ياسر عمر سندي

إدارة العُسْر

الأربعاء - 05 مايو 2021

Wed - 05 May 2021

من السنن الكونية التي أوجدها خالق البرية وفرضها على البشرية أن يتخللهم في جميع أمورهم الدينية والدنيوية شيء من الضيق وعدم الانضباط أو ربما الانغلاق النفسي والمالي والاجتماعي، وهو بلا شك رحمة بالجنس البشري قاطبة، فدوام الحال من المحال، وهذا التقلب متعاقب مرة بعد مرة، فلا هو بالمستقر المستدام ولا هو حالة من التأزم التام.

العسر هو أمر يكدر صفو الإنسان وربما يكون العسر لحظيا أي يكون بمرحلة سريعة وعابرة من ألم أو خبر غير سار في التو واللحظة، أو عسر زمني قد يطول مع الشخص، أو عسر نفسي يتمثل في ضيق الصدر وانقباض القلب، أو عدم الارتياح ونحوه، أو عسر مادي يكمن في ضيق الحال، وقصر المال والانشغال بالعيال.

في هذه الحياة تحدث للإنسان أمور قدرية مكتوبة من الله عز وجل ليس للبشر أي تدخل فيها وأخرى تقديرية أي أن يتم التخطيط لها وتتطلب التدخل البشري والتي يتم من خلالها تأقلم الفرد واندماجه مع ظروف الحياة مما ينتج عن ذلك ما يخالج النفس أحيانا وينغص عليها ويتسبب في انغلاقها ومن الطبيعي أن تحدث تلك التعديات والتجاوزات فتؤثر سلبا على الإنسان وتجده يتعثر ويتعسر في كثير من النواحي الحياتية وهنا يجب استحضار ما يسمى بإدارة العسر.

ذكرت كلمة العسر في القرآن الكريم في (12) موضعا مختلفا وفي كل مرة تعطي دلالة إما على ضيق الحال أو المال أو المآل أو الاختلاف أو الصعوبة أو العقوبة أو الحيرة أو الشدة وفي (6) مواضع يتأكد انفراج ذلك التعسير بالتيسير.

في إدارة أي معضلة من المفترض أن يستدرك الإنسان عدة خطوات وتقنيات لحلها بمنهجية (إدارة العسر) والتي أجد أنها من الضروري أن تتعزز فينا لمواجهة أي عقبة تعترضنا في حياتنا الدنيا كيف لا وهو الوعد الصادق من الحق الخالق.

من وجهة نظري النفسية والسلوكية والمعرفية وكأسلوب متبع في علم النفس يسمى بالعلاجي السلوكي المعرفي والذي قد يستخدمه الشخص تجاه نفسه ذاتيا كإدارة عقلانية ونفسية وعلاجية واعية لمواجهة عقبات وتبعات الحياة للعيش بسلام وانسجام بخمس خطوات فعالة لإدارة عسره.

أولا استشعار نعمة الاستقرار النفسي والروحي والإيماني باستجداء الذاكرة البعيدة والقريبة من النعم الماضية التي عاشها الشخص نفسه صاحب العسر الذي يمر به.

ثانيا استمرار التفكر والتدبر والتأمل بحجم التكاليف والهموم السابقة واللاحقة التي تثقل كاهل وظهر الانسان من قوتها وضغطها على النفس قد أسقطها وخففها الله عنه في مواقف عديدة وكلفه فقط بما يستطيع تحمله وإنجازه لأن الله يعلم بسعة النفس وقدرتها على التحمل وما تطيق من ضيق.

ثالثا التأكد من التيسير الإلحاقي عقب التعسير الحقيقي بترديد «إن مع العسر يسرا» في جميع المهمات والمدلهمات التي تفضي إلى اليقين الحسي والمشاعري بأن ذلك الضيق زائل لا محالة وكأنما ذلك الموقف الذي يستشعره الصائم حينما يرى الطعام أمامه قبل الإفطار ولا يتعدى الدقائق ليتبدل ذلك الجوع إلى شبع وينتهي ذلك الوجع بالإيمان المتبع.

رابعا من المهم الانشغال بأمور الحياة للحصول على النصيب المكتوب منها وإعمار الأرض بها وهذا ما يجلب أحيانا العسر والضيق والضجر في التعاملات البينية بين البشر لكن الأهم هو تخصيص وقت للانشغال بالله لانشراح الصدر وانجلاء الكدر.

خامسا التوجه بجميع الرغبات والأمنيات بالدعاء والالحاح على ذلك لتحقيق غاية العبودية الحقة لله الواحد الاحد.

بمشيئة الله خمس خطوات لإدارة العُسْر القاتم وتحويله إلى يُسْر دائم.

@Yos123Omar