اليوم الذي تلى هجمات 11 سبتمبر كلف الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش المدعي العام الأمريكي بمنع وقوع هجوم إرهابي آخر. ومنذ ذلك اليوم، طلبت إدارة بوش من وزارة العدل إعطاء مصادقتها لنشاطات كانت في السابق غير مقبولة، بدءا من تجسس وكالة الأمن القومي على المواطنين وحتى الاعتقال غير المحدد إلى التعذيب، ورخصت هذه الممارسات سرا، وبعضها الآخر علنا.
سؤال الكتاب
وعندما وصل الرئيس باراك أوباما إلى البيت الأبيض، توقع كثير من المراقبين إبطال هذه التجاوزات للحقوق المدنية والعدالة، لكن الإدارة الجديدة وجدت هذه السياسات المارقة متجذرة بشكل عميق، وأحيانا تستحق الحفاظ عليها. وصعَّد أوباما عمليات الاغتيال التي يطلق عليها «القتل المستهدف»، وتمسَّك بسياسة المراقبة المشددة، ولم يقدم إصلاحات حقيقية لسياسات الاعتقال والتحقيق. فكيف انحرفت أمريكا إلى هذه الدرجة عن مبادئ العدالة التي تأسست عليها؟
يربط كتاب «العدالة المارقة» لمؤلفته كارن جرينبرج بين النقاط للمرة الأولى من «قانون الوطنية» الذي وُضِعَ لمكافحة الإرهاب إلى اللجان العسكرية، ومن محاكمة الإرهاب إلى أولويات الاستخبارات. ويطرح سؤالا قويا: هل سيتعافى نظام العدالة الأمريكي من التنازلات التي قدمها من أجل الحرب على الإرهاب؟
الأولوية للأمن
ويضيف الكتاب بعدا جديدا لفهمنا للمعارك القانونية طويلة الأمد المحيطة بالحرب على الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر، ويهدف إلى تقييم الضرر الذي ألحقته الممارسات والسياسات الخاطئة التي اتبعتها أمريكا خلال هذه الفترة على القانون الأمريكي نفسه.
وتقول الكاتبة إن الصورة قاتمة، «الناس الذين يملكون سلطة صنع القرارات يفضلون بشكل ثابت سلطة الحكومة على الحدود التي يفرضها الدستور»، ومع تقليص واجبات المحاكم غالبا إلى مجرد النظر في تجاوزات السياسة، كاد المواطن الأمريكي أن «يخسر الحماية التي يوفرها قانون الحقوق» والأسوأ من ذلك، تقول الكاتبة أن موافقة الحكومة الأمريكية على المراقبة الجماعية وعلى الاعتقال والمحاكمة العسكرية هددت الدستور بشكل كبير، حيث إن «المشرعين والرؤساء والقضاة والمحامين والجنرالات والبيروقراطيين اختاروا أن يعطوا الأولوية للأمن على حكم القانون».
ولا تنفي الكاتبة أن القانون، بحسب تعريف المحامين له، أصبح يطبق بشكل مقبول عموما مع مرور الوقت. في نهاية المطاف، الضرب غير القانوني والانتهاكات المنتظمة لحقوق السجناء من قبل مسؤولين أمريكيين في معتقل جوانتانامو استبدلت ببرنامج اعتقال عسكري، ومهما وجده البعض مؤسفا وفاشلا، إلا أنه سليم من الناحية القانونية لأنه حصل على موافقة الرئيس والكونجرس والمحاكم الفدرالية.
القانون يقيد السلطة
المحاكمات العسكرية لمجموعة صغيرة من المعتقلين تمثل فشلا ذريعا في حال كنا نتوقع عدالة سريعة ومؤكدة، لكنها أيضا حصلت على موافقة الرئيس والكونجرس، وراجعتها المحاكم المدنية الفيدرالية بشكل مكثف.
هناك أسئلة مهمة لا تزال موجودة حول ما إذا كان القانون يقيد السلطة بالفعل. على سبيل المثال، ليس من الواضح فيما إذا كان الرئيس الأمريكي يملك السلطة القانونية التي يحتاج إليها لدعم الحرب المتنامية التي تخوضها أمريكا ضد تنظيم داعش في سوريا ومناطق أخرى.
