رونالدو- كوكا كولا الرعاية الإعلانية والتوافق المعنوي قبل المادي
الاثنين - 21 يونيو 2021
Mon - 21 Jun 2021
بعيدا عن المستطيل الأخضر لملاعب كرة القدم الشهيرة، وتحديدا في المؤتمرات الصحفية لبطولة كأس الأمم الأوروبية لعام 2020، والمعروفة بـ»يورو 2020» في دورتها السادسة عشرة المؤجلة بسبب كورونا من العام الماضي، وبخسائر قدرت بمائة مليون يورو. وعادة ما تقام الدورة بين 24 فريقا أوروبيا مقسمة على 6 مجموعات للتنافس في عدد من المدن الأوروبية كل 4 سنوات.
وينظم الدورة اتحاد كرة القدم للدول الأوروبية «يويفا» احتفالا بمرور 60 عاما، والمقامة حاليا في الفترة من 11 يونيو إلى 11 يوليو 2021. ويرعى هذه الدورة المميزة إعلانيا أكثر من 17 شركة من فئات شراكة متعددة ورعاية مختلفة. ولقد أثير في هذه الدورة تحديدا الكثير من الجدل المستمر والنقاش الدائر وربما اللغط غير المحسوم بشكل واضح حتى اللحظة.
وعلى الرغم من أنه قد تكرر لهذه الفعالية تحديدا في السابق الحديث حول أهمية حضور الشراكات الاستراتيجية Strategic Partnership والرعايات الإعلانية Advertising Sponsorship من قبل شركات صديقة للبيئة أولا وكذلك بعيدة عن الجدل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، خاصة ما حدث في دورة 2016 مع رعاية شركة فولكس فاجن الألمانية وربما غير ذلك من شركات النفط والغاز وبعض الشركات الحكومية من الصين وأوزبكستان، إلا أن التكاليف الباهظة للبطولة والمبالغ المرتفعة للرعاية الإعلانية قد ألقت بظلالها في السابق وكذلك حاليا وربما مستقبلا للأسف الشديد.
وتقدر الجوائز وحدها لهذه الدورة وهي الأعلى في تاريخ الدورة بحدود 371 مليون يورو، إلا أنه من المتوقع ووفقا لتقديرات المراقبين أن يتجاوز إجمالي الإيرادات نحو 2.5 مليار يورو، ويتوقع أن يصل صافي الأرباح إلى مليار يورو تقريبا. وفى الغالب ما تكون هذه الأرباح من إيرادات ومداخيل ثلاثة موارد رئيسة (بيع تذاكر المباريات، وبيع حقوق البث التلفزيوني، وكذلك الرعاية الإعلانية).
وللمعلومية فإن الرعاية الإعلانية تمثل مزيجا ترويجيا يضم الإعلان والعلاقات العامة وتنشيط المبيعات والبيع المباشر وغير المباشر.
وقد بلغت الرعايات الإعلانية العالمية نحو 66 مليار دولار أمريكي في عام 2018، في حين المخصص منها للفعاليات الرياضية فقط تقدر نسبته بـ70% من إجمالي الرعايات الإعلانية العالمية، أي ما يعادل 47 مليار دولار أمريكي في 2018، وكان متوقعا لها النمو والزيادة، إلا أن ظهور جائحة كورونا وإيقاف أو تأجيل العديد من الفعاليات العالمية وخصوصا الرياضية منها تسبب في تراجعها بنسبة كبيرة جدا.
ولكن في دورة يورو 2020 تحديدا أثارت الرعاية الإعلانية اتجاهات مغايرة وربما معاكسة نحو ما تحققه من امتيازات ومكاسب تترجم إلى أرباح عادة ما يحصل عليها الرعاة بكل سهولة ويسر ووضوح.
وتكمن الإشكالية في هذه الدورة حاليا في مدى التوافق بين بعض الرعاة على وجه الخصوص مع بعض اللاعبين من مشاهير الساحرة المستديرة.
وقد برزت أولا مع شركة المشروبات الكحولية هينيجين ثم مع شركة المشروبات الغازية كوكا كولا لاحقا. أشعلها اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو وتصرفه مع منتج شركة كوكا كولا واستبداله بالمياه الصحية.
