عائشة العتيبي

يظنون أنهم على حق!

الخميس - 03 يونيو 2021

Thu - 03 Jun 2021

قد تكون معتقداتنا وأفكارنا والصور التي بمخيلتنا وواقعنا ليس صحيحا؛ لأن في الغالب يقال «الطبع يغلب التطبع»، ويقصد به كل ما هو أصيل في عادات الإنسان يغلب ما هو مكتسب وليس من سجيته، والصحيح أن هذه المقولة غير ناجحة بنسبة 100% والسبب هو أمر واحد فقط أن الإنسان قد يستطيع إتلاف وخسارة وتدمير ما يفقد طاقته وعزيمته ويحطم من قدرته، فقد يكتسب التصرف وإصلاح نفسه على عدم العودة إلى عادات تنسيه حقه وحق الآخرين عليه أو حتى تفقده حس العطاء المعنوي والمادي بداخله لأجل أنه رجل لابد من إظهار صلابته ورجولته.

برأيي أنها قد تنجح هذه المقولة بنسبة متوسطة نسبيا، وتكون عامة، وليست على وجه الخصوص؛ لأن عند تحديد سلوك أو طريقة تصرف تختلف من شخص لآخر عند التخلي عن بعض العادات والتقاليد المكتسبة التي لا تصلح الشخص أو تظهر من جوهره الحقيقي، ومن الخطأ حين يظن البعض أن العادة هي العبادة والعياذ بالله، فالبعض يخلط بين الدين وبين العادات المعترف بها والتقاليد الموروثة والتي تدعى اكتساب من حياة مضت ولكن تجددت على مر السنين متنقلة بين الأجيال، ونسوا أن الدين يسر وصالح لكل زمان ومكان، فأصبحت الكلمات اللطيفة التي تقال تشكل عائقا يعثر من شخصية الرجل، وأصبح تصرف المرأة في أخذ حقها تنافس بذلك قوة الرجل وصلابته وأنها جريئة أيضا، فأصبح تغاضي الرجل عند أهله ببعض الأمور ضعفا في شخصيته وأصبحت المرأة التي تسعى لأجل أن تخدم نفسها ووطنها ليس خلفها رجل قوي يمنعها، لا أعلم هذا جهل أم رجعية أم الضعف بحد ذاته، والحقيقة لن ينتقص من حق الرجل أو المرأة بل كل منهما بشر يعبد الله مخلصا لهدف نهائي هو رضا الله ودخول الجنة، ومع العلم الكل محاسب ليس الرجل له أفضلية مطلقة على المرأة والعكس كذلك.

لابد من عدم خلط العادات والتقاليد بموضوع الدين، لأن الدين أصل قائم لا يمكن الاختلاف عليه ومطلب واجب لابد العمل به تحت حدود شرعية وضوابط بشرية تحكمها النفس والعقل ومعرفة طريق الصواب والخطأ، أوضحها سماحة الدين وبساطة العقيدة ولكن ‏هنا الإشكالية في الربط بجانب بعضهما البعض وهذا أمر لا يحمل من صواب أي قيمة؛ نحن نحترم التقاليد والعادات والمكتسبات الموروثة و‏المتناقلة والتي قد يكون البعض منها نافعا وسليما لحفظ المبادئ والقيم التي تريدها قبيلة معينة أو فئة بعينها.ولكن أن تصل لأحكام التحريم والتحليل هذا أمر غير لائق ولا يرضى به المسلم الذي فهم الدين وأصوله وتشريعاته الصحيحة، وأن تفضيل الذكور على الإناث أو إسقاط حق من حقوق أحدهما على الآخر وأنها عادة يجب تطبيقها والعمل بها، وهذا من المؤكد إنقاص في أمور الدين وظلم للنفس فالذي لا يأمر الله بتحليله أو تحريمه يعد أمرا خارجا عن العقيدة، وما هي إلا اجتهادات من أفراد أو جماعات من الذين ‏أرادوا أن يسنوا سنة جديدة مبتدعة تعطيهم الأحقية في ظلم الآخرين ظانين أنهم على خير بسبب اجتهادات جاؤوا بها بغير الاستناد على منهج إسلامي واضح وصريح، فالأحكام جاءت في كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى عليه وسلم بمنهج صريح وموجز دون تكلف أو تعقيد، فالبعض وليس الكل يهتم لعاداته وتقاليده أكثر من اهتمامه بأمور دينه ويخاف من الناس وينسى الأهم من ذلك خوفه على نفسه من عقله الذي لا يفكر ونفسه التي يحرص على تغذيتها بمخزون تحت مسمى معتقد وعادة مبتدعة أوصلته لمرحلة طرح الحكم التشريعي لما يراه، فما أنت سوى شخص نقل ما طبقه غيره دون وعي وإدراك لأمور الدين، فليس لديك العلم والعمل الكافي في اتخاذ قرار شرعي صارم أو إطلاق حكم على شخص ظلم وجور عند معتقد خطأ حملته أنت على مر السنين معتقدا بذلك أنك رجل دين وصاحب علم، فتعلم العلم الحقيقي هو تعلم أصول الدين وفهم تشريعاته والتثقيف والقراءة الواسعة في فتاوى كبار العلماء وأصحاب الفضل والدين؛ فعندما تستند على حكم معين لأمر معين عليك اختيار مرجع صحيح ومعلومة ليست مغلوطة ومصدر دين موثق متعارف به وليس تطلقه على خبرة سابقة عشتها في زمن الأوليين وسمعت بها وتناقلت بينكم وكل ما عليك هو العمل بها وإلزامية تطبيقها على من حولك.

يجب فهم الدين فهو أيسر من عادات تخشى عدم العمل بها لأجل لا يقال عنك لست برجل، أو عبادة أنت تؤمني بأنها عادة جاهلية قد انتهت وهي أمر ديني ملزمة أنت بتطبيقه، هذا زمن اختلط به مسمى الصحوة بعصر التطور وضاع بينهم فهم الدين، وأما معرفة الحدود التي يرضى الله بها من المؤكد أن تضعك داخل صندوق الأمان والطمأنينة الدائمة والمسببة للاستقرار النفسي والعقلي الذي يمنحك الكثير من المعرفة والفهم.

3ny_dh@