ومع ذلك فإن الكاتبة كارن جرينبرج لا تكرس سوى صفحات قليلة للحديث عن عمليات «القتل المستهدف» التي تنفذها أمريكا في بلدان عدة، كما أنها لا تناقش المشكلة التي يشكلها تنظيم داعش إلا في خاتمة الكتاب.
قانون الحرب
معظم مخاوف جرينبرج يبدو أنها تتعلق بقانون الحرب أكثر منها بحكم القانون، كما ترفض فكرة أن أمريكا تخوض حربا ضد منظمات إرهابية من النوع الذي تسوقه الحكومة. هناك كثير من المحامين المختصين بشؤون الأمن القومي فيها يشككون فيما إذا كانت الحرب التي صادق عليها الكونجرس منذ 15 عاما ضد أولئك الذين «خططوا، وصادقوا على، وارتكبوا، أو ساعدوا على ارتكاب» هجمات 11 سبتمبر تشمل في الواقع جماعات مثل داعش، التي لم تكن موجودة في 2001 عندما حدثت هجمات سبتمبر، كما أن داعش اليوم تعدّ من ألد أعداء تنظيم القاعدة الذي نفذ الهجمات الإرهابية.
إدانة ونقد
باختصار، يمكن القول إن هذا الكتاب الممتع يوجه إدانة وانتقادا لاذعا للطريقة التي تراجع بها قادة أمريكا، بسبب انسياقهم وراء الخوف بعد هجمات 11 سبتمبر، عن مبادئ العدالة والحرية والحقوق والمساواة التي أسس عليها هذا البلد. بأسلوب واضح ومنطقي ومقنع، تقدم جرينبرج رؤية مهمة للطريقة التي اتبعتها إدارة بوش، ومن ثم إدارة أوباما، في تطوير السرية بدلا من الانفتاح، وفي استخدام السلطات التنفيذية بدون قيود بطريقة أضعفت قانون الحقوق وفتحت الباب أمام التعذيب والقتل المستهدف والمراقبة الجماعية للمواطنين.
يفضح الكتاب مدى هشاشة حكم القانون ويدعو للأمريكيين كي يقفوا ضد الإرهاب بشجاعة لا تنسيهم التزاماتهم الأدبية وقيمهم الإنسانية.
كارن جرينبرج مديرة مركز الأمن القومي في كلية الحقوق، جامعة فوردهام. لها كتب عدة في نفس المجال، مثل «المكان الأقل سوءا»حول معتقل جوانتانامو، وكتب ومقالات أخرى.
سؤال الكتاب
وعندما وصل الرئيس باراك أوباما إلى البيت الأبيض، توقع كثير من المراقبين إبطال هذه التجاوزات للحقوق المدنية والعدالة، لكن الإدارة الجديدة وجدت هذه السياسات المارقة متجذرة بشكل عميق، وأحيانا تستحق الحفاظ عليها. وصعَّد أوباما عمليات الاغتيال التي يطلق عليها «القتل المستهدف»، وتمسَّك بسياسة المراقبة المشددة، ولم يقدم إصلاحات حقيقية لسياسات الاعتقال والتحقيق. فكيف انحرفت أمريكا إلى هذه الدرجة عن مبادئ العدالة التي تأسست عليها؟
يربط كتاب «العدالة المارقة» لمؤلفته كارن جرينبرج بين النقاط للمرة الأولى من «قانون الوطنية» الذي وُضِعَ لمكافحة الإرهاب إلى اللجان العسكرية، ومن محاكمة الإرهاب إلى أولويات الاستخبارات. ويطرح سؤالا قويا: هل سيتعافى نظام العدالة الأمريكي من التنازلات التي قدمها من أجل الحرب على الإرهاب؟
الأولوية للأمن
ويضيف الكتاب بعدا جديدا لفهمنا للمعارك القانونية طويلة الأمد المحيطة بالحرب على الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر، ويهدف إلى تقييم الضرر الذي ألحقته الممارسات والسياسات الخاطئة التي اتبعتها أمريكا خلال هذه الفترة على القانون الأمريكي نفسه.