ومرورا قبله باللاعب الفرنسي المسلم بول بوغا وإزاحة مشروب يعتقد أنه كحولي - لأنه يتبع إحدى شركات المشروبات الكحولية - من أمامه على المنصة.
تلا ذلك أيضا إبعاد اللاعب الإيطالي مانويل لوكاتيللى لمشروب كوكا كولا الغازي على غرار ما فعل رونالدو ولكن بدرجة أخف وطأة وأقل وطيسا.
وهذه التصرفات الثلاثة التي اعتبرت سلبية تجاه مشروبات الرعاية الإعلانية الأساسية للبطولة، قابلتها على النقيض أيضا تصرفات أخرى، ربما في اتجاهات معاكسة قد تبدو إيجابية، إلا أنها تعزز أو تكرس أو تخالف التصرفات السابقة.
ولعلنا نذكر منها - على سبيل المثال لا الحصر- ما فعله اللاعب الأسكتلندي جون ماكفين عندما سأل بسخرية عن مشروب كوكا كولا. وما قام به المدرب الروسي تشيرتشيسوف من تناول مشروب كوكا كولا على منصة المؤتمر الصحفي بعد فوز بلاده على فنلندا.
جميع هذه التصرفات والأفعال والشواهد تدل على علاقة متوترة أو غير مستقرة أو غير متوافقة سواء عن قصد أو غير قصد بين بعض لاعبي البطولة وبعض الرعاة الإعلانيين لها. علاقة ربما يطلق عليها علاقة مودة وكراهية أو العكس في آن واحد، وإن كان يجب أن تسود علاقات المودة والمودة بين الجميع.
وقد تبدو مثل هذه الإشكاليات أمرا طبيعيا وعاديا في أغلب الفعاليات الرياضية العالمية، إلا أن حسابات الربح والخسارة وكذلك الضرر المادي والمعنوي على حد سواء قد برزت نسبيا بوضوح جلي هذه المرة، خاصة في حالة تعاملات سوق الأسهم لبعض الشركات وكذلك القيمة الاسمية لبعض الماركات التجارية.
فقد سبق تصرف كريستيانو رونالدو مع كوكا كولا بأيام قليلة صرف أو جني الشركة لأرباح، قال بعض المحللين الاقتصاديين للأسهم إنها مبالغ فيها نسبيا. كما أن القيمة الاسمية التقديرية أصلا للماركة الشهيرة كانت في حدود 242 مليون دولار أمريكي وهبطت بمقدار 4 مليارات دولار تقريبا لتصل إلى حدود 238 مليون دولار.
وبصرف النظر عن تداعيات القيمة السهمية Stock Equity أو القيمة الاسمية للماركة التجارية Brand Equity، إلا أنه من المؤكد وجود خلل ما في تحقيق الرعايات الإعلانية لغاياتها المعنوية المنشودة قبل المادية في هذه الدورة تحديدا، ونتيجة لتصرفات بعض اللاعبين من مشاهير كرة القدم عالميا، وكذلك لحضور بعض الرعايات الإعلانية غير المناسبة لهذه الفاعلية على وجه الخصوص. لكن السؤال المطروح الآن: على من نعلق الجرس في هذه الأزمة؟!
قد تبدو الإجابة - وللوهلة الأولى - أن الشركة المنظمة هي الأساس الرئيس أو الواجهة الأولى في تحديد معايير اختيار الرعاة الإعلانيين بعيدا عن سطوة الأمور المادية وحدها والأرباح العاجلة فقط.
وهنا تبرز أهمية القيمة المعيارية المعنوية والمادية في حسابات الربح أو الخسارة أو ربما الضرر العاجل أو الآجل في منظومة الشراكات الاستراتيجية أو الرعايات الإعلانية للفعاليات والمناسبات.
إن مدى التوافق المعنوي قبل المادي للمنتجات الخاصة بالشركات الراعية لأي فعالية يجب أن يتعامل معه بحذر شديد استراتيجيا وسياسيا واقتصاديا وبيئيا وصحيا وغير ذلك من أمور عديدة أخرى.
ثم يأتي ثانيا دور الشركات الراعية ومدى استعدادها للمواجهة الجماهيرية في فعاليات ذات طبيعة خاصة، وفى هذه الحالة رياضية أو صحية على وجه التحديد. وربما يكون البروز الفج أحيانا مدعاة للهجوم المكثف أو التراشق المحموم بسوء التصرف أو على الأقل بعدم التعامل بالشكل المناسب أو اللائق أو حتى المطلوب.
