أحمد الهلالي

الإعصار المعمم سيجتاح المنطقة العربية!

الثلاثاء - 22 يونيو 2021

Tue - 22 Jun 2021

المشروع الإيراني يحاول التماهي مع كل المتغيرات العالمية والإقليمية، ويحاول بكل طريقة الظهور بمظهر الكيان السياسي النقي، وغالبا ما ينجح في محاولاته إلا في أمر واحد فقط، فكل مؤشرات تحركاته تشير نحو (الخراب) لا غير الخراب، فلا يمكن أن يتحقق الحلم الإيراني إلا على أنقاض المنطقة برمتها، ولا شيء آخر غير ذلك، وهذا ما تنبهت إليه السعودية منذ الثمانينيات، لكن كثيرا من العرب ما يزالون مترددين متشككين، ربما حتى (يقع الفاس في الراس).

يتظاهر الإيرانيون بديمقراطيتهم التي دافع عنها المرشد ولام منتقديها وانتقدهم بأنهم لا يملكون مثلها، هذه الديمقراطية التي تتفصل على مقاس كل مرحلة من مراحل مشروعهم الاستراتيجي، والغاية التي تبرر كل الوسائل، فإن ارتفعت نسبة الشفافية لمآرب سياسية واقترب قليلو الإيمان بمشروع الملالي من التأثير على الداخل، لفقوا لهم التهم كما فعلوا بعدد من المعارضين والإعلاميين الذين زجوا بهم في السجن في انتخابات 2013 وما بعدها، وإن اعترض الشعب ونظم الشباب التظاهرات المنددة بسياساتهم قمعوهم وأرهبوهم بمشانق الرافعات.

تحاول إيران ما استطاعت أن تظهر زورا نظيفة اليدين من خراب المنطقة، وتصوير الخراب والحرائق التي تشعلها في كل بلد عربي إلى تخلف أهله وهمجيتهم، فمع أنها اللاعب الرئيس لكنها تحاول ألا تظهر مباشرة في صورة خراب العراق ولبنان وسوريا واليمن، فقد أطلقت عنان قاسم سليماني بصفته العسكرية فقام بكل الأدوار البشعة التي تريدها، وحين اغتالته أمريكا لم يكن إسماعيل قاآني بمستوى قدراته وتأثيره، ولزيادة التوتر الداخلي، ولارتياح النظام إلى سياسات الديمقراطيين الأمريكيين دفع المرشد بمرشحه رئيسي رغم تاريخه المرعب ليتولى مقاليد السلطة، ما ينذر بمرحلة جديدة من الخراب ورفع مستويات العنف في المنطقة العربية.

كانت الطائرات المسيرة الـ17 التي أطلقها الحوثيون على السعودية، والصاروخ الباليستي الموجه إلى مكة المكرمة، في يوم فوز رئيسي رسالة واضحة المعالم بأن إيران تتجه إلى التصعيد وتجنح إلى العنف أكثر من جنوحها إلى مسالمة الجيران، وما كلمات وزير الخارجية ظريف المتحدثة عن السلام مع الرياض إلا ضرب من ضروب المكر المعتاد، كما أن اختيار مكة وجهة للصاروخ الباليستي يأتي رسالة إلى الأتباع والأذناب العرب أن المشروع الإيراني ماض إلى وجهته التي رسمها الخميني منذ اندلاع ثورته وحلمه المشؤوم.

المنطقة مهيأة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى مزيد من التوتر، ومزيد من العنف بعد انتخاب رئيسي (الجلاد) بتاريخه المظلم، وانتخاب نفتالي بينيت من اليمين الإسرائيلي المتشدد، وسيولة الموقف الأمريكي في عهد بايدن الذي يكرر سياسة أوباما مع النظام الإيراني ويرفع بعض العقوبات التي أقرها سلفه على إيران، ويتعهد بمواصلة التفاوض على النووي الإيراني، ويسحب بعض قدرات القوات الأمريكية في المنطقة، الأمر الذي دفع خامنئي إلى تسريع خطوات حلمه قبل أن يموت، فالوقت لم يعد يسعفه لكبر سنه من جهة، ومن جهة أخرى لأن الداخل الإيراني على شفير الانفجار، فجازف بكل أوراق الشر مهتبلا الحقبة البايدنية، فإما تحقيق الحلم بإشعال المنطقة، أو سقوط مشروع (الحلم الإيراني).

المرحلة أيضا محملة بقتامة التحالف بين تنظيم الإخوان المسلمين والملالي، شاهدنا استعراض ذلك التحالف في حرب غزة الأخيرة، واختبار خامنئي لولائهم بزيارة الوفد الحمساوي للحوثي، فقد يئس الإخوان من وعود الخليفة المزعوم، البارع في الخطابات العاطفية، وتطويعهم مطايا للتغلب على مشكلاته الاقتصادية دون تحقيق أحلامهم في المنطقة، وتضاعف يأسهم بعد المصالحة الخليجية، فكان التحالف مع الشيطان الفارسي خيارهم المطروح للعودة إلى المشهد، وكعادتهم سيعملون مطايا للمشروع الفارسي في المنطقة، وهذا التحالف ينذر جميع العرب أنهم ليسوا بمنأى عن يد الخراب الإيرانية، فالإخوان منتشرون في كل الدول العربية، يأتمرون بأمر مرشدهم، المؤتمِر بأمر المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران.

نحن على ثقة بحكمة قيادتنا والقيادات الخليجية والعربية التي تعي الأخطار المحدقة بالمنطقة العربية، وتعلم يقينا أن من بوادرها ضعف الجيش اللبناني الذي سيفسح المجال لتولي حزب الله مقاليد حكم لبنان بعد انفلات الأمور (المخطط له) كما حدث في اليمن، وتنامي صناعة المخدرات المقلق في لبنان، وزيادة وتيرة العنف في اليمن، وإرهاصات عودة داعش إلى المشهد العراقي، لتطهير العراق من المكون السني، وليس انتهاء بالارتماء الإخواني في حضن الغول الفارسي.

ahmad_helali@