أحمد محمد الألمعي

كيف نربي أطفالا أذكياء؟

الاثنين - 07 يونيو 2021

Mon - 07 Jun 2021

تمت كتابة العديد من الكتب الطويلة حول موضوع الذكاء، ويقضي الكثير من الناس سنوات في دراستها، وهناك الكثير من الأفكار والأساليب في هذا الموضوع.

وينتاب كثير من الآباء والأمهات قلق بشأن نمو أطفالهم الفكري ولديهم الكثير من الأسئلة حول هذا الموضوع، مثل: هل يتعلمون بما فيه الكفاية؟ هل يعرفون الكثير من الكلمات مثل أصدقائهم؟ أليس هذا السلوك مبكرا أو متأخرا؟ في رأيي أن فترة الصيف وقت مناسب للوالدين لمراجعة خططهم وأفكارهم بخصوص مستقبل أطفالهم التعليمي والمهني.

من الطبيعي أن ترغب في أن يكون طفلك الصغير المحبوب هو الأفضل والأكثر ذكاء، وقد تواجه صعوبة في مقارنة طفلك بأصدقائه. كيف نعرف أن الطفل يسير على الطريق الصحيح؟ وماذا يمكننا أن نفعل لضمان تحقيقهم أفضل إمكاناتهم؟

يعتبر استغلال فترة الصيف جزءا مهما من بناء عقل الطفل خارج المدرسة، فقضاء ثلاثة شهور في اللعب غير الهادف خسارة كبيرة للطفل فكريا، كما أنه من الممكن أن تكون إجازة الصيف فترة صعبة وسلبية في حياة الطفل والمراهق إذا خلت من الإشراف والنشاطات الإيجابية وبرامج تحفيز وبناء الطفل. كذلك فإن لوجود الوالدين في حياة أطفالهم بطريقة إيجابية وفعالة أهمية كبيرة مقارنة بالاعتماد على الخادمة المنزلية والتي قد لا يكون تحفيز ذكاء الطفل ضمن أولوياتها.

كيف تعرف أن لديك طفلا ذكيا؟

من المهم أن نتذكر أن جميع الأطفال يولدون ولديهم إمكانات. في حين أن طفلك الصغير قد يكون عبقريا بالفعل، إلا أن هناك أنواعا مختلفة من الذكاء.

يمكن للذكاء أن يأتي بأشكال وصور مختلفة، وقد افترض الباحث النفسي هوارد جاردنر بصورة نظرية أن هناك تسعة أنواع مختلفة من الذكاء. وتشمل هذه: الحركية الجسدية، اللغوية اللفظية، المنطق الرياضي، الحس الموسيقى، البصري المكاني، الشخصية /شخصي، عالم الطبيعة، وجودي.

وفقا لجاردنر، في حين أن كل إنسان لديه مستوى معين من هذه الأنواع من الذكاء، فإن معظم الناس لديهم ذكاء معين وبارز يؤثر بشكل كبير على كيفية تفاعلهم مع الآخرين والعالم من حولهم. ونتيجة لقدرات ذكائهم المختلفة، يتعلم الأطفال بشكل أفضل بطرق مختلفة. بالإضافة إلى ذلك، يتفوق الأطفال في مجالات مختلفة، لذا إذا اخترت أن تصدق نظرية جاردنر، فإن كل طفل ذكي بطريقته الخاصة، والأمر متروك لك لتحديد ورعاية وبناء مكامن ذكائه. وحتى إذا كنت لا توافق على نظرية جاردنر، فقد أظهرت الكثير من الأبحاث أن السنوات الأولى من حياة الطفل محورية في تحديد كيفية تطور دماغه على الرغم من أن عقل الطفل يستمر في التطور حتى سنوات متأخرة.

تأثير الوالدين هو المفتاح الرئيس والعامل الأساسي عند محاولة تشجيع نمو طفلك الصغير. ضع في اعتبارك أن الباحثين الذين فحصوا العالم أينشتاين وغيرهم من المتفوقين يعتقدون أن بعض أساليب الأبوة والأمومة قد تسهم بشكل رئيس في تربية جيل من الناجحين.

وجد دكتور رونالد إف فيرجسون من جامعة هارفارد، وتاتشا روبرتسون، مؤلفا كتاب «الصيغة فتح أسرار تربية أطفال ناجحين للغاية» أن سلوكيات الأبوة والأمومة المؤثرة تشمل:

  • تشجيع استقلالية الطفل، وأهمية التدخل المناسب عند الضرورة.

  • تقديم أفكار وإمكانات جديدة للطفل وتعليم طفلك الصغير أن يكون مثابرا في إيجاد حلول للمشاكل.

  • اتخاذ قرارات استراتيجية تربويه بناء على احتياجات الطفل الفريدة.


