هل للمال العام من نظام يحميه؟
الثلاثاء - 26 يوليو 2016
Tue - 26 Jul 2016
منحت جميع الدول والقوانين أهمية قصوى لحماية المال العام من النهب، والاختلاس، والتصرف به على خلاف ما نصت عليه الأنظمة والقوانين، كما صنفت جرائم الاعتداء عليه وفقا اتفاقية مكافحة الفساد العالمية بأنه أكثر خطرا من الإرهاب، لأن ضررها المتعدي على المجتمع من ناحية، وعلى نزاهة الوظيفة العامة والمال العام من ناحية أخرى، وما يرتبط بها من تكاليف مادية ومعنوية على الدول واستقرارها، إلى جانب تعطيل تحقيق أهداف التنمية.
وفي المملكة، الحديث عن حماية المال العام ليس جديدا فهناك لوائح، وأنظمة وتعليمات للتصرف بالمال العام منذ عشرات السنين، وهناك مشروع نظام مقترح لحمايته بدأ الحديث عنه قبل 16 عاما منذ أن صدر أمر سام يقضي بدراسة حماية المال العام عبر تشكيل لجنة خاصة لتنفيذ الأمر السامي وتشريع نظام يختص بحمايته، وتجريم الاعتداء عليه وتحديد العقوبات اللازمة لمخالفة أحكامه، لكن هذا المشروع الذي صفق له المجتمع طويلا قبل 16 عاما لا يزال رهينا لتباين وجهات النظر بين الجهات المعنية بدراسته (مجلس الشورى، هيئة الخبراء في مجلس الوزراء)، وأخذ ورد بينهما منذ أن أقر مجلس الشورى صيغته الأولى في صفر 1426هـ، ليعاد مرة أخرى من قبل هيئة الخبراء للمجالس بمراجعته وتعديل بعض فقراته، لتقر هذه التعديلات مرة أخرى في 1428هـ، قبل أن يُسحب وتعاد دراسته من جديد، ومنذ ذلك الحين ومشروع النظام متعثر لا أحد يعلم متى سيرى النور.
الحقيقة، أن تعثر إقرار مشروع نظام حماية المال العام رغم أهميته في ظل تواضع وتقادم لوائح وأنظمة وتعليمات التصرف بالمال العام، واحد من أبرز الشواهد والأدلة الحية على بطء سن التشريعات والأنظمة، وهي عموما ليست صفة حسنة، بل تعد عيبا تشريعيا وإداريا، وبالمناسبة طول مدة الدراسة لمشاريع الأنظمة المقترحة التي تصل في بعض الحالات إلى عشرات السنين مشكلة رئيسة تواجه سن التشريعات والأنظمة في المملكة عموما، ومهما حاولنا تبرير ذلك لا أتوقع أن العقل والمنطق سيقبلان بهذه التبريرات لأنها خارج دائرتهما.
تأخر إقرار مشروع بذات الأهمية، يطرح أسئلة منطقية، أجوبتها لدى مجلس الشورى وهيئة الخبراء وحدهما، فهل من المعقول أن يستغرق إقرار تشريع بمثل أهمية نظام حماية المال العام قرابة العقدين (16 عاما)؟ ألهذا الحد التباين كبير بين رؤية مجلس الشورى وهيئة الخبراء ليقضي عشرة أعوام في أروقتهما دون التوصل إلى صيغة توافقية للمشروع؟ حتى في حال كان هذا التباين كبيرا فإن عشرة أعوام كافية لخلق نظام جديد من العدم يتناسب مع الرؤيتين، وكل ما سبق يقود للسؤال الأهم لماذا لا يمنح أولوية في الدراسة والمراجعة والجدولة على قائمة أعمالهما مقارنة ببعض مشاريع الأنظمة التي لا يضر تأجيلها؟ والخوف كله أن يصدر النظام بعد كل هذا الانتظار بأقل من التوقعات والآمال التي بُنيت عليه.
بالتأكيد، لا أحد يختلف على أهمية حماية المال العام، ولا أحد يتمنى تأخر صدوره أكثر مما حصل، لأن دوره ليس مقصورا على حفظ المال العام من السرقة والاختلاس، بل يدخل فيه حمايته من المبالغة في المناقصات الحكومية، والموافقة على عقود بكلفة أعلى من التكلفة الحقيقية للمشروع، لا سيما أنه يتضمن إجراءات وقائية وأخرى تأديبية.