وقد تكون المنافسة الشديدة لبعض المنتجات ليس فقط فيما بينها البين من ذات القطاع الواحد، مثل كوكا كولا وبيبسي كولا كأكبر متنافسين في قطاع المشروبات الغازية عالميا، ولكن أيضا ربما في قطاعات أخرى أوسع وأشمل مثل قطاع المياه الغازية أمام قطاع المياه الصحية أو المعروفة بالصحية، وبالرغم من ظهور بعض تقارير صحية وبيئية ضد عبواتها البلاستيكية مؤخرا.
وقبل الانتقال للطرف الثالث والأخير في هذه الإشكالية، لعله من المناسب التوقف هنا قليلا عند وضعية المنتج وظهوره Product Placement بشكل واضح وصريح، وربما يكون أحيانا فجا وغير مناسب بسبب أو من غير سبب.
إن حرفية استخدام المنتج وإظهاره بشكل ترويجي مناسب أيضا لها أدبيات وفنون وأصول يجب مراعاتها بدقة وفطنة وذكاء. من منا لا يذكر ماركة سيارات ميني كوبر في الفيلم عملية إيطالية «Italian Job» أو سيارة بي أم دبليو وساعات رولكس في أفلام جيمس بوند الأخيرة؟!
هذه ربما أفضل الأمثلة لوضع المنتج بشكل مناسب وربما غير مباشر ضمن نسيج المشاهدة الدرامية للفيلم أو أحداث الفعالية أو تداعيات الحدث ذاته. بالطبع هناك نماذج أخرى كثيرة موفقة، وربما غير موفقة أيضا يمكن الرجوع إليها.
تجدر الإشارة هنا إلى أن شركة كوكا كولا أحسنت صنعا في أول رد فعل رسمي لها، وذلك في بيان أصدرته بشكل متوازن العناصر تنتصر فيه للحرية الشخصية الفردية في اختيار وتفضيل تناول مشروب معين، والذي قد يحتوي على السكريات أو غير ذلك من مواد، وتقدم بالمناسبة بذلك كلا النوعين من المنتجات، وهذا أيضا ترويج إضافي لمنتوجاتها المتعددة، بما فيها على ما أظن المشروبات الغازية وغير الغازية مثل المياه بشكل ضمني مقبول وغير فظ.
أما الطرف الثالث والأخير في هذه الإشكالية، فهم صناع الحدث من أفراد وأشخاص ومشاهير، وربما في هذه الدورة هم الرياضيون أو لاعبو كرة القدم الشهيرة سواء من مشاهير أو غيرهم.
ورونالدو وحده أو كما يقال إن كوكبه يدور في فلكه قرابة النصف مليار متابع أو مشاهد أو ربما متربص على منصات التواصل الاجتماعي الرقمية، طبعا بخلاف المشاهدات والمتابعات والترصدات على الوسائل التقليدية الأخرى من إذاعات متلفزة وغيرها.
وبكل تأكيد يسعى رونالدو للحفاظ على هذه الأرقام وبدون أدنى شك يريد أن يراهم في ازدياد مطرد وكذلك بالطبع قيمته السوقية في سوق اللعبة الشهيرة حول العالم.
لذا يسعى بكل تأكيد عبر ضميره المتيقظ وكذلك مستشاريه والعاملين معه على تجميل صورته الذهنية أيضا كماركة تجارية لها قيمة سهمية واسمية في عالم كرة القدم على مستوى العالم. وبكل تأكيد يسعى لتحقيق المزيد من الأهداف المميزة أمام منافسيه في الملاعب وغير الملاعب، وتظل «الحسابة بتحسب» على رأى المقولة الشهيرة لعادل إمام.
وختاما فإن أي شراكة تجارية أو رعاية إعلانية لها اعتبارات معنوية تفوق بكثير أي اعتبارات مادية أخرى. وإذا لم يحسم هذا الأمر الاعتباري المعنوي وغير المادي منذ البداية، أصبحت هذه
الشراكة أو الراعية عرضة لمواجهة العديد من الرياح العكسية العاتية والإشكاليات المتكررة والأزمات المتلاحقة.
