علي الحجي

السيبرانية فرص للمهاجمين وتