عائشة العتيبي

أمر الحيرة وقيمة الاستفادة

الخميس - 27 مايو 2021

Thu - 27 May 2021

الحيرة التي تجعل من الأمور أكثر سهولة أخطر قرار يمكن أن يتخذه الشخص أمام ما يريد ويطمح له خوفا من الفشل أو خسارة توقع به.الحيرة فضاء خال من السكون والعتمة وحتى السعة، لأن الحيرة فضاء غير متسع، ضيق من ناحية الفكرة والتفكير، ومتسع من ناحية الخطوات والأمان في دائرة كبيرة غير واضحة أقطارها ومؤثرة على النفس والاتزان والثبات، فعندما تتقدم خطوة قد تعود إلى الخلف عدة خطوات بسبب الضغط الهائل الذي تريد تحقيقه ولكنك سوف تكون مترددا من النتيجة النهائية عند اتخاذ قرار قد يكون خطأ أو صائبا، إذا أنا رسمت بمخيلتي تلك الفكرة بمسمى الحيرة وجعلتها عبارة عن دائرة متسعة عند اتخاذ القرارات وضيقة من ناحية التفكير الصحيح قبل إطلاق أي قرار، أؤمن أننا نفكر كثيرا ولكن بشكل غير لائق بما قد نقوم به ثم نصاب بدوامة الحيرة ونترك محتوى الفكرة وننظر إلى النتيجة المتوقعة مستقبلا؛ إذا عندها لماذا لا نصاب بالحيرة؟!

إن التركيز على النتائج أمر محير بحد ذاته، والأهم ما هي القواعد الصحيحة التي يمكننا الاعتماد عليها حتى تصل فكرتنا إلى بر الأمان ثم نقرر بعد ما نرى النتائج، صحيح قد يكون بعض النتائج معروفة قبل الخوض في مرحلتها الأخيرة ولا ننتظر حتى نتأكد من عدم نجاحها، والسبب لأن التفكير لدينا لم يصل بعد إلى نقطة الاتزان والتصالح مع الذات والاستفادة منها حتى لو لم تنجح وبذلك نستطيع أثناءها الابتعاد عن دائرة الحيرة فيقل بداخلنا الضغط الهائل الذي نشعر به من تخوف وقلق المسببة لنا عملية التراجع والإحباط والتشاؤم وتحد حتى من العطاء الذي يمكننا الاهتمام به وتطويره والعمل على تزويد طاقتنا بمخزون كاف في طرح الفكرة حتى لو لم تنجح، فأقل ما يمكن نستفيد من تجربتها وتصحيحها والعمل على تطويرها فيما بعد إن أمكن ذلك.

لم نفكر أننا يمكننا الاستفادة من بعض المحاور ومعرفة الأخطاء وكيف يمكن تجنبها لاحقا عندها سنترك الحيرة، فمن المؤكد لا بد من شجاعة واختيارها خصوصا في اختيار القرارات المفاجئة وغير المحسوب لها مسبقا، لا بد من التفكير السريع والرد بقيمة تجعلك بالمنتصف إذا لم تستطع النجاح بها فأقل تقدير يجب أن لا تخسرها، تحديد النجاح أو عدمه أحيانا لا يعتمد على النتيجة النهائية بل قد يعتمد على مبدأ الفكرة وكيف تم بناؤها وحلها والعمل عليها بكل إتقان وإحكام، لأن النجاح ليس مقتصرا على النتائج فقط، بل عند المستوى الذي يؤهل إلى هذا النجاح من فكرة وبناء وحلول ومستويات قابلة للتغيير والتعديل والتطوير وكفاءة الشخص نفسه في استيعاب طاقة التحمل والصبر والمثابرة والبذل إلى حد يمكنه من صنع الاستفادة قبل انتظار الناتج النهائي، إن الأشخاص الناجحين هم الذين يرون نجاحهم ليس في حصيلة الناتج وحسب، بل في اتساع الوقت الذي قد هدر والعمل الشاق والمصاعب التي استطاعوا التغلب عليها حتى أصبح إنجازا لهم وكان إطاره الخارجي ما تم بذله لكي يحصلوا على الاستفادة قبل عملية نجاحها من عدمها.

الحيرة سوف تتلاشى عندما نفكر كيف نستفيد من أخطائنا السابقة ومواقفنا السيئة ومصاعبنا الشاقة وردات أفعالنا المفاجئة، وكل ذلك وأكثر سوف يختفي حين ندرك قيمة معنى الاستفادة من أي تجربة، كلما كنت أنت ذا فكر عال ومنطقي قل لديك معنى الحيرة في القرار واتخاذه وجعله من هذا كله نقطة اتزان وقوة يصلح ما قد مضى ومعرفة ناتج ما قد يأتي وتحديدك للفكرة سوف يكون تلقائيا، فالنجاح الحقيقي هو قيمة الاستفادة من عمل نتائج الحيرة، وليس ما هو معدل نجاح تلك النتائج من عدمها.

@3ny_dh