وليتحول الأمر بين لحظة وأخرى من فرص سانحة للمزيد من الأرباح والمكاسب إلى المزيد من العرضة – لا سمح الله - إلى الخسائر والأضرار. وبكل تأكيد لا تقبل الشراكة التجارية ولا الرعاية الإعلانية بالنوم في العسل إلا مع الملائكة وليس – لا قدر الله – مع الشياطين والعياذ بالله.
@aabankhar
وينظم الدورة اتحاد كرة القدم للدول الأوروبية «يويفا» احتفالا بمرور 60 عاما، والمقامة حاليا في الفترة من 11 يونيو إلى 11 يوليو 2021. ويرعى هذه الدورة المميزة إعلانيا أكثر من 17 شركة من فئات شراكة متعددة ورعاية مختلفة. ولقد أثير في هذه الدورة تحديدا الكثير من الجدل المستمر والنقاش الدائر وربما اللغط غير المحسوم بشكل واضح حتى اللحظة.
وعلى الرغم من أنه قد تكرر لهذه الفعالية تحديدا في السابق الحديث حول أهمية حضور الشراكات الاستراتيجية Strategic Partnership والرعايات الإعلانية Advertising Sponsorship من قبل شركات صديقة للبيئة أولا وكذلك بعيدة عن الجدل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، خاصة ما حدث في دورة 2016 مع رعاية شركة فولكس فاجن الألمانية وربما غير ذلك من شركات النفط والغاز وبعض الشركات الحكومية من الصين وأوزبكستان، إلا أن التكاليف الباهظة للبطولة والمبالغ المرتفعة للرعاية الإعلانية قد ألقت بظلالها في السابق وكذلك حاليا وربما مستقبلا للأسف الشديد.
وتقدر الجوائز وحدها لهذه الدورة وهي الأعلى في تاريخ الدورة بحدود 371 مليون يورو، إلا أنه من المتوقع ووفقا لتقديرات المراقبين أن يتجاوز إجمالي الإيرادات نحو 2.5 مليار يورو، ويتوقع أن يصل صافي الأرباح إلى مليار يورو تقريبا. وفى الغالب ما تكون هذه الأرباح من إيرادات ومداخيل ثلاثة موارد رئيسة (بيع تذاكر المباريات، وبيع حقوق البث التلفزيوني، وكذلك الرعاية الإعلانية).
وللمعلومية فإن الرعاية الإعلانية تمثل مزيجا ترويجيا يضم الإعلان والعلاقات العامة وتنشيط المبيعات والبيع المباشر وغير المباشر.
وقد بلغت الرعايات الإعلانية العالمية نحو 66 مليار دولار أمريكي في عام 2018، في حين المخصص منها للفعاليات الرياضية فقط تقدر نسبته بـ70% من إجمالي الرعايات الإعلانية العالمية، أي ما يعادل 47 مليار دولار أمريكي في 2018، وكان متوقعا لها النمو والزيادة، إلا أن ظهور جائحة كورونا وإيقاف أو تأجيل العديد من الفعاليات العالمية وخصوصا الرياضية منها تسبب في تراجعها بنسبة كبيرة جدا.
ولكن في دورة يورو 2020 تحديدا أثارت الرعاية الإعلانية اتجاهات مغايرة وربما معاكسة نحو ما تحققه من امتيازات ومكاسب تترجم إلى أرباح عادة ما يحصل عليها الرعاة بكل سهولة ويسر ووضوح.
وتكمن الإشكالية في هذه الدورة حاليا في مدى التوافق بين بعض الرعاة على وجه الخصوص مع بعض اللاعبين من مشاهير الساحرة المستديرة.
وقد برزت أولا مع شركة المشروبات الكحولية هينيجين ثم مع شركة المشروبات الغازية كوكا كولا لاحقا. أشعلها اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو وتصرفه مع منتج شركة كوكا كولا واستبداله بالمياه الصحية.
ومرورا قبله باللاعب الفرنسي المسلم بول بوغا وإزاحة مشروب يعتقد أنه كحولي - لأنه يتبع إحدى شركات المشروبات الكحولية - من أمامه على المنصة.
تلا ذلك أيضا إبعاد اللاعب الإيطالي مانويل لوكاتيللى لمشروب كوكا كولا الغازي على غرار ما فعل رونالدو ولكن بدرجة أخف وطأة وأقل وطيسا.
