجرد التفاخر بحرز المليارات، ولكن كضمير وعقل حصيف نابغ حرك وأدهش العالم، ورحل بالعلوم والمعارف والاختراعات إلى أبعاد المدى.
لقد رفض أن يكون جني قمقم يرقد في أعماق الخوف، ولا أن يسكن فانوسا سحريا، ينتهي وجوده بمجرد لمسة على مشاعر الطمع والغرور والخوف.
shaheralnahari@
متعة التملك صبغة بشرية نرجسية تزيد غرور الملياردير وثقته بأنه قادر على تحريك البشر والحجر وتبديل الزمان والمكان، والتحكم بأنفاس وتطلعات ومخاوف من يستمطرون سماء أمواله، ينظر إليهم من علياء، ويتلاعب بأقدارهم، مبتهج ومقتنع أنه قد بلغ الغايات والقمم البشرية، المتمنعة على غيره.
ويندر بين هؤلاء الأثرياء وجود روح العصامي النقي الأمين المسكون بتطلعات الخير الحقيقي؛ فالبعض يداعب فسادا من هنا، واحتيالا وسرقة هناك، ومغامرة مع المخدرات بمنتهى النزاهة، ونيل تسهيلات حكومية من هنا، ومقامرة هناك، واستقطاعا ووضع يد، وصراع سلطات متعارضة، ورشوة للكبار، وتبييض أموال، وبيع أسلحة، وتمكين ضرباته، والتغطية على آثار خطواته السوداء، ما يؤكد على أنه «محظوظ ابن محظوظة».
أشخاص مبدعون في تشغيل سواقي التزايد، بسياط يلهبون بها ظهور الثيران المغلقة الأعين، وهي تضاعف زخات المصب، وتتأمل بلوغ علف النهاية.
وبين هذا وذاك نجد نوعا من أندر أنواع الأثرياء، ذلك الذي ينظر للأموال نظرة مختلفة، ويدرك حكمة وجودها كوسيلة دنيوية، لرفع سقوف البشرية جمعاء، وتطوير العلوم والمعارف والمخترعات، والإتيان بما لم تأته الأوائل.
«إيلون ماسك» رجل أعمال كندي يحمل الجنسية الأمريكية، وهو من مواليد جنوب أفريقيا (يونيو 1971م)، مستثمر، مهندس مخترع، أسس شركة (سبيس إكس)، وهو رئيسها التنفيذي، والمصمم الأول فيها، وهو مالك مصانع شركة (تسلا لتصنيع السيارات الكهربائية)، الحبيبة للبيئة، ومهندسها ومديرها التنفيذي، والمشارك بتأسيس شركة التداول النقدي الشهيرة (باي بال)، ورئيس مجلس إدارة (سولار سيتي)، الطامحة لتعميم نظام النقل الفائق السرعة (الهايبرلوب)، وكل ذلك بأهداف تقليل الاحتباس الحراري، وإيجاد الطرق المبتكرة النظيفة وغير المكلفة لتوليد الطاقة ونقلها وتوزيعها على المستفيدين، وحماية جنس الإنسان من خطر الانقراض بإنشاء مستعمرات بشرية على سطح المريخ!
ماسك لديه عدد كبير من الشركات تبلغ رؤوس أموال بعضها مليارا فما فوق، وقد اختارته مجلة فوربس 2016، ليحتل المرتبة 21 في قائمة أكثر الأشخاص نفوذا في العالم، ولم يكن ليتوقف؛ فبحلول يناير 2021، قدرت صافي ثروته بما يقارب 185 مليار دولار ليصبح أغنى رجل في العالم، ولو أنه خسر بعدها 14 مليار دولار ليعود إلى المركز الثاني.
ومهما فقد من ملياراته تستمر بسمته ونظرته الذكية المشرقة، كون مشاريع الخير ورفعة البشرية عنده لا تنتهي، وأنه قد نقش اسمه في قمم تاريخ عباقرة البشرية، وتأثيره سيظل باقيا، ليس لمجرد التفاخر بحرز المليارات، ولكن كضمير وعقل حصيف نابغ حرك وأدهش العالم، ورحل بالعلوم والمعارف والاختراعات إلى أبعاد المدى.
لقد رفض أن يكون جني قمقم يرقد في أعماق الخوف، ولا أن يسكن فانوسا سحريا، ينتهي وجوده بمجرد لمسة على مشاعر الطمع والغرور والخوف.
shaheralnahari@