عائشة العتيبي

مبدأ الفهم والحذر

الخميس - 17 يونيو 2021

Thu - 17 Jun 2021

يحق لكل إنسان عدم الإفصاح عن أمور قد لا يحتملها سواء كانت جدية أو حتى بسيطة في النهاية تلك المسألة عنه وتخصه هو دون غيره، إن من أشد الناس خيبة هم الأشخاص الذين يبحثون عن المواقف السيئة التي تجعلك محبطا وحزينا وثم يعرضون سيناريو لذلك الموقف أمامك؛ لأنهم فقط يحبون أن يفسدوا وقتك ونفسيتك ولا يردوك بحال أفضل، وإن من أشد البؤس قد تجعل من نفسك شخصا سيئا يستذكر أحداثا مضت وانتهت حتى يجعل من نفسه دائرة بائسة مظلمة لا ترى النور الذي أمامها يشع حياة وأملا.

نحن نصاب بأحداث ومواقف قد تكون صعبة، ولكن العيش تحت سقف تلك الأمور يعتبر سببا كبيرا في خسارة الكثير من المتعة من وقتك الراهن ويقلل من عزيمتك وشجاعتك في التحديات القادمة التي ربما تواجهك وتحتاج قدرا كبيرا من قوتك وإمكاناتك؛ لذا ازرع بداخلك قوة وشجاعة تتغذيان على مواقفك الصعبة والسيئة؛ لأن تلك هي من تعطيك القوة والشجاعة والتحمل في تمرير الأصعب منها والعيش بحال جيد، واجه الأشخاص والحياة والمواقف وأحلامك واجه كل شيء يأخذ من صحتك وقوتك وعزيمتك وإصرارك وسلامة نفسك وعقلك، لا تكن ضعيفا أمامهم بل كن شخصا قادرا على مواجهتهم هم أولا ثم غير نفسك بنفسك.

يحق لكل إنسان الاحتفاظ باللحظات التي تضعه في منطقة ضيقة وأماكن غريبة لا يتمنى أن يكون بها فما الفائدة من التحدث وإثارة العاطفة وشفقة الغير عليه، إن من أشد الناس سوءا من يظهر المحبة ويخبئ الكره والحقد بداخله ويتعامل معك بفهم واستيعاب ثم يأخذ ما يؤلمك وينتظر لحظة سقوطك أمامه لكي يشعر فيها بقوته وانتصاره عليك، أنا لا أبالغ بهذا الوصف ولكن كن على حذر دائم في حالة الشكوى وبما نسميه الفضفضة كن قليل الحديث عن ما تحمله بداخلك واختر الشخص الذي ترى فعله قبل ما ينطق به لسانه، فالبعض يسأم من تحدث الآخرين عنده و ينزعج وترى رده في كلمة واحدة (الله المعين) وكأنه يقول أرجوك اصمت فلا طاقة لي في تحملك والاستماع إليك فأنا بي ما يكفيني، غالبا تجد شخصا يكون عكس ذلك تماما فهو يستمع إليك ويحاول أن يضع بداخلك السعادة ويبعد عنك الألم والحزن بل هناك أشخاص لا يطيقون بأن تتألم ولا يفعلون لك شيئا يودون أن يسكبوا بداخلك بدلا من ذاك الهدوء والطمأنينة؛ هؤلاء رحماء وقلوبهم استوعبت وتشبعت بما يكفي من ألم ولا يردون غيرهم أن يصلوا لما وصلوا إليه فلله درهم.

فكر قبل أن تتحدث وحاول التعلم من الأخطاء السابقة في مسألة الفضفضة والتجرد من الاختباء وإعطاء السر الذي تحمله أو ما يزعجك لغيرك، أغلب التجرد من الاختباء يعطي الأحقية لغيرك الصعود فوق رأسك، فشق القربة عندهم يعتبر إهانة وإسقاطا عليك أنت، فمن عرف ما في داخلك سهل عليه أن يقودك كما يريد هو، فأصبح سلاحهم هو ما حدث لك بالأمس والموجه عليك غدا، احذر فليس كل شخص يريد لك الخير، وليس كل شخص سوف تكون أنت محطة اهتمامه؛ احفظ هذا جيدا قبل أن تتحدث لغيرك حتى تدرك ما يمكنك قوله.

3ny_dh@