وهذه التصرفات الثلاثة التي اعتبرت سلبية تجاه مشروبات الرعاية الإعلانية الأساسية للبطولة، قابلتها على النقيض أيضا تصرفات أخرى، ربما في اتجاهات معاكسة قد تبدو إيجابية، إلا أنها تعزز أو تكرس أو تخالف التصرفات السابقة.
ولعلنا نذكر منها - على سبيل المثال لا الحصر- ما فعله اللاعب الأسكتلندي جون ماكفين عندما سأل بسخرية عن مشروب كوكا كولا. وما قام به المدرب الروسي تشيرتشيسوف من تناول مشروب كوكا كولا على منصة المؤتمر الصحفي بعد فوز بلاده على فنلندا.
جميع هذه التصرفات والأفعال والشواهد تدل على علاقة متوترة أو غير مستقرة أو غير متوافقة سواء عن قصد أو غير قصد بين بعض لاعبي البطولة وبعض الرعاة الإعلانيين لها. علاقة ربما يطلق عليها علاقة مودة وكراهية أو العكس في آن واحد، وإن كان يجب أن تسود علاقات المودة والمودة بين الجميع.
وقد تبدو مثل هذه الإشكاليات أمرا طبيعيا وعاديا في أغلب الفعاليات الرياضية العالمية، إلا أن حسابات الربح والخسارة وكذلك الضرر المادي والمعنوي على حد سواء قد برزت نسبيا بوضوح جلي هذه المرة، خاصة في حالة تعاملات سوق الأسهم لبعض الشركات وكذلك القيمة الاسمية لبعض الماركات التجارية.
فقد سبق تصرف كريستيانو رونالدو مع كوكا كولا بأيام قليلة صرف أو جني الشركة لأرباح، قال بعض المحللين الاقتصاديين للأسهم إنها مبالغ فيها نسبيا. كما أن القيمة الاسمية التقديرية أصلا للماركة الشهيرة كانت في حدود 242 مليون دولار أمريكي وهبطت بمقدار 4 مليارات دولار تقريبا لتصل إلى حدود 238 مليون دولار.
وبصرف النظر عن تداعيات القيمة السهمية Stock Equity أو القيمة الاسمية للماركة التجارية Brand Equity، إلا أنه من المؤكد وجود خلل ما في تحقيق الرعايات الإعلانية لغاياتها المعنوية المنشودة قبل المادية في هذه الدورة تحديدا، ونتيجة لتصرفات بعض اللاعبين من مشاهير كرة القدم عالميا، وكذلك لحضور بعض الرعايات الإعلانية غير المناسبة لهذه الفاعلية على وجه الخصوص. لكن السؤال المطروح الآن: على من نعلق الجرس في هذه الأزمة؟!
قد تبدو الإجابة - وللوهلة الأولى - أن الشركة المنظمة هي الأساس الرئيس أو الواجهة الأولى في تحديد معايير اختيار الرعاة الإعلانيين بعيدا عن سطوة الأمور المادية وحدها والأرباح العاجلة فقط.
وهنا تبرز أهمية القيمة المعيارية المعنوية والمادية في حسابات الربح أو الخسارة أو ربما الضرر العاجل أو الآجل في منظومة الشراكات الاستراتيجية أو الرعايات الإعلانية للفعاليات والمناسبات.
إن مدى التوافق المعنوي قبل المادي للمنتجات الخاصة بالشركات الراعية لأي فعالية يجب أن يتعامل معه بحذر شديد استراتيجيا وسياسيا واقتصاديا وبيئيا وصحيا وغير ذلك من أمور عديدة أخرى.
ثم يأتي ثانيا دور الشركات الراعية ومدى استعدادها للمواجهة الجماهيرية في فعاليات ذات طبيعة خاصة، وفى هذه الحالة رياضية أو صحية على وجه التحديد. وربما يكون البروز الفج أحيانا مدعاة للهجوم المكثف أو التراشق المحموم بسوء التصرف أو على الأقل بعدم التعامل بالشكل المناسب أو اللائق أو حتى المطلوب.
