نجاح الزهراني

اقتل المتعة

الأربعاء - 02 يونيو 2021

Wed - 02 Jun 2021

تصدرت مؤخرا عبارة (لا تقتل المتعة) واستخدمها العامة كناية عن (استنكار) عما يوجه لأحدهم من انتقاد أو رفض لتصرف أو فعل معين، وكان الغرض منها أن يترك الناس مالا يعنيهم. فالقاعدة الدينية تقول (من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه).

بيننا من يجد في نفسه الولاية والوصاية على الآخرين، فيعمل جاهدا على تقصي الأخبار ومعرفة ما هو جديد، متحريا في فعله خطأ أو تقصير من حوله تصيدا للأخطاء، وذلك حتما تطفل وفضول منه وسوء تدين، وأجره على الله. وهناك أيضا من يملأ فراغه بمراقبة الناس ظنا منه أنه واجب ديني من منطلق القاعدة الدينية (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) وأجره على الله أيضا.

لا تقتل المتعة يا مسلم كانت عبارة عفوية ولكنها أصابت عين الحقيقة، تحدث قائلها عن بعض الممارسات الخاطئة من فئة من الناس، فقال إن التدخل في حرية الكلمة والفعل هو قتل للمتعة الشخصية، بما يعني أن وجود المساحة المحايدة بين أفراد المجتمع من ضرورات الحياة للتعايش. تقبل واحترام تباين واختلاف أفراد المجتمع هو تعزيز لروح السلام الداخلي أولا والخارجي أيضا. ولكن هناك من يؤمن بنظرية القطيع أي أن الجميع يجب أن يفكر بعقل الرجل الواحد وأن نعيش متشابهين في جميع أوجه الحياة فما يعجبني يجب أن يعجبك وما كرهته وجب عليك أن تكرهه وتتوقف عن فعله.

أما بالنسبة لعنوان هذا المقال فقتل المتعة قد يكون واجبا ومطلبا دينيا، عندما تكون المتعة في التعدي على حدود الآخرين وتعكير صفو حياتهم فلا بد أن تقتل متعتهم. فهؤلاء إن لم يؤذوك بألسنتهم أو بأيديهم فهم يسخرون لك سوء ظنونهم المبنية على فرضيات افتروها كذبا وبهتانا، ولعلها من أقبح ما يوصف به المسلم، فالقاعدة الدينية تنص على أن (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) وكذلك فحش نياته.

ليس كل فعل محلا للشك، وليس كل كلمة يقصد بها إساءة، من يفترض سوء النية دائما مستخدما في ذلك (غباءه) المفرط نذكره بقوله تعالى (يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا) الآية. ربما يكون قتل المتعة هنا بالتجاهل، وذلك أضعف الحلول ونفوض أمرهم لربهم.

ويبقى السؤال: ماذا يعني ذلك؟ ما معنى الحياة بالنسبة لهم، يقول الفيلسوف توماس نيجل إن كل الأشياء صغيرة كانت أو كبيرة لها تبريرات حتى وإن كانت بلا هدف. أي أن كل فعل له مفهوم خاص لدى الشخص، وقد يكون سلوكا طبيعيا جدا، لكنه مشين ومعيب للآخرين. لذلك أختم هذا المقال بسؤالين للقارئ: ماذا تعرف عن الحياة الواعية؟ ومالذي يجعل عقلك واعيا؟

@Najah_Alzahrani