أحمد بني قيس

قراءة هادئة عن مكبرات الصوت في المساجد

الخميس - 03 يونيو 2021

Thu - 03 Jun 2021

بداية نحمد الله على نعمة الإسلام وعلى حسن إقامة أركانه، كما نحمد الله على مدى اهتمام شعب هذا البلد وحرصه على أداء شعائر دينه والالتزام بها وحرص غالبيته على أداء الصلاة بوجه خاص التي هي عمود الدين في المساجد وعدم التقاعس عن ذلك إلا بعذر شرعي، وتبرز أهمية المساجد في قول الله عز وجل عنها «في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال» وفي هذا الوصف الرباني للمساجد إبراز لمدى العناية الكبيرة التي حظيت بها في الدين وجملة الفوائد التي يحققها الحرص على أداء الصلاة حاضرة فيها.

ولكن هذا الحرص تسبب في أمور لا تخدم أداء هذه العبادة على وجهها الأكمل، ومن بين هذه الأمور التواجد الكثيف للمساجد في جميع أحياء مدننا واستخدامها جميعا لمكبرات الصوت، مما تسبب في تداخل الأصوات بشكل مزعج في الصلوات الجهرية، فأدى هذا التداخل إلى تشتيت أذهان المجاورين للمساجد الذين تمنعهم أوضاعهم الصحية أو غيرها من الظروف من الذهاب إلى المساجد، كما أدى أيضا إلى منعهم من حسن متابعة قراءة القرآن والاستئناس به، الأمر الذي فيه معارضة تامة لقول الله عز وجل «وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون».

لذا قامت الجهات الرسمية بمنع استخدام مكبرات الصوت أثناء أداء الصلوات الجهرية في سعي منها لمعالجة الأمور التي تسببت فيها مكبرات الصوت ولكن قوبل هذا الإجراء بشيء من البلبلة عند الذين منعتهم عاطفتهم الدينية من تفهم هذا الإجراء وتفهم أسبابه رغم علمهم بأن هذه الأسباب موجودة وحقيقية ونتائجها غالبا لا تخدم الهدف الرئيس من أداء الصلاة وهو التقرب إلى الله بخشوع وسكينة وتدبر.

ومما يعزز صواب هذه الخطوة أقوال سابقة للشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين في حياة الاثنين رحمهما الله عن هذا الشأن تحديدا حيث كانت أقوالهما الواضحة والصريحة تحث على اتخاذ مثل هذا الإجراء لنفس الأسباب سالفة الذكر.

إن مشكلة مجتمعنا الأزلية أنه يرفض التغيير ويرفض تبني الأمور المستجدة خوفا من تأثيرها السلبي على الدين وعلى الالتزام بتعليماته وهذا الهاجس الذي دائما ما يكون حاضرا في أذهان الكثير عند تعاملهم مع هذه المستجدات سرعان ما يختفي عندما يثبت للمتخوفين لاحقا بأن مخاوفهم لم تكن في محلها ويثبت لهم أيضا أن في تطبيق هذه المستجدات فوائد جمة للدين والناس مما يجعلنا نحمد الله على وجود قيادة حكيمة تسبق شعبها دائما في تبني أمور يثبت الواقع فيما بعد مدى جدواها ومدى سوء تقييم كل من كان يتخوف منها ويعارض تطبيقها.

ahmed_baniqais@