ياسر عمر سندي

من HR إلى RH يا قلب لا تحزن

الأربعاء - 16 يونيو 2021

Wed - 16 Jun 2021

بادئ ذي بدء أود التنويه بأنني سأتحدث في هذا المقال بالـ(عربيزي) أي باللغة العربية مع إدخال بعض المصطلحات الإنجليزية وذلك لمتطلبات سياق المقال المتخصص والذي برأيي أنه سيساعد على إيصال المعلومة.

الموارد البشرية أو الـ(HR) هو القطاع الحيوي بلا شك والشريان الرئيس لأي منظمة بشقيها العام الأقرب للطابع الحكومي وشبه الحكومي المعني بتقديم الخدمات للجمهور أو المنظمات بطابعها الخاص والتي من شأنها الربحية بتقديم المنتجات المجتمعية.

هذا القطاع الذي يلامس المورد الأول والذي يعول عليه مهنيا ومعرفيا في تسيير وإنجاز الأعمال وتقديم الخدمات والمنتجات ظهر نتيجة لإلحاح النقابات العمالية وممثلي التحالفات الوظيفية التي بدأت مع مطلع القرن العشرين بالولايات المتحدة الأمريكية بمختلف الشركات وتحديدا في المستويات التنظيمية البسيطة والمنفذة التي تسمى بالطبقة الكادحة والتي كانت تعمل معظمها في مناجم الفحم، حيث تركز الاهتمام على الموظفين في عصر الصناعة الذي اعتمد كليا على الجهد البدني والعضلي وتم استحداث قسم (القوى العاملة) لتلقي الشكاوى والمطالبات وتسوية الخلافات إثر تسلط واستغلال أصحاب العمل للموظفين.

تطورت بعد ذلك منهجيات علم النفس الإداري وارتفعت أصوات أصحاب مدرسة العلاقات الإنسانية للنظر في أحوال الموظفين ومراعاة ظروفهم الصحية والمالية لزيادة المخصصات وأوقات الراحة مقابل الجهد العالي والعمل المبذول بالتصدي لأصحاب الفكر الكلاسيكي الذي ينادي بالتركيز على العملية الإنتاجية فقط بصرف النظر عن الحق النفسي للعاملين الأمر الذي أحدث مفهوم النقابات العمالية وبعد ذلك بفترة زمنية استبدل المصطلح بـ(إدارة الأفراد) وبعدها تغير إلى (شؤون الموظفين) حتى آل المسمى إلى (الموارد البشرية) وكان جميع تلك التحولات محاولات لسد الفجوة القائمة بين حقوق العاملين ومطالبات أصحاب العمل ومصالح المنظمات.

الموارد البشرية ينظر لها إجرائيا بأنها الاستخدام الأمثل للقوى العاملة بالمنظمة من خلال التعيين والأداء والرواتب والتعويضات والمزايا وتقديم الخدمات الاجتماعية والصحية.

بنهاية القرن العشرين أصبح العصر المعرفي يركز على الخبرات والمهارات والإبداعات والأفكار لدى رأس المال البشري وتحويلها إلى صناعات يتم طرحها كمنتجات استهلاكية تباع، وهذا ما يطلق عليه الاقتصاد القائم على المعرفة أو الاقتصاد المعرفي الأمر الذي ينادي الى الاهتمام بالموظفين كونهم ثروة استراتيجية ورأس مال بشري Human Capital) HC).

الموارد البشرية هي المسؤولة عن ضمان الحقوق والالتزامات أخلاقيا تجاه الموظفين وعدم الإخلال بها وهو ما يسمى في علم النفس التنظيمي (العقد النفسي) أي التعهد باستمرار بقاء الروح المعنوية والنفسية في حدود الرضا الوظيفي Job Satisfaction وعدم العبث بصحة وسلامة وأمن الموظفين وأصبح تدريس الموارد البشرية يأخذ شكلا تخصصيا ومهنيا من خلال جمعيات عالمية معتمدة توفر التدريب والرخص لمزاولة أخصائيي ومستشاري وخبراء مثل جمعية إدارة الموارد البشرية بالولايات المتحدة الأمريكية Society for Human Resources Management

- SHRM -.

جميع تلك التطورات ما هي إلا اهتمام قانوني وإنساني ومجتمعي جاد انبثق من رحم المعاناة العمالية لصالح المورد البشري تأكيدا على حقه التنظيمي ولكن ما نراه حاليا للأسف أصبح قطاع الموارد البشرية مثل الملجأ الآمن والمهرب الضامن الذي يضم مرتزقة التخصصات المختلفة وعديمي الكفاءة ومهنة من لا مهنة له وأمل من انقطعت بهم السبل والذي زاد الطين بلة أن تجد المحاباة الإدارية في المستويات التنظيمية العليا والمناصب النافذة في المنظمات الذين يملكون الحل والعقد يدعمون الشللية والتحزبات الوظيفية لإيصال الفاشلين إلى مناصب تمس مصائر الموظفين حتى أصبح متخصصو وأكفاء الموارد البشرية غرباء في مجالهم المهني أمام هذا الزحف الجائر حتى أصبحت القرارات أكثر ضبابية تصاغ من أشخاص إقطاعيين يقدمون مصالحهم النفعية يتمكنون من المنظمات وكأنها تركات أورثها لهم آباؤهم وأجدادهم ليعيثوا فيها فسادا ويحيلون بين الموظف وحقه القانوني والتنظيمي ويعاملونه بنظرية الجزرة والعصا، لتتحول الموارد البشرية HR إلى بقايا بشرية RH

(Remains of Human) تذروهم رياح التخبط الإداري.

@Yos123Omar