مرزوق بن تنباك

حصاد التجربة

الثلاثاء - 27 أبريل 2021

Tue - 27 Apr 2021

أوشك العام الدراسي الحالي أن ينتهي على خير وتنتهي معه تجربة مريرة وطويلة وقاسية على الناس كافة وعلى التعليم خاصة وعلى مناشط الحياة ومجالاتها من اجتماعي وتعليمي واقتصادي وثقافي وغيرها مما أحدثه وباء كورونا وما ترتب على ذلك من حلول واجتهادات كان لابد أن يبحث الناس عنها لكي يتجاوزوا بعض المشكلات الطارئة التي واجهها الناس كافة المتعلمون والمعلمون ومن ليس متعلما ولا معلما حين تحولت البيوت إلى منصات للدراسة وتحول الآباء والأمهات إلى معلمين ومعلمات؛ لأن كل شيء يمكن تأجيله كالمشاريع والبناء والطرق وكل المناشط المهمة في حياة الناس واحتياجاتهم يمكن تأخيرها ويمكن الاستغناء عن بعضها، أما التعليم فلا يمكن توقفه أو تأجيله؛ لأن للتعليم عمرا يصلح فيه والأعمار لا تتوقف ولا تؤجل فكان الخيار الوحيد هو التعليم عن بعد على رأي المثل مالا يدرك كله لا يترك جله.

وقد اتخذ المسؤولون عن التعليم في السنة الماضية القرار الصحيح حين استعانوا بما وفرته لهم الوسائل الحديثة وأتاحت لهم فرصة الاستمرار بالدراسة وعدم التوقف رغم ما اعتراها من بعض التساهل على مستوى التحصيل وأسلوب التلقي من بعد، وهو أمر يدركه الذين يعملون في التعليم على كل المستويات سواء التعليم العام أو التعليم العالي ولكن للضرورات أحكامها.

هنا لا بد من الحديث عن نقطتين مهمتين الأولى: تجربة التعليم عن بعد التي أجبرتنا الظروف على العمل بها وهي تجربة مهمة لا بد من رصدها ودراسة آثارها وما هي الإيجابيات منها وما السلبيات التي ترتبت عليها ولا سيما أن الذين مارسوا التجربة هم المعلمون أو كما يقال إن التعليم من بعد طبق ميدانيا وطبقه معلمون محترفون متخصصون في المناهج التربوية مدركون لأهمية وسائل التوضيح والشرح والتلقي وخلال المدة الطويلة نسبيا التي مرت - فصلان كاملان - لابد أنهم كونوا ملاحظات جوهرية قيمة ستستفيد منها العملية التربوية اليوم وغدا وفي المستقبل، ولا بد أن الكثير منهم قد دون ملاحظات مهمة أثناء التدريس خلال سنة كاملة عرف فيها مدى التحصيل الذي يكتسبه الطالب من خلال منصة الدراسة عن بعد وعرف النقص الذي يعتري التحصيل أو يقلل من أهمية الاعتماد عليه، وما الإيجابيات فيها؟ وما هي السلبيات التي رصدها أثناء السنة الماضية؟ وما الحصيلة النهائية التي يوصون بها في مجال التعليم عن بعد؟ كل هذه الأسئلة كانت محل نظر وموضوع جدل، ولا شك أن الكثير من الملاحظات ومن الانطباعات العامة على التعليم عن بعد قد تكررت لدى المعلمين الذين مارسوا التعليم ميدانيا ويستطيعون تقويمه من تجربة عملية وهل ممكن الاستفادة منه حتى فيما لو لم يكن هناك ضرورة ملحة قاهرة كتلك التي نعيشها من انتشار الوباء الذي عم خطره الناس وألجأهم إلى خوض تجارب ومحاولات جادة في درئه من جانب واستمرار الحياة الطبيعية في جانب آخر.

الحصيلة العلمية والعملية والملاحظات التربوية يترتب عليها تقييم صحيح يعتمد عليه فيما يأتي، والمطلوب تشكيل فريق عمل كامل من المتخصصين في وزارة التعليم يعهد إليهم مهمة جمع كل ما يستطيعون الوصول إليه من الملاحظات العامة والخاصة التي لاحظها المعلمون ودونوا الإيجابية والسلبية وتكليفهم بتحليل ما يصلون إليه من نتائج قائمة على التجربة العملية ومقيمة الواقع كما هو. وهي فرصة سانحة يخرج منها المخططون للتعليم بوثيقة مفيدة للدراسات المستقبلية والطارئة يبنون عليها ما قد يعترضهم في مستقبل الأيام والتجربة أكبر برهان.

Mtenback@