أحمد الهلالي

منابع الحقد على عرب الجزيرة!

السبت - 22 مايو 2021

Sat - 22 May 2021

منذ مدة ليست بالقصيرة وآذاننا تؤذيها أفواه بعضها عربية وبعضها عربها أسلافنا، لن تكون كلمات شربل وهبة آخرها، فهي ثقافة رسختها في أفهامهم مؤثرات شتى، يخبئونها وقت احتياجهم، وتفضحها المواقف، فليس الاتهام بالبداوة والتخلف عن ركب المدنية التي يدعونها إلا جانبا من جوانب هذه القضية، أما مظاهرها فكثيرة جدا، ويكفي هنا أن نستعرض (منابع الحقد) المؤثرات الرئيسة التي تذكي كل هذه البذاءات والمواقف الظالمة.

عملت القومية العربية عملها في نفخ الذات، خاصة بعد الخلاف بين الملك فيصل وعبدالناصر يرحمهما الله، فقد كان الأخير يأنف أن تكون في المنطقة شخصية تتفوق أو تساوي شخصيته، وبدأ بما يسميها الأمير تركي الفيصل (اللكمات الإعلامية) ضد المملكة وضد الملك شخصيا، وحاول زعزعة استقرار المملكة عبر أكثر من طريقة، والملك متمسك بفضيلة الصبر، وبعد ذلك دأبت أدبيات القوميين تجتر مقولات (البداوة والتخلف والرجعية والناقة والخيمة وما يشبهها) بمناسبة وبغير مناسبة.

ومن جهة أخرى، قام النظام الخميني في إيران عام 1979م، فعمد إلى إحياء الفكر الشعوبي وكل ما أفرزه سقوط الدولة الساسانية بعد الفتح الإسلامي، واستمر يذكي هذا الخطاب في مناطق نفوذه المذهبي، كل ذلك للتفريق بين (عرب الماء وعرب الصحراء) كما يسميهم د.سعد الصويان، فاستعرت المقولات المتعالية لبعض عرب الشمال حتى أن بعضهم طالب العرب بدفع تعويضات عن الفتوحات الإسلامية منذ 1400 سنة.

ومن ناحية أخرى، استقبلت المملكة والخليج آلاف العوائل الإخوانية الطريدة من اضطهاد الناصريين والبعثيين، فآوتهم وأكرمتهم، وحين تبينت خطر مشروعهم ضد من أكرمهم ومن خالفهم، اتخذت مواقف لتحييد مشروعهم السياسي المرعب، فقابلوا الإحسان بإساءاتهم التي لا آخر لها، وامتلأت أدبياتهم وفتاواهم وتنظيراتهم بكل ما يسيء لنا، فانضافوا إلى الخمينيين والناصريين والحسدة، ومثلهم أيضا إرهابيو القاعدة وداعش حين تصدى لهم الخليجيون بكفاءة عالية حيدت خطرهم.

أضف إلى ذلك أن دول الخليج العربي أكرمها الله بأهم منابع النفط في العالم، فاعتمل الحسد في نفوس كثيرين؛ فهم يرون أنهم أحق بها لفضلهم ولتحضرهم وثوريتهم كما عبر هيكل، وقد عميت أبصار بعضهم عن نفط العراق وليبيا الضخم، وبكميات أقل في غيرها، ومع ذلك كان نفطهم وبالا عليهم، وقد رزحوا تحت نير حكومات ثورية قمعية، لم تحافظ على مكتسباتهم الاقتصادية، ولم يفلح تحضرهم المزعوم ولا ادعاء التفوق الثقافي في رأب الصدوع التي مزقت مجتمعاتهم وجعلتهم فرائس سهلة للفرس والأتراك وغيرهم، وفوق ذلك يعلقون فشلهم وضعفهم على دول الخليج.

ليس جديدا حديث شربل، ولا زيدان ولا هيكل ولا قباني ولا غنيم ولا غيرهم الكثير من مشاهير ومغمورين، ومن سياسيين ومثقفين وإعلاميين ورجال دين، فجهلهم بجزيرة العرب وتقوقعهم في محاريب عبدالناصر والخميني والإخوان والدواعش، هو المسؤول عن تخلفهم ورجعيتهم، فلم يروا حتى أن دول الخليج العربي فتحت أبوابها لاستيعاب العاطلين من أبنائهم، وهذه مأثرة صغيرة في حسابات المآثر التي خصتهم بها، وهي القديرة على الاستقدام من دول أخرى، فكما استغنت عنهم منذ السبعينيات بابتعاث أبنائها إلى الغرب وآسيا، فهي قادرة على الاستغناء عن الكوادر العربية (ضعيفة التأهيل)، لكن أصالة عرب الجزيرة تمنعهم عن اتخاذ هكذا قرار.

ها هي السعودية تتلقى صواريخ الحوثيين وعلى أراضيها ملايين اليمنيين، وتتلقى بذاءات ومخدرات وشتائم وطعنات عرب الشمال وعلى أراضيها ملايين من أبنائهم، وغيرهم وغيرهم، فماذا يمنعها من اتخاذ إجراءات قاسية ردا على ما تلقاه غير إيمانها بأنها العمق الحقيقي للعرب والمسلمين، واعتدادها بذاتها المترفعة عن نقائصهم ودونيتهم، ورغم ذلك فللحلم وللصبر حدود، فكما تألم فلاحو لبنان، ربما يألم كثيرون، فاتقوا غضب من أحسن إليكم أيها الناصريون والخمينيون والإخوانيون والإرهابيون والجوعى والفاشلون!

ahmad_helali@