عبدالله قاسم العنزي

خصائص الشهادة

الاحد - 23 مايو 2021

Sun - 23 May 2021

إن وسائل الإثبات هي معين القاضي في بحثه عن الحقيقة، وهي أداة من أدوات الخصوم في مواجهة بعضهم وحماية حقوقهم متى سلبت منهم، والشهادة هي إحدى أهم وسائل الإثبات التي استعان بها أصحاب الحقوق في حفظ حقوقهم، وهي مقررة شرعا باتفاق الفقهاء كما في قوله تعالى «وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله» وكذلك كما جاء في آية أخرى «واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان «وأيضا» والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة» وروي في الحديث أن الأشعث بن قيس كان بينه وبين رجل خصومة في بئر فاختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال «شاهداك أو يمينه» فهذا الحديث يدل على أن الشهادة دليل يأخذ به القاضي متى ما اطمأن إليه، وهناك الكثير من الآيات والأحاديث التي تدل على مشروعية الشهادة في إثبات الحقوق، وقد اصطلح الفقهاء على أن الشهادة هي إخبار عدل حاكما بما علم، وهي الإدلاء بأقوال حول واقعة سبق إدراكها، أو الإدلاء الصادر في جلسة المحكمة بقصد إثبات واقعة والشهادة، وفي اللغة مشتقة من فعل (شهد، ويأتي من عدة معان منها الحضور والمعاينة والعلم والإخبار بالشيء خبرا قاطعا.

وتأسيسا على ما سبق فإن الشهادة بصفة عامة من الموضوعات البالغة الأهمية والخطورة؛ لأنها إحدى الأدلة التي تستند إليها المحكمة في تقرير مصير المتهم الماثل أمامها، أو تقرير حق لشخص يطالب به، وفي المقابل هي دليل نفي بحيث يقدم الشهود بنفي واقعة معينة متنازع فيها في مجلس القضاء، وقد نص الفقهاء على خصائص للشهادة كدليل من أدلة الإثبات نوردها على النحو التالي:

أولا: إنها حجة غير ملزمة للمحكمة سلطة تقديرية واسعة في الأخذ بالشهادة أو عدم الأخذ بها فلها أن تأخذ بشهادة شخص واحد مع يمين المدعي إذا اقتنعت بصحتها فكما جاء في الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام قضى بالشاهد مع اليمين كما أن لها أن ترد شهادة شاهد أو أكثر إذا لم تقتنع بصحة الشهادة.

ثانيا: إنها حجة غير قاطعة فتقبل الشهادة لإثبات العكس بخلاف اليمين الحاسمة فإن ما يثبت بالشهادة يكون قابلا لإثبات العكس بشهود آخرين أو بدليل آخر من أدلة الإثبات، وإذا أحضر أحد الخصوم شهودا لإثبات دعواه جاز لخصمه أن يحضر شهودا لرد هذه الدعوى وهو ما يطلق عليهم بشهود النفي.

ثالثا: إنها حجة متعدية بمعنى أن ما يثبت بالشهادة يتعدى إلى الجميع كما هو الحال بالنسبة للدليل الكتابي في حين أن الإقرار حجة قاصرة على المقر - مثال - من أقر بدين مشترك عليه وعلى غيره فإن إقراره هذا ينفذ في حق نفسه فقط ولا يتعدى إلى شريكه حتى يقر هو بنفسه أو تقوم البينة بالشهود.

رابعا: إنها حجة مقيدة أي تقضي القاعدة العامة في الإثبات، أن الإثبات بالشهادة يقتصر على الوقائع المادية فهي حجة محدودة ومن ثم لا يجوز الإثبات بالشهادة في جميع الأحوال.

expert_55@