وليد الزامل

التخطيط لعمران الإنسان والأوطان على خطى سلمان

السبت - 12 يونيو 2021

Sat - 12 Jun 2021

أشرت في مقال سابق أننا على مشارف نهضة تنموية كبرى بوادرها بدأت منذ أن تم الإعلان عن انطلاق الرؤية الوطنية في 25 أبريل 2016. هذه الرؤية ترسم التوجه الاستراتيجي للبلاد في عصر ما بعد النفط، وتعزز من قابلية الاقتصاد السعودي للتحرر من تقلبات أسعار النفط كمورد تقليدي. لقد وضعت الرؤية الوطنية عددا من البرامج والمبادرات التي تستهدف تنمية الإنسان واستثمار المكان (المدن) ومنها: برنامج الإسكان، برنامج جودة الحياة، برنامج تنمية القدرات البشرية، وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية.

كما وضعت الرؤية الوطنية جملة من المبادرات تستهدف تنمية المدن وحماية البيئة الطبيعية مثل: مبادرة السعودية الخضراء ومشروعات الرياض الكبرى وإنشاء مدن المستقبل.

وقد لا أجافي الحقيقة بالقول إن ملامح الطفرة التنموية التي تشهدها المملكة العربية السعودية لن تقتصر على البعد المحلي فحسب؛ بل سوف تستهدف خدمة شعوب العالم من خلال مبادرات تنموية خلاقة.

لقد وضعت مبادرة الشرق الأوسط الأخضر أسسا مستقبلية لمواجهة التحديات البيئية وتحسين جودة الحياة، ومكافحة التلوث، وتدهور الأراضي الزراعية والموائل الفطرية، وخفض معدلات الكربون العالمية، وتعزيز كفاءة إنتاج النفط، وزيادة مساهمة الطاقة المتجددة.

وفي المجمل، سوف تسهم هذه المبادرات الإقليمية بتحقيق المستهدفات العالمية في خفض نسب الملوثات والاحتباس الحراري ورفع مستويات الصحة العامة. ولتبدأ معها المملكة العربية السعودية مرحلة جديدة لتتبوأ دورها العالمي الرائد في التخطيط لعمران الإنسان والأوطان.

وتأسيسا لذلك فإن كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظة الله - في اللقاء السنوي التاسع للجمعية السعودية لعلوم العمران لعام 1420هـ، تعد عنوانا بارزا في تاريخ تخطيط المدن؛ بل هي حقا كما يصفها الخبراء «وثيقة تاريخية» تسرد حكاية الماضي وتحلل الواقع وتستشرف المستقبل.

إنها تلخص جهود التخطيط العمراني والتنمية في المملكة العربية السعودية، وفي مدينة الرياض على وجه الخصوص.

لقد أشار خادم الحرمين الشريفين في كلمته الضافية إلى تحديات التخطيط العمراني في الماضي «لم تكن هناك خطط مسبقة لذلك لأن الوقت لم يمهلنا لوضع الخطط والدراسات في الماضي، لأن الناس كانت تريد سكنا وطرقا ومياها وكهرباء وهاتفا ومختلف الخدمات، فلو انتظرنا حتى نخطط للهاتف مثلا لتأخرنا عشرات السنوات حتى نصل إلى ما وصلنا إليه الآن».

كما وضعت هذه الكلمة تصورا دقيقا لواقع النهضة العمرانية في تلك الفترة «ولنرى والحمد لله اليوم آلاف الرجال الذين يعمرون ويشرفون على العمران والتخطيط في هذه البلاد، وهذا هو العمران الثاني بعد عمران النفس والروح، وهذا شيء نحمد الله سبحانه وتعالى عليه».

لقد أكدت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - على توجه فكري عميق يرسخ مبدأ التخطيط لعمران الإنسان ببعديه النفسي والروحي، وعمران الأوطان بمفهوم تنموي أكثر شمولية من البناء المادي الملموس، «إن من الأشياء التي يجب أن نذكرها أن العمران وقبل كل شيء هو عمران النفس وعمران الروح بالإيمان بالله عز وجل، وهذا العمران الداخلي والروحي هو الذي يعطينا الفرصة حتى تعمر أرض الله» (مجلة تطوير - العدد 25).

وأخيرا لقد استشرفت الكلمة التاريخية التوجه المستقبلي لهذه البلاد نحو التنمية المستدامة بأبعادها كافة.

باختصار، إن مقتضيات المرحلة المقبلة تتطلب بأن «يكون هناك تخطيط عمراني يخدم بلادنا ويخدم أصالتها ويؤصل أصالتها الموجودة فيها».