المهم أن تعثر مشروع حماية المال العام يكشف أن هناك خللا في تقييم أهمية مشاريع الأنظمة، فالجميع يدرك أن مشاريع الأنظمة التي تدرس تعد على مستوى الأهمية، لكن هذه الأهمية تتفاوت من نظام إلى آخر، ومثل نظام حماية المال العام لا يمكن أن يصنف إلا في قائمة الأنظمة شديدة الأهمية التي لا تقبل التأجيل أو التعثر في ظل مطالبات الجهات الرقابية بسرعة إقراره لمساعدتها في أعمالها.
[email protected]
وفي المملكة، الحديث عن حماية المال العام ليس جديدا فهناك لوائح، وأنظمة وتعليمات للتصرف بالمال العام منذ عشرات السنين، وهناك مشروع نظام مقترح لحمايته بدأ الحديث عنه قبل 16 عاما منذ أن صدر أمر سام يقضي بدراسة حماية المال العام عبر تشكيل لجنة خاصة لتنفيذ الأمر السامي وتشريع نظام يختص بحمايته، وتجريم الاعتداء عليه وتحديد العقوبات اللازمة لمخالفة أحكامه، لكن هذا المشروع الذي صفق له المجتمع طويلا قبل 16 عاما لا يزال رهينا لتباين وجهات النظر بين الجهات المعنية بدراسته (مجلس الشورى، هيئة الخبراء في مجلس الوزراء)، وأخذ ورد بينهما منذ أن أقر مجلس الشورى صيغته الأولى في صفر 1426هـ، ليعاد مرة أخرى من قبل هيئة الخبراء للمجالس بمراجعته وتعديل بعض فقراته، لتقر هذه التعديلات مرة أخرى في 1428هـ، قبل أن يُسحب وتعاد دراسته من جديد، ومنذ ذلك الحين ومشروع النظام متعثر لا أحد يعلم متى سيرى النور.
الحقيقة، أن تعثر إقرار مشروع نظام حماية المال العام رغم أهميته في ظل تواضع وتقادم لوائح وأنظمة وتعليمات التصرف بالمال العام، واحد من أبرز الشواهد والأدلة الحية على بطء سن التشريعات والأنظمة، وهي عموما ليست صفة حسنة، بل تعد عيبا تشريعيا وإداريا، وبالمناسبة طول مدة الدراسة لمشاريع الأنظمة المقترحة التي تصل في بعض الحالات إلى عشرات السنين مشكلة رئيسة تواجه سن التشريعات والأنظمة في المملكة عموما، ومهما حاولنا تبرير ذلك لا أتوقع أن العقل والمنطق سيقبلان بهذه التبريرات لأنها خارج دائرتهما.
تأخر إقرار مشروع بذات الأهمية، يطرح أسئلة منطقية، أجوبتها لدى مجلس الشورى وهيئة الخبراء وحدهما، فهل من المعقول أن يستغرق إقرار تشريع بمثل أهمية نظام حماية المال العام قرابة العقدين (16 عاما)؟ ألهذا الحد التباين كبير بين رؤية مجلس الشورى وهيئة الخبراء ليقضي عشرة أعوام في أروقتهما دون التوصل إلى صيغة توافقية للمشروع؟ حتى في حال كان هذا التباين كبيرا فإن عشرة أعوام كافية لخلق نظام جديد من العدم يتناسب مع الرؤيتين، وكل ما سبق يقود للسؤال الأهم لماذا لا يمنح أولوية في الدراسة والمراجعة والجدولة على قائمة أعمالهما مقارنة ببعض مشاريع الأنظمة التي لا يضر تأجيلها؟ والخوف كله أن يصدر النظام بعد كل هذا الانتظار بأقل من التوقعات والآمال التي بُنيت عليه.
بالتأكيد، لا أحد يختلف على أهمية حماية المال العام، ولا أحد يتمنى تأخر صدوره أكثر مما حصل، لأن دوره ليس مقصورا على حفظ المال العام من السرقة والاختلاس، بل يدخل فيه حمايته من المبالغة في المناقصات الحكومية، والموافقة على عقود بكلفة أعلى من التكلفة الحقيقية للمشروع، لا سيما أنه يتضمن إجراءات وقائية وأخرى تأديبية.
المهم أن تعثر مشروع حماية المال العام يكشف أن هناك خللا في تقييم أهمية مشاريع الأنظمة، فالجميع يدرك أن مشاريع الأنظمة التي تدرس تعد على مستوى الأهمية، لكن هذه الأهمية تتفاوت من نظام إلى آخر، ومثل نظام حماية المال العام لا يمكن أن يصنف إلا في قائمة الأنظمة شديدة الأهمية التي لا تقبل التأجيل أو التعثر في ظل مطالبات الجهات الرقابية بسرعة إقراره لمساعدتها في أعمالها.
[email protected]