وقد تكون المنافسة الشديدة لبعض المنتجات ليس فقط فيما بينها البين من ذات القطاع الواحد، مثل كوكا كولا وبيبسي كولا كأكبر متنافسين في قطاع المشروبات الغازية عالميا، ولكن أيضا ربما في قطاعات أخرى أوسع وأشمل مثل قطاع المياه الغازية أمام قطاع المياه الصحية أو المعروفة بالصحية، وبالرغم من ظهور بعض تقارير صحية وبيئية ضد عبواتها البلاستيكية مؤخرا.
وقبل الانتقال للطرف الثالث والأخير في هذه الإشكالية، لعله من المناسب التوقف هنا قليلا عند وضعية المنتج وظهوره Product Placement بشكل واضح وصريح، وربما يكون أحيانا فجا وغير مناسب بسبب أو من غير سبب.
إن حرفية استخدام المنتج وإظهاره بشكل ترويجي مناسب أيضا لها أدبيات وفنون وأصول يجب مراعاتها بدقة وفطنة وذكاء. من منا لا يذكر ماركة سيارات ميني كوبر في الفيلم عملية إيطالية «Italian Job» أو سيارة بي أم دبليو وساعات رولكس في أفلام جيمس بوند الأخيرة؟!
هذه ربما أفضل الأمثلة لوضع المنتج بشكل مناسب وربما غير مباشر ضمن نسيج المشاهدة الدرامية للفيلم أو أحداث الفعالية أو تداعيات الحدث ذاته. بالطبع هناك نماذج أخرى كثيرة موفقة، وربما غير موفقة أيضا يمكن الرجوع إليها.
تجدر الإشارة هنا إلى أن شركة كوكا كولا أحسنت صنعا في أول رد فعل رسمي لها، وذلك في بيان أصدرته بشكل متوازن العناصر تنتصر فيه للحرية الشخصية الفردية في اختيار وتفضيل تناول مشروب معين، والذي قد يحتوي على السكريات أو غير ذلك من مواد، وتقدم بالمناسبة بذلك كلا النوعين من المنتجات، وهذا أيضا ترويج إضافي لمنتوجاتها المتعددة، بما فيها على ما أظن المشروبات الغازية وغير الغازية مثل المياه بشكل ضمني مقبول وغير فظ.
أما الطرف الثالث والأخير في هذه الإشكالية، فهم صناع الحدث من أفراد وأشخاص ومشاهير، وربما في هذه الدورة هم الرياضيون أو لاعبو كرة القدم الشهيرة سواء من مشاهير أو غيرهم.
ورونالدو وحده أو كما يقال إن كوكبه يدور في فلكه قرابة النصف مليار متابع أو مشاهد أو ربما متربص على منصات التواصل الاجتماعي الرقمية، طبعا بخلاف المشاهدات والمتابعات والترصدات على الوسائل التقليدية الأخرى من إذاعات متلفزة وغيرها.
وبكل تأكيد يسعى رونالدو للحفاظ على هذه الأرقام وبدون أدنى شك يريد أن يراهم في ازدياد مطرد وكذلك بالطبع قيمته السوقية في سوق اللعبة الشهيرة حول العالم.
لذا يسعى بكل تأكيد عبر ضميره المتيقظ وكذلك مستشاريه والعاملين معه على تجميل صورته الذهنية أيضا كماركة تجارية لها قيمة سهمية واسمية في عالم كرة القدم على مستوى العالم. وبكل تأكيد يسعى لتحقيق المزيد من الأهداف المميزة أمام منافسيه في الملاعب وغير الملاعب، وتظل «الحسابة بتحسب» على رأى المقولة الشهيرة لعادل إمام.
وختاما فإن أي شراكة تجارية أو رعاية إعلانية لها اعتبارات معنوية تفوق بكثير أي اعتبارات مادية أخرى. وإذا لم يحسم هذا الأمر الاعتباري المعنوي وغير المادي منذ البداية، أصبحت هذه
الشراكة أو الراعية عرضة لمواجهة العديد من الرياح العكسية العاتية والإشكاليات المتكررة والأزمات المتلاحقة.
وليتحول الأمر بين لحظة وأخرى من فرص سانحة للمزيد من الأرباح والمكاسب إلى المزيد من العرضة – لا سمح الله - إلى الخسائر والأضرار. وبكل تأكيد لا تقبل الشراكة التجارية ولا الرعاية الإعلانية بالنوم في العسل إلا مع الملائكة وليس – لا قدر الله – مع الشياطين والعياذ بالله.
@aabankhar