هُذَاء الديانة الإبراهيمية
الاثنين - 21 يونيو 2021
Mon - 21 Jun 2021
بمثل إثارة أفلام هوليود لاحت في شرقنا رؤية تبشر بأن الأديان السماوية الثلاثة «اليهودية والمسيحية والإسلام» يمكن أن تتوحد، بعودتها لديانة النبي إبراهيم ماسحة كل الفروق بينها، وإشاعة السلام بين أتباعها، والتعبد بمجمعات مشتركة «معبد يهودي وكنيسة مسيحية ومسجد إسلامي»، تصبح مزارات سياحية ودينية هجينة.
الفكرة مفرطة بالتخيلات، متأملة بهد الحدود بين الدول المتشاركة في هذا الدين الجديد، مهما ترك ذلك الدمج تساؤلات عديدة بلا إجابات.
فهل سيكون المعبد اليهودي لجماعة اليهودية الأرثوذكسية، والإصلاحية، والمحافظة والصهيونية، والكابالا والغنوصية، وأي من الفرق الهامشية والمتفرعة عن اليهودية؟
وهل ستكون الكنيسة المسيحية تابعة للبروتسنتية والكاثوليكية والأرثودوكسية الشرقية، أم لشتات الفرق المسيحية الصغيرة المنفصلة والمنبثقة، والتي لا تنسجم مع بعضها، ولا تتفق حتى على أسس ونوع العبادة، وكينونتها.
المسجد، هل هو سني، أم حسينية شيعية، وإمامية، وأباظية، وعلوية، ودرزية وصوفية، وإسماعيلية، وبهائية، وقرآنية، وكثير مما يستجد؟
عملية معجزة لا شك أنها ستنتج مستقبلا الجماعات الرافضة والناقمة والانتحارية.
العالم يدخل زمن فنون ترقيع صحائف الماضي، والمؤكد أن اليهودية هي أكبر المستفيدين بتحقيق رسوخها في أرض الميعاد وتمددها لأبعد من النيل والفرات.
ما هذا السحر العالمي المكين، الذي سيقوم بتوحيد كل تلك الفرق، وجعلها تجتمع وتحتفل في مكان واحد بأمن وسلام يتخطى التناقضات والاتهامات والمناظرات والاعتداءات والتكفير والتفجيرات، التي كانت تتم منذ الأزل بين أهل الديانة الواحدة، وبينها وبين الفرق الأخرى!
ألم يكن من الأجدى إصلاح ذات البين لفرق الدين الواحد، قبل الإقدام على عجن الأديان وخبزها في فرن وهمي واحد؟
حوار أتباع الأديان كان قد لاح للعالم في التسعينات، بديلا عن صراع الحضارات، وبتطلعات لترسيخ التفاعل التعاوني الإيجابي بين أهل المعتقدات المختلفة، ودون محاولة تهميش فروع المعتقدات أو تكوين بديلا عنها.
وكم نشأت في شتى أرجاء العالم حينها هيئات ومبادرات مختصة بدعم السلام والتوعية حول قيم التسامح والعيش المشترك والمؤاخاة في الإنسانية وقبول الآخر ورفض الكراهية والعنصرية بجميع أشكالها والدفاع عن حرية اعتناق الأديان ورفض الاضطهاد الديني، فلم تزد على عالمنا إلا بدواعش وميليشيات مسلحة، وعنصرية مسيحية ويهودية عظيمة التطرف.
السلام لم يكن يتحقق في النور لأن مشاركات الأديان في تلك المؤتمرات مجرد تجميل للوجوه البشعة، وتحوير للمعاني المتنافرة، وتليين الأسس العنيفة، وادعاء ما ليس في صلب الأديان بدعوى التحضر، ولإعطاء العالم صورة براقة، لا يمكن الوثوق بها، بل وينكرها أفراد الديانة الواحدة حين العودة لنصوصهم الدينية، المشحونة بالكره للآخر حد التكفير.
عدم مصداقية حوار أتباع الأديان زاد من بلل الطين، فأصبحنا نحن المسلمين نسمع عن الدين الخارجي المختلف عن الداخلي، وعن الدين العصري (الكيوت) المختلف عن دين المعابد السلفية، ودين المؤتمرات العلنية المختلف عما يدرس في معاهدنا وجامعاتنا.
كل بلدان الشرق تخضع للوثة جديدة تمسخ الإنسان والمعاني، ولا بد من التنبه لنوايا من يحيكونها لنا ثوبا لا نعود قادرين على خلعه!