ضع في اعتبارك المهارات التنموية

إذا وجدت نفسك تحكم على ذكاء طفلك مقارنة بطفل أحد الأصدقاء أو حتى ذكريات والديك عن طفولتك، فركز على استخدام القدرات والمهارات العامة. ويجب أن تضع في اعتبارك أن هناك العديد من العوامل يمكن أن تؤثر على قدرات الطفل وإمكانية تحقيق نجاحات في تعليمه ونشاطاته مثل:

العامل الوراثي - جنس الطفل - التغذية الصحة العامة - سن بدء الدراسة

كيف يمكن للأم تربية طفل ذكي؟

لا تحتاجين إلى تدريب خاص أو أدوات للقيام بذلك، فوجودك في حياة طفلك بطريقة فعالة وصحيحة هو أهم العوامل. عندما تفكرين في كيفية إعطاء طفلك أفضل بداية له، ضعي في اعتبارك ما يلي:

اعتني بنفسك أثناء الحمل

يبدأ نمو دماغ طفلك أثناء وجوده في الرحم. يمكن أن تساعد التغذية السليمة وتجنب أشياء مثل التدخين وتعاطي المخدرات أو الكحول طفلك على الوصول إلى إمكاناته الكاملة. يمكن أن تساعد الرعاية الصحية المنتظمة أثناء الحمل في منع المضاعفات والولادة المبكرة أو المبكرة التي يمكن أن تؤثر على دماغ الطفل.

تلبية احتياجات طفلك

ما التسلسل الهرمي للاحتياجات لعالم النفس أبراهام ماسلو. هي نظريه تفترض وجود هرم في أسفله عوامل مثل الطعام والماء والمأوى وفي الجزء العلوي من الهرم تحقيق الذات. الفكرة وراء الهرم هي أنه من أجل تحقيق أعلى الإمكانات والأهداف، يجب تلبية احتياجات المستوى الأدنى والأساسية. هذا ينطبق أيضا على طفلك، فمن أجل تحقيق نموهم الأمثل، يحتاجون إلى التغذية والنظافة والدفء العاطفي، فتلبية هذه الاحتياجات الأساسية مهم، وبالتالي تحقيق أقصى مستوى لإمكاناتهم، لذا فإن الوقت الذي تقضينه في إطعامهم أو احتضانهم استعدادا للنوم هو وقت مهم وعامل مهم في بناء قدرات الطفل.

العبوا سويا

إن قضاء بعض الوقت في اللعب مع طفلك يساعد في بناء رابطة بينكما تضع أساسا للعلاقات الأخرى في حياة الطفل. ويوفر اللعب فرصا لممارسة المهارات الاجتماعية والعاطفية والتواصلية والمعرفية الهامة. من المهم عدم إهمال هذا الوقت الخاص، حتى مع الأطفال حديثي الولادة.

شجعيه على النوم الجيد

يعد النوم أمرا حيويا في جميع الأعمار لتقوية الذاكرة، ولكنه ضروري بشكل خاص للرضع، حيث تستمر أدمغتهم في النمو ومعالجة المعلومات أثناء النوم.

قدمي خيارات تتعلق بالتغذية

من الضروري لنمو العقل الأمثل، أن يحصل طفلك على العناصر الغذائية المناسبة. في السنة الأولى من العمر، ستأتي غالبية هذه العناصر الغذائية من حليب الأم أو الحليب الاصطناعي. وتأكدي من أن طفلك الصغير ويحصل على كفايته من الغذاء. أثناء تحول طفلك إلى الأطعمة الصلبة، تأكدي أن غذاءه يحتوي على مجموعة متنوعة ومتكاملة من الطعام لتغذية الجسم.

اقرؤوا سويا

أثبتت الكثير من الأبحاث وجود أهمية كبيرة للقراءة بصوت عال لطفلك حتى قبل ولادته. في حين أن هذا لن يؤثر على تطوره الجسدي، إلا أنه سيؤسس نمطا للقراءة معا يمكن أن يكون له فوائد بمجرد ولادته. توفر الكتب فرصا لتعلم اللغة، وفرصة للتواصل مع الوالدين ومقدمي الرعاية، وأسلوب لتعلم مهارات بطريقة غير مباشرة.

تذكري أن التفاعل بينك وبين طفلك جزء مهم مما يجعل الكتب ذات قيمة تربوية. ضعي في اعتبارك الجمع بين الكتب والتفاعل العاطفي والأغاني واللعب من أجل نمو عقلي رائع.

تحدثي إلى طفلك

اللغة مهمة! عدد الكلمات التي تستخدم في التحدث إلى الطفل مهمة في تحسين مفرداتهم، والأبحاث أثبتت أن محادثة طفلك بكثرة تزيد من مهارات التواصل وقدراته غير اللفظية مثل المنطق والأرقام، فمن خلال بذل جهد للانخراط في محادثات إيجابية بشكل متكرر مع طفلك، يتحسن النمو العام، ويسهم في سلوك أفضل للطفل، وتقليل القلق، وزيادة الثقة بالنفس. ولا تنسوا تناول الطعام معا واستخدام الموسيقى كشكل آخر من أشكال التواصل والذي يرتبط بنمو الدماغ.

