آلاء لبني

عين على البيئة

الأربعاء - 09 يونيو 2021

Wed - 09 Jun 2021

مر اليوم العالمي للبيئة داعيا لاستعادة النظم الإيكولوجية لتضافر الجهود للمساهمة في حل التحديات البيئية كالتنوع البيولوجي والتغير المناخي وتصاعد مستويات تلوث الهواء والماء والتربة. حتما أول طرق حل أي مشكلة تحديدها والوعي بأسبابها وأخطارها.

لكن أحاديث البيئة مليئة بالثمين والغث على حد سواء فهي صيحة وموضة عصرية!

لك أن تتخيل إقامة مؤتمرات تتحدث عن أهمية التحكم بحجم السكان الذي من شأنه أن يقلل الطلب على الطاقة والغذاء والسفر! حل عجيب!

الملاحظ أن تستمع لقضايا محددة تشكل جل دائرة الضوء، بعضها يتركز على شبكة من المصالح، من سوف يسود منها؟ فالمصالح واللوبيات الاقتصادية متنوعة تنشط في قطاعات وتصمت عن أخرى، فالبيئة مثل أي قضية عادلة يلحق بركبها منتفعون جدد وجماعات ضغط قوية ومصالح سياسية ودعم المالي.

كيف استطاع التأثير العالمي والإعلامي النجاح في توجيه الزخم وأصابع الاهتمام لمواضيع محددة، البعض منها يفتقر لدليل علمي أو ينتقي ضلع من أضلاع المشكلة بالإظهار، ويغفل عن أخرى لتحيدها أو تهميشها عمدا أو دون قصد.

فمثلا التركيز على الفرد وخياراته الصديقة للبيئة ليس خطأ، لكن في الأصل أن الحكاية تبدأ قبل الفرد بكثير، تبدأ من السياسات الإنتاجية والبيئية والشركات المصنعة، وتطوير البدائل المتاحة يتعلق بمنظومة الإنتاج العالمية والمصالح التجارية والاقتصادية التي هي من تحدد سلاسل التوريد والإنتاج وتسوق لصور الحياة الاستهلاكية النهمة التي تستغل كل تتطور في وسائل التسويق والإعلان، لنكون تحت تأثير سيل من الإعلانات وإدمان الشراء.

لكل قطر جغرافي مشاكله وأولوياته كانتشار المواد الكيميائية المسممة التي تؤذي البيئة وتؤثر على صحة البشر وتسبب الأمراض.

هناك انتقائية في طرح مخاطر البيئة فمثلا: كيف ولماذا أصبح الاحتباس الحراري والتغير المناخي المشكلة الأولى بيئيا؟ وأكثر ما تسمع بها والتركيز على النفط تحديدا، ويذكر على مضض تأثيرات القطاعات الإنتاجية المختلفة ولا تحظى الأسباب الطبيعية والكونية لدراسة هذه الظاهرة بذات الحجم من الاهتمام!

ولا تحظى الغازات الدفيئة المنبعثة من نفايات العالم وسمومها المتسربة من أكوام المكبات المفتوحة في الماء والتربة والهواء، بذات التركيز. حجم النفايات التي يتم تدويرها عالميا ضئيل فضلا عن النفايات غير قابلة للتدوير أصلا.

وتظهر على استحياء قضايا كالسياسات البيئية ونمو القطاع الزراعي والصناعة الغذائية ودورهم في التأثير على البيئة وتربية الحيوانات بشكل غير الأخلاقي وغير الصحي، وسيل المبيدات الحشرية وسمومها وإغراق التربة بالسماد لتعويض نقص خصوبتها.

وتبتر الحقائق الكاملة عند مناقشة القضايا البيئية، فمثلا تقنيات الطاقة النظيفة التي يعول عليها في التغير المناخي سواء كانت محطات طاقة شمسية وتوربينات الرياح والبطاريات فهي تستهلك كميات ضخمة من المعادن لتحقيق الغرض من وراء بنائها، واستخراج المعادن بطرق مسؤولة بيئيا، مازال أمامه سنوات طويلة لتطويره.

وأمام العالم طريق طويل لتطوير استخدم البطاريات المصنوعة من الليثيوم للسيارات الكهربائية، والمستخرج بطرق صديقة للبيئة. لتخفيف العواقب البيئية والاجتماعية لسلسلة توريدات السيارات الكهربائية.

على عكس الوضع الحالي من طرق التنقيب عن الليثيوم في الصخور الصلبة واستخراجه من الحفر المفتوحة وتعريضه للحرارة باستخدام الوقود الأحفوري، وتدمير مساحات وتعريضها للتصحر ويؤثر على السكان بتلك المناطق ويستهلك كميات هائلة من الخزانات الجوفية بمناطق شحيحة المياه وتطلق 15 طنا من ثاني أوكسيد الكربون لكل طن من الليثيوم!

ومن هنا تظهر دعاوى استخدام الليثيوم المعاد تدويره من البطاريات والالكترونيات.

وانتشار مشكلة العنصرية البيئية كحقيقة تتنافى مع الإنسانية والعدالة الاجتماعية بكافة الدول ولكن بنسب متفاوتة، حسب أسباب منشئها المتعددة كتفاوت في تقديم الخدمات بناء على تفاوت الدخل بين الأحياء الغنية والفقيرة أو المجتمعات الأصلية للسكان أو أصحاب البشرة السمراء. أو تعرض السكان لكميات كبيرة من السموم فيعيشون بالقرب من مصادر تلوث الهواء والتربة وبعيدا عن المياه النظيفة. أو يتعرضون لمستوى من ثاني أوكسيد النتروجين من مصادر صناعية. كيف ستكون صحة الأطفال وهم بالقرب من نفايات خطرة؟

يعاني كثير من البشر من مشكلة إيصال خدمات المياه غير الملوثة، صدق أن روسيا لديها مشكلة في تلوث المياه والتربة في بعض أرجائها.

وأعلم أن في أمريكا يشتكي السكان الأصليون وأصحاب البشرة السمراء من مشاكل العنصرية البيئية.

علما ليست القضية مناطة بلون وعرق معين بالطبع لا، فضعف التشريعات والاشتراطات البيئية يجعل من الدول الفقيرة بجنوب آسيا والقارة الأفريقية مكانا مناسبا لجذب مكبات النفايات والصناعات والتعدين والشركات متعددة الجنسيات لتستوطن بتلك الدول وتلقى سمومها، ثم تلصق ملصقا على منتجها يعبر عن التزامها البيئي.

كعاشقة للبيئة ليس لدي مشكلة مع كافة القضايا البيئية، لكن عندما تريد حل أي مشكلة لو أمسكت بذنب وطرف الخيط وتركت الرأس والخيوط الأخرى فأنت لم تحل المشكلة وتعالجها بل تستخدم مسكنا.

ونؤمن أن لكل دورا يلعبه ويقدمه تجاه البيئة لكن التركيز على تحديات معينة وإغفال أخرى يثير التساؤلات والاستغراب، ويستحق الإشارة إليه والتعمق به.

AlaLabani_1@