عبدالله العولقي

حديث حول الرياضة

الاثنين - 26 أبريل 2021

Mon - 26 Apr 2021

لم تعد مجالات الاقتصاديات الوطنية تقتصر على فروعها التقليدية التي طالما كانت محط اهتمامات الدول والحكومات في السابق، فاقتصاديات الدول النامية لا تزال بعيدة عن المجالات الاستثمارية الحديثة كالاستثمار الرياضي وما يوفره من فضاءات تجارية ضخمة، ولهذا نجد الكثير من رجال الأعمال العرب قد اتجهوا إلى الاستثمار في الأندية الأوروبية كونها تحقق عوائد مالية عالية ربما تفوق في قيمتها بعض أسواق الأسهم والبورصات العالمية، فعوائد الاستثمار الرياضي مجزية إذا تمت إدارتها بخبرة واحترافية.

الأثر الرياضي المعهود لدى المجتمعات البشرية لم يعد محصورا في دائرته الاعتيادية، ففي أوروبا مثلا، وهي التي تحتضن أقوى الدوريات العالمية، يخشى السياسيون من الإفصاح لدى وسائل الإعلام عن ميولهم الرياضية وأنديتهم التي يشجعونها كون ذلك قد يؤثر على شعبيتهم ومستقبلهم السياسي، فقد رفض رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون الإعلان عن ناديه المفضل كونه يدرك أن الحديث حول هذا الموضوع قد يعجل برحيله عن كرسي الرئاسة، ولهذا تظل العلاقة بين السياسة والرياضة ذات صلة متشابكة ومعقدة، وبفضل الشهرة الاجتماعية التي تمنحها الرياضة لذويها تمكن بعض الرياضيين من الترشح والوصول إلى مراكز سياسية هامة، كبطل كمال الأجسام والفنان الشهير أرنولد شوارزنيجر والذي وصل إلى منصب حاكم ولاية كالفورنيا الأمريكية، بالإضافة إلى أن اثنين من رؤساء أمريكا كانوا رياضيين مشهورين قبل الرئاسة وهما جيرالد فورد وايزنهاور.

تصنف الرياضة أيضا كقوة سياسية ناعمة، ولهذا تحظى باهتمام العديد من الدول الحريصة على إبراز قواها الناعمة، ففي بريطانيا مثلا، انخفضت معدلات الكراهية تجاه العرب والمسلمين، وخصوصا في مقاطعة ليفربول بفضل ما يقدمه اللاعب المصري الخلوق محمد صلاح من نتائج مبهرة وأداء رائع مع ناديه الإنجليزي الشهير، وهذه الإشارة تكفي بدلالتها الإعلامية على أثر الرياضة وقدرتها العالية على تغيير الرؤية الثقافية بين المجتمعات البشرية.

لقد بدأت النقلة النوعية التي أحدثتها الرياضة في المجال الاقتصادي بعد أن تحولت الرياضة من نمطية الهواية التقليدية إلى مجال الاحتراف الإبداعي، فظهرت لنا أشكال حديثة في عالم الاقتصاد كالتسويق الرياضي الحديث وحقوق نقل المباريات واستثمار الملاعب والمدن الرياضية، وصفقات بيع اللاعبين والمدربين، بالإضافة إلى استضافة البطولات الدولية والقارية وما ينتج عنها من حركة اقتصادية واستثمارية هائلة، وبهذا تحولت الأندية الرياضية إلى شركات تجارية كبرى ذات أسهم مدرجة في البورصات والأسواق العالمية الكبرى.

وأخيرا.. تعد الرياضة مجالا حيويا وخصبا في تحسين الموارد الاقتصادية للدول والمجتمعات البشرية، فقد تمكنت البرازيل مثلاً من أن تغير وضعها الاقتصادي من دولة فقيرة ذات موارد طبيعية محدودة إلى دولة تمتلك قوة ناعمة فريدة، ولديها طاقة بشرية من المواهب الكروية تغذي بها دوريات العالم المختلفة، وتمثل لها رافدا اقتصاديا حيويا مهما في خططها التنموية، فبسبب كرة القدم نشأت متلازمة إعلامية تدعى: البرازيل وكرة القدم.

@albakry1814