شاكر أبوطالب

لحظة تاريخية لقيادة التجديد الفقهي!

الأحد - 09 مايو 2021

Sun - 09 May 2021

أتاحت المقابلة التلفزيونية للأمير محمد بن سلمان آفاقا جديدة للحوار والنقاش في المملكة العربية السعودية والبلدان العربية والإسلامية، ولا تزال محور اهتمام وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية ووسائل التواصل الاجتماعي. وتحديدا التفصيل المجمل والشامل عن القرآن الكريم والسنة النبوية، والشرح الموجز والمبسط عن التصنيف الأهم للأحاديث، المتواتر والآحاد والخبر.

ومن أبرز العناوين التي جاءت ضمن إجابات ولي العهد، تلك المتعلقة باعتبار القرآن هو الدستور، ووجوب استناد القوانين المنظمة للشأن الشخصي والاجتماعي إلى نصوص واضحة وصريحة من القرآن أو السنة النبوية المتواترة، وأن يترتب عليها مصلحة دنيوية واضحة. إضافة إلى ضرورة تطبيق العقوبات الشرعية كما كانت تطبق في عهد النبي عليه الصلاة والسلام.

في هذه المقابلة التلفزيونية، قدم ولي العهد منهجا وأسسا واضحة لتجديد الطريقة التي يتم من خلالها التعامل مع القرآن والسنة النبوية المتواترة، والعودة إلى نقاء الدين كما كان في البدء. وعدم الالتزام بمدرسة فقهية محددة، أو تقديس وتأليه آراء أي عالم في العصور السابقة، خاصة الفتاوى التي هي في الأصل فهم بشري تم تدوينه في ظروف معينة في فترات زمنية سابقة. وأهمية الإدراك بأن باب الاجتهاد مفتوح إلى الأبد، وبأنه عملية مستمرة ومتاحة في كل عصر، ضمن مرجعية دينية واضحة، وهي القرآن والسنة المتواترة.

ولذلك ينبغي على كثير من الوزارات والهيئات والمؤسسات أن تستوعب جيدا كل ما تم طرحه في هذا اللقاء التلفزيوني، وفي مقدمتها (هيئة كبار العلماء)، التي يتوجب عليها استشعار قيمة هذه اللحظة التاريخية، والمبادرة إلى قيادة تجديد الخطاب الديني في الدول الإسلامية، خاصة فيما يتعلق بالفتاوى المدونة منذ القرون السابقة، والتي يسيطر معظمها على حياة الناس في وقتنا الراهن! وتوفير الممكنات للاجتهاد الفقهي المعاصر وفق القرآن الكريم والسنة المتواترة، وعدم الارتهان إلى المدارس الفقهية التي ربما كانت مناسبة لمراحل زمنية سابقة، ولكنها قطعا لم تعد مناسبة في عصرنا الحالي!

وبالتالي فإن الفرصة مواتية للعودة إلى نقاء دين الله، وتخليصه من كل الشوائب المتراكمة بمرور الزمن.

ولعل من الأولى أن تبادر وزارة العدل إلى مراجعة التشريعات والقوانين والأنظمة واللوائح التي يحتكم إليها الناس للقضاء فيما بينهم، سواء ما يتعلق بالتنظيمات الملزمة للفرد والمجتمع، أو العقوبات الشرعية المنصوص عليها. والاحتكام فقط إلى النصوص الصريحة والواضحة من القرآن والسنة المتواترة.

وينبغي أن تبادر وزارة التعليم بمراجعة المقررات التعليمية، واعتماد الأحاديث النبوية المتواترة في الكتب المدرسية، سواء المبني عليها أحكام شرعية، أو التي يتم توظيفها في المحتوى التربوي أو النفسي أو الاجتماعي أو العلمي، أو التي يستشهد بها في المقررات غير الدينية. إضافة إلى استشعار أهمية البدء في تطوير الأسلوب الذي يدرس به القرآن في مراحل التعليم العام، وعدم التركيز فقط على تلاوة القرآن وحفظه، بل تدريس السور والآيات بكامل سياقاتها المتضمنة لأساسيات الدين وأولوياته، والمقاصد الكلية للشريعة، والقيم الأخلاقية للفرد والمجتمع، والتعليمات المنظمة لعلاقة الفرد بكل ما يحيط به في بيئته، والتعريف بسمات الخطاب القرآني المكي والمدني، وغير ذلك.

لا شك أن الأمير محمد بن سلمان قد طرح إجابات غير مسبوقة في قضايا غير مطروقة، وأكد للعالم أجمع بأن المملكة العربية السعودية تملك استراتيجية واضحة للتطوير، وإرادة قوية للتنفيذ، وصرامة شديدة في الرقابة، إضافة إلى شمول أهداف (رؤية 2030) لجميع مكونات الوطن وقطاعات الدولة وفئات المجتمع، والسير باتجاه واحد وبخطوات متكاملة في كل المجالات.

shakerabutaleb@