السلام أمانة وأمنية عالمية، ولكنه يحتاج لإصلاح ما بين الإخوة الأعداء، قبل الانجرار نفاقا، خلف وئام عالمي إبراهيمي مرقع.
shaheralnahari@
الفكرة مفرطة بالتخيلات، متأملة بهد الحدود بين الدول المتشاركة في هذا الدين الجديد، مهما ترك ذلك الدمج تساؤلات عديدة بلا إجابات.
فهل سيكون المعبد اليهودي لجماعة اليهودية الأرثوذكسية، والإصلاحية، والمحافظة والصهيونية، والكابالا والغنوصية، وأي من الفرق الهامشية والمتفرعة عن اليهودية؟
وهل ستكون الكنيسة المسيحية تابعة للبروتسنتية والكاثوليكية والأرثودوكسية الشرقية، أم لشتات الفرق المسيحية الصغيرة المنفصلة والمنبثقة، والتي لا تنسجم مع بعضها، ولا تتفق حتى على أسس ونوع العبادة، وكينونتها.
المسجد، هل هو سني، أم حسينية شيعية، وإمامية، وأباظية، وعلوية، ودرزية وصوفية، وإسماعيلية، وبهائية، وقرآنية، وكثير مما يستجد؟
عملية معجزة لا شك أنها ستنتج مستقبلا الجماعات الرافضة والناقمة والانتحارية.
العالم يدخل زمن فنون ترقيع صحائف الماضي، والمؤكد أن اليهودية هي أكبر المستفيدين بتحقيق رسوخها في أرض الميعاد وتمددها لأبعد من النيل والفرات.
ما هذا السحر العالمي المكين، الذي سيقوم بتوحيد كل تلك الفرق، وجعلها تجتمع وتحتفل في مكان واحد بأمن وسلام يتخطى التناقضات والاتهامات والمناظرات والاعتداءات والتكفير والتفجيرات، التي كانت تتم منذ الأزل بين أهل الديانة الواحدة، وبينها وبين الفرق الأخرى!
ألم يكن من الأجدى إصلاح ذات البين لفرق الدين الواحد، قبل الإقدام على عجن الأديان وخبزها في فرن وهمي واحد؟
حوار أتباع الأديان كان قد لاح للعالم في التسعينات، بديلا عن صراع الحضارات، وبتطلعات لترسيخ التفاعل التعاوني الإيجابي بين أهل المعتقدات المختلفة، ودون محاولة تهميش فروع المعتقدات أو تكوين بديلا عنها.
وكم نشأت في شتى أرجاء العالم حينها هيئات ومبادرات مختصة بدعم السلام والتوعية حول قيم التسامح والعيش المشترك والمؤاخاة في الإنسانية وقبول الآخر ورفض الكراهية والعنصرية بجميع أشكالها والدفاع عن حرية اعتناق الأديان ورفض الاضطهاد الديني، فلم تزد على عالمنا إلا بدواعش وميليشيات مسلحة، وعنصرية مسيحية ويهودية عظيمة التطرف.
السلام لم يكن يتحقق في النور لأن مشاركات الأديان في تلك المؤتمرات مجرد تجميل للوجوه البشعة، وتحوير للمعاني المتنافرة، وتليين الأسس العنيفة، وادعاء ما ليس في صلب الأديان بدعوى التحضر، ولإعطاء العالم صورة براقة، لا يمكن الوثوق بها، بل وينكرها أفراد الديانة الواحدة حين العودة لنصوصهم الدينية، المشحونة بالكره للآخر حد التكفير.
عدم مصداقية حوار أتباع الأديان زاد من بلل الطين، فأصبحنا نحن المسلمين نسمع عن الدين الخارجي المختلف عن الداخلي، وعن الدين العصري (الكيوت) المختلف عن دين المعابد السلفية، ودين المؤتمرات العلنية المختلف عما يدرس في معاهدنا وجامعاتنا.
كل بلدان الشرق تخضع للوثة جديدة تمسخ الإنسان والمعاني، ولا بد من التنبه لنوايا من يحيكونها لنا ثوبا لا نعود قادرين على خلعه!
السلام أمانة وأمنية عالمية، ولكنه يحتاج لإصلاح ما بين الإخوة الأعداء، قبل الانجرار نفاقا، خلف وئام عالمي إبراهيمي مرقع.
shaheralnahari@