ذكريات مع الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود

الاحد - 24 يوليو 2016

Sun - 24 Jul 2016

كنت أزور الرياض للمشاركة في مهمات تتعلق بعملي برئاسة القضاء – وكنت أقيم في الرياض المدة التي تقتضيها المهمة بمنزل العم علي حسن خياط، ثم لما نقل عمل ابن العم لشرطة العاصمة المقدسة، تحولت إلى منزل ابن ابن العم عدنان خياط.

وذات يوم وبعد صلاة المغرب قال لي بأنه سيذهب إلى قصر الملك سلمان (عندما كان أميرا للرياض) للسلام عليه وتهنئته بسلامة والدة ابنه الأمير فهد بالخارج للعلاج، فقلت للابن عدنان وهو مدير العلاقات العامة بالخطوط السعودية: هل هناك حرج عليك لو ذهبت معك؟ فرحب وذهبت بمعيته، وعندما سلمت على سموه وأنا باللباس المكي الذي لا أبدله - إلا عندما أكون خارج المملكة ولبعض الضرورة- قال لي: يا زين لباسكم يا أهل مكة! وكنت أمشي والبسطون في يدي فسألني: أنت جاي من مكة؟ فرددت نعم، جئت مهنئا بسلامة والدة الأمير فهد. فقال: ولماذا العصا؟ فقلت: الضرورة لا أحوجك الله إليها، فقال: ولماذا لا تتعالج في مستشفيات المملكة أو بالخارج؟ أريد منك يا راعي مكة أن تقابل مدير المراسم عند خروجك - بندر العقيل مدير المراسم بأمانة الرياض-.

وعلى فنجان القهوة وكوب الشاهي قال لي بالحرف الواحد: طويل العمر أمر بما ترغب لعلاجك في المملكة أو بالخارج. فقلت له بأنني قرأت بعكاظ يوم أمس قدوم أطباء متخصصين في العظام إلى مركز الأبحاث بالرياض – وأود لو أمكن أن ينظروا في أمر علاج الركبتين، – فاتصل الأخ بندر بالمستشفى التخصصي بالرياض وكان مديره سعادة د.أنور وأفهمه بأن سمو الأمير سلمان يأمر بأن يعرض أمره على الأطباء الذين قدموا أول أمس والترتيبات اللازمة. وبعد دقائق وعلى فنجان الشاهي رد مدير المستشفى بأن أكون بالمستشفى الساعة الثامنة صباحا، وسألني هل يمكنك ياعم أن تحضر في الثامنة صباحا إلى المستشفى ويقابلك سعادة المدير ويرتب اللازم؟ فرددت عليه سأكون في المستشفى بعد صلاة الفجر إن شاء الله، وشكرت له هذه العناية بي، ولم أفطر في الصباح، وذهبت مع الابن عدنان رمزي خياط، للمستشفى وذهب هو لعمله بالخطوط.

وفي الساعة الثامنة تماما كنت في غرفة الفحص وأجريت الأشعة، ولأنني قلت لهم إنني صائم أجريت التحاليل والفحوصات، وجاء الابن عدنان قبل العصر، وكان التقرير جاهزا. وبعد نهاية مهمتي برئاسة القضاء، راجعت المستشفى وكان الأطباء الذين أجروا الفحوصات قرروا (عمليتين للركبتين وتغيير مفاصل) قد سافروا إلى أمريكا – وقالوا إذا أجريت العملية فالتوجيه من واشنطن والعملية بالرياض منقولة على (القمر الصناعي)، وكانت العملية ولأول مرة بتخصصي الرياض تنقل من أمريكا.. وسألني الأطباء: هل تريد عمل ركبة واحدة وبعد 3 شهور نعمل الثانية أم تريد أن نعمل الركبتين في وقت واحد؟ فأجبتهم: (ذلك لكم). فردوا: نعمل الركبتين، فدخلت المستشفى في غرفة خاصة وأجريت العملية بنجاح.

وفي اليوم الثاني جاء الأطباء وبرفقتهم المسؤول عن العلاج الطبيعي لأنزل من السرير وأمشي على عكازين فقلت: لا أقدر! فقالوا: لا بد، وكان الأمر كذلك.

وبعد 15 يوما سمحوا لي بمغادرة المستشفى، فقلت للابن عدنان: لا أرجع إلى مكة حتى أسلم على الأمير سلمان بالإمارة، فذهب معي الابن عدنان وقابلنا مدير المراسم الأستاذ بندر العقيل واستأذن لنا بالسلام على الأمير وسلمنا وشكرنا سموه على ما كان وعلى فنجان القهوة سلمني بندر العقيل شيكا باسمي بمبلغ خمسين ألف ريال، وكانت تلك أول مرة أقابل فيها سموه الكريم بعد المقابلة التي بدأت بقصر سموه الكريم، وبعدها علمت بأن سمو الأميرين سلمان وأحمد يحتفلان بأستاذهما الشيخ عثمان بن ناصر الصالح بالحي الدبلوماسي، وكنت بالرياض بمنزل معالي الشيخ د.عبدالملك بن دهيش ووصلته دعوة لحضور الحفل، وكانت حرمه المصون منومة بالمستشفى السعودي الألماني بجدة، فأرسل اعتذارا وقلت له إنها أحق بهذا الكرت. فقال لي لا داعي، اذهب بلباسك المكي وأنا أضمن لك بأنه لا يردك أحد. فحضرت وعندما سلمت قال لي: جئت من مكة؟ فرددت ولماذا لا أجيء؟ فالشيخ عثمان رائد التعليم وله حق عند الجميع، ورأيت رجالا من مكة حضروا بدعوة أعرف منهم سعادة الشيخ عبدالرحمن فقيه والشيخ رشاد علي زبيدي.

ثم تكررت مقابلتي لسموه وسمو الأمير أحمد بدار سعادة الشيخ عبدالرحمن فقيه بمكة وبالسلام عليه، وقال لي: رأيتك قبل اليوم؟ فقلت نعم. وأهديته الغبان فقبلها جبرا لخاطري، وهو الذي لم يقبلها بالرياض، وقال: أنت جئت بها من مكة وترجع بها. وقدمت لسموه معروضا يتعلق بأمر ظلم فيه ابني.

وفي المرة الأخيرة وبمنزل الشيخ فقيه قابلته ليلة 29 رمضان وسلمت على سموه فقال لي: لم نترك موضوع ابنك ولكن مدير عام الخطوط سيتخذ إجراء هو ما يتخذه في مثله، وقد كلفت من يخبرك بذلك فرددت شاكرا ومقدرا وما زلت شاكرا ومقدرا وداعيا بالتوفيق.