وتقول الكاتبة إن الصورة قاتمة، «الناس الذين يملكون سلطة صنع القرارات يفضلون بشكل ثابت سلطة الحكومة على الحدود التي يفرضها الدستور»، ومع تقليص واجبات المحاكم غالبا إلى مجرد النظر في تجاوزات السياسة، كاد المواطن الأمريكي أن «يخسر الحماية التي يوفرها قانون الحقوق» والأسوأ من ذلك، تقول الكاتبة أن موافقة الحكومة الأمريكية على المراقبة الجماعية وعلى الاعتقال والمحاكمة العسكرية هددت الدستور بشكل كبير، حيث إن «المشرعين والرؤساء والقضاة والمحامين والجنرالات والبيروقراطيين اختاروا أن يعطوا الأولوية للأمن على حكم القانون».
ولا تنفي الكاتبة أن القانون، بحسب تعريف المحامين له، أصبح يطبق بشكل مقبول عموما مع مرور الوقت. في نهاية المطاف، الضرب غير القانوني والانتهاكات المنتظمة لحقوق السجناء من قبل مسؤولين أمريكيين في معتقل جوانتانامو استبدلت ببرنامج اعتقال عسكري، ومهما وجده البعض مؤسفا وفاشلا، إلا أنه سليم من الناحية القانونية لأنه حصل على موافقة الرئيس والكونجرس والمحاكم الفدرالية.
القانون يقيد السلطة
المحاكمات العسكرية لمجموعة صغيرة من المعتقلين تمثل فشلا ذريعا في حال كنا نتوقع عدالة سريعة ومؤكدة، لكنها أيضا حصلت على موافقة الرئيس والكونجرس، وراجعتها المحاكم المدنية الفيدرالية بشكل مكثف.
هناك أسئلة مهمة لا تزال موجودة حول ما إذا كان القانون يقيد السلطة بالفعل. على سبيل المثال، ليس من الواضح فيما إذا كان الرئيس الأمريكي يملك السلطة القانونية التي يحتاج إليها لدعم الحرب المتنامية التي تخوضها أمريكا ضد تنظيم داعش في سوريا ومناطق أخرى.
ومع ذلك فإن الكاتبة كارن جرينبرج لا تكرس سوى صفحات قليلة للحديث عن عمليات «القتل المستهدف» التي تنفذها أمريكا في بلدان عدة، كما أنها لا تناقش المشكلة التي يشكلها تنظيم داعش إلا في خاتمة الكتاب.
قانون الحرب
معظم مخاوف جرينبرج يبدو أنها تتعلق بقانون الحرب أكثر منها بحكم القانون، كما ترفض فكرة أن أمريكا تخوض حربا ضد منظمات إرهابية من النوع الذي تسوقه الحكومة. هناك كثير من المحامين المختصين بشؤون الأمن القومي فيها يشككون فيما إذا كانت الحرب التي صادق عليها الكونجرس منذ 15 عاما ضد أولئك الذين «خططوا، وصادقوا على، وارتكبوا، أو ساعدوا على ارتكاب» هجمات 11 سبتمبر تشمل في الواقع جماعات مثل داعش، التي لم تكن موجودة في 2001 عندما حدثت هجمات سبتمبر، كما أن داعش اليوم تعدّ من ألد أعداء تنظيم القاعدة الذي نفذ الهجمات الإرهابية.
إدانة ونقد
باختصار، يمكن القول إن هذا الكتاب الممتع يوجه إدانة وانتقادا لاذعا للطريقة التي تراجع بها قادة أمريكا، بسبب انسياقهم وراء الخوف بعد هجمات 11 سبتمبر، عن مبادئ العدالة والحرية والحقوق والمساواة التي أسس عليها هذا البلد. بأسلوب واضح ومنطقي ومقنع، تقدم جرينبرج رؤية مهمة للطريقة التي اتبعتها إدارة بوش، ومن ثم إدارة أوباما، في تطوير السرية بدلا من الانفتاح، وفي استخدام السلطات التنفيذية بدون قيود بطريقة أضعفت قانون الحقوق وفتحت الباب أمام التعذيب والقتل المستهدف والمراقبة الجماعية للمواطنين.
يفضح الكتاب مدى هشاشة حكم القانون ويدعو للأمريكيين كي يقفوا ضد الإرهاب بشجاعة لا تنسيهم التزاماتهم الأدبية وقيمهم الإنسانية.
كارن جرينبرج مديرة مركز الأمن القومي في كلية الحقوق، جامعة فوردهام. لها كتب عدة في نفس المجال، مثل «المكان الأقل سوءا»حول معتقل جوانتانامو، وكتب ومقالات أخرى.