توفير الألعاب المناسبة لنمو الطفل

يمكن أن تساعد الألعاب طفلك على إتقان مهارات جديدة خاصة عند اختيار الألعاب المناسبة للنمو واختيار تحديات مناسبة ومعقولة أثناء اللعب.عندما يتمكن الطفل من إتقان طرق مختلفة للعب، فإن ذلك يسهم في تعزيز الثقة بالنفس والوعي المكاني والتطور المعرفي وليست هناك حاجة إلى الكثير من الألعاب إذا كانت نوعية الألعاب المتاحة تشجع التعلم والنمو.

تجنبي التلفزيون والأجهزة اللوحية

ربطت العديد من الدراسات قضاء الأطفال الصغار وقتا طويلا أمام شاشات التلفزيون والأجهزة اللوحية بالتأثير السلبي على نمو الدماغ. نتيجة لذلك، أوصت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) في عام 2016 بتجنب الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 شهرا مشاهدة التلفزيون والأجهزة اللوحية مثل الأيباد. وتوصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) بعرض البرامج المناسبة عمريا والتعليمية عالية الجودة فقط بعد 18 شهرا.

بين 2 إلى 5 سنوات من العمر، يوصى بقصر وقت الشاشة على ساعة واحدة كحد أقصى يوميا بحيث تحتوي على برامج تعليميه عالية الجودة تحت إشراف شخص بالغ لمساعدة طفلك على فهم ما يشاهده ولتجنب البرامج السلبية والهدامة.

أبقي الطفل نشيطا

أن تكون نشيطا أمر مهم للصحة العقلية وليس فقط للصحة البدنية. يفرز النشاط البدني الإندورفين، والذي يمكن أن يساعد في محاربة مشاعر الاكتئاب والقلق. يمكنه أيضا بناء الثقة بالنفس وزيادة احترام الذات وبناء المهارات المعرفية.

إدارة توقعاتك

تذكر أن النمو يستغرق وقتا ولا تنسى أن تبني خططا واقعية لطفلك بناء على الصورة والقدرات المتوقعة بشكل عام واحتفل حتى بالإنجازات الصغيرة على طول الطريق.

ركز على الاستكشاف باستخدام أكثر من طريقه للحفظ والتلقين في حين أنه من الرائع جدا رؤية طفل صغير يحفظ عواصم الدول أو حقائق الضرب، لا تركز كثيرا على الحفظ كدليل على الذكاء. يحتاج طفلك، خاصة في الأشهر والسنوات الأولى، إلى قضاء الكثير من الوقت في العمل على مهاراته الحركية الكبرى كالمشي والقفز ويتطلب تطوير هذه المهارات فرصة للاستكشاف واللمس والتحرك. يتعلم طفلك مع تقدمه في العمر العديد من الكلمات والحقائق في سياقات العالم الواقعي ويمكن أن يساعد تقديم هذا السياق في الاحتفاظ بالمعلومات.

يجب تذكر أن طفلك يتعلم وينمو كل يوم مما يعني أنه يجب أن تكوني دائما على أهبة الاستعداد للتعلم وإذا كنت ترغبين في مساعدته على الاستمرار في التعلم، فإن أحد أفضل الأشياء التي يمكنك القيام بها هو التركيز على الأشياء التي تهمهم.

عندما نتعلم المزيد عن نقاط القوة والضعف لدى الطفل ستتمكن من تصميم الأنشطة التي يشارك فيها ولا يتطلب ذلك بالضرورة الكثير من الألعاب الثمينة، التركيز يكون على الوقت البناء ونوعية التفاعل اليومي. على الرغم من أنه من السهل الانغماس في الشعور بالتنافس مع الوالدين الآخرين وأطفالهم، فإن كل طفل يتطور بطريقته الخاصة وفي الوقت الذي يناسبه. تذكري أن تحتضني طفلك وتشجعيه على أي نوع من المواهب الإيجابية والتركيز على تطوير مواهبه إلى أفضل مستوى.

في النهاية تذكروا أن كل طفل يعتبر فردا فريدا وشخصية مستقلة، وقد يتقدم في بعض المجالات بشكل أسرع أو أبطأ من غيرها. إذا كانت لديكم مخاوف بشأن توقيت مراحل نمو أطفالكم، قوموا بزيارة طبيب الأطفال ومناقشته حول ملاحظاتكم وأسئلتكم وعمل التحويل للمختص إذا تطلب الأمر.

@almaiahmad2