أحمد الهلالي

(يخرب بيتك) بين اللطافة والتطبيق!

الثلاثاء - 27 أبريل 2021

Tue - 27 Apr 2021

في المطار، انتظمت في (طابور) بوابة تفتيش الأمتعة، يتقدمني رجل طويل يحمل حقيبتين، متفاوتتي الحجم، نبهني إليه صوت من الخلف يقول: (صاحبنا عنده حقيبتان، الله يستر لا تكون رمان) وأتبعها ضحكة أعرفها جيدا، ضحكة (الشاب السبعيني مصلح)، وبعد أن عبرنا إلى الصالة الداخلية، جلس مصلح إلى جواري، والرجل الضخم أمامنا، فسأله: من سوريا أم من (رمنان)، فقال: ماذا؟ قال: أقصد لبنان. فهز رأسه بالموافقة.

صمتنا قليلا ثم قال له مصلح: كان اللبنانيون أكثر العرب قومية، فنبذوها في العراء، وتفرس أغلبهم. فرد عليه بازدراء: وفر كلامك لمكان غير هذا، ففي كل شعب (عاقل ومجنون)، فصمت مصلح قليلا، ثم قال: الصباح الذي لا أسمع فيه فيروز ليس صباحا محسوبا من أيامي، فأرجوكم، لا تشحنوا ذرات صوتها بغبار الهيروين والكوكايين، ثم أطلق ضحكة مخلوطة بكحة مزعجة، دوت لها الصالة.

لم يرد الرجل، فالتفت مصلح إلي وقال: تخيل أن تأكل رمانة، كل حبوبها من الكبتاجون، ربما تظل سنة أوسنتين بلا نوم، وضحك مرة أخرى، ثم نظر إلى الرجل وقال: يا أخي هربوا في أشياء قبيحة أو منتنة، أما الفاكهة اللبنانية فلا تشوهوا جمالها وحبنا لها، أنتم بهذه الأفعال تشوهون الجمال القديم المرتسم في أرواحنا عن لبنان، كنا نضرب المثل باللبناني في ذوقه وتحضره وهدوئه وأناقته وحرصه على الجمال في كل شيء، لكن لبنان اليوم تتهاوى، وتنحدر سريعا من تلك القمم الجميلة، وتهبط نحو أوحال لا تليق بها ولا بشعبها (المذوق)، لا تدعوا لبنان تتسخ أكثر، وقد شوهها العميل الإيراني وحزبه (المافيا).

احمر وجه الرجل، ونظر في عيني مصلح نظرة (ترمي بشرر)، ثم قال: (إنت شو بدك)، قال مصلح هازئا: بدي رمين! يقصد رمان بإمالة الألف، ثم أطلق ضحكته بطريقة متقطعة، وأردف: احترموا لبنان، احترموا العروبة، كونوا أوفياء لمن مدوا أياديهم للبنان وشعبها، ولا تطعنوا ظهورنا غدرا، وتخربوا بيوتنا وأوطاننا، تطبيقا لمقولتكم التي كنا نستلطفها (يخرب بيتك)!

فجأة: ضحك الرجل وقال حديثا أخضر (لا أدري أهو من باب التخلص أم التقية أم الصدق): أيها المجنون، أنا لست لبنانيا إلا في جواز السفر، أما روحي ودمائي فهي سعودية، لو قطعت وريدي لسال دما أخضر، سكنت هذه الأرض منذ 30 عاما، هي حياتي الحقيقية، حققت فيها كل ما أريده، ولا أريد مغادرتها، وما يحدث في وطني لبنان أمر مخجل وخطير، أحيي السعودية وأشد على يدها في حماية شعبها من المخدرات والأخطار، ولا يلومها في هذا، إلا معتوه، أو عميل، أو تاجر مخدرات!

ahmad_helali@