وائل الحارثي

الإعلام السياحي وتساؤلات مشروعة

الخميس - 27 مايو 2021

Thu - 27 May 2021

اتفق العالم على أن الإعلام أصبح هو وحدة التوجيه الأولى للشعوب، بل إنه بات إحدى أهم أدوات الدول والمؤسسات في تعديل أو حرف قناعات الجمهور، هذا إلى جانب كونه هو من يحدد الرأي العام وهو من يُحوِّل الخسارة إلى انتصار والعكس.

المراقب للساحة الدولية والدارس المتخصص فيها يُدرك بما لا يدعُ مجالاً للشك أن الأداة الأولى للانتصار في أي معركة أو مواجهة ترتكز في الأساس على الأدوات الإعلامية لتلك الجهة وتميزها عن الجهة المقابلة، فإن امتلكت جهة ما إمكانات إعلامية أكبر من جهة أخرى رغم امتلاك تلك الجهة للعتاد والسلاح، إلا أنه في عام 2021 بات من السهولة بمكان حسم المعارك لمن يمتلك القوة الإعلامية أسرع من ذلك الذي يمتلك السلاح والعتاد بدون إمبراطورية إعلامية متطورة قادرة على مجاراة التغيرات الحاصلة في العالم.

في المملكة العربية السعودية، تمكن الإعلام السعودي الداخلي من تقليل نسبة السفر إلى الخارج بنسبة 30% بحسب ما صرح به وزير السياحة أحمد الخطيب، ولكن الأسئلة التي لم يقدم الوزير بشأنها هي: وماذا عن التأثير العالمي لهذا الإعلام؟ هل إعلامنا السعودي يخاطب العالم الخارجي ويمتلك رسائل محتوى لذلك أو أم تركيزه فقط على جمهورنا الداخلي؟ وهل تمكن الإعلام السعودي من تقليل السفر إلى الخارج لهذه النسبة يعني إقناعه للجمهور نحو السياحة الداخلية أو أنها مجرد تحويل الجمهور السعودي إلى مجرد جمهور سلبي تجاه السياحة الداخلية والخارجية؟.

الأسئلة السابقة تدفعنا كأهل اختصاص لدراسة المتغيرات المختلفة المتعلقة بمزاج المواطن السعودي حتى نتمكن من بناء الخطط والاستراتيجيات السياحية على أسس سليمة، وبما ينعكس بالإيجاب على النهوض بالواقع السياحي في المملكة. إن الدراسة الموضوعية لهذه الحالة ترتكز على أكثر من جهة، وأهمها في الوقت الراهن لوسائل الإعلام التي ينبغي أن تنهض بشكل أكبر مما هي عليه الآن وتعزز حضورها وتواجدها في ساحة وسائل التواصل الاجتماعي «تويتر، فيس بوك، وغيرها» كونها الأكثر متابعة من قبل الجماهير، سواء كان ذلك داخل المملكة أو خارجها، وهذا بحسب الكثير من الدراسات المتعلقة بوسائل الإعلام ودورها في تغيير قناعات الجماهير أو تصويبها.

لكن وعلى الرغم من ذلك، فهناك جزء ممتلئ من الكأس وهو ما يدعو إلى التفاؤل تجاه إمكانية التقدم مراحل متعددة في الواقع الإعلامي، فقد بدأنا نشاهد في الفترات الأخيرة وجود حسابات رسمية في مواقع التواصل الاجتماعي تويتر وغيرها تدعم وتوجه الخطاب للمجتمعات العربية لزيادة الإقبال السياحي وأيضا تعزيز المفهوم الثقافي لديهم، على العكس تماما لا نشاهد أي دور فعال في هذا الجانب من قبل السفارات للمملكة العربية السعودية والأقسام الإعلامية فيها، فهي لا تزال تعيش في حالة جمود.

إن التحرك والتأثير وكسب الرأي العام في الدول التي تحتضن مقرات السفارات جزء مهم في عمل هذه السفارات، ولذلك نتمنى في القريب العاجل مشاهدة مثل هذه الأعمال التي سيكون لها تأثير مستقبلي فعال على السياحة داخل المملكة والتي تطورت بشكل كبير في السنوات الأخيرة.

إن التطور المهم في المنشآت والمرافق السياحية السعودية ينبغي أن ينهض بالتوازي معه واقع الترويج والنشر على ساحة الإعلام وبخاصة ساحة الإعلام الأزرق «تويتر، وفيس بوك، وغيرها» فبدون النهوض في هذه الساحات سنبقى نجدف بمجداف واحد، هذا من جانب.

ومن جانب آخر، فعشرات السفارات ومكاتب التمثيل الدبلوماسي المنتشرة في العواصم العالمية لم يقم بعضها بالدور المطلوب منها في هذا السياق، نتمنى أن نستيقظ ذات صباح وقد وجدنا ساحة الإعلام الاجتماعي السعودية تصل إلى كل بيت على وجه الأرض.

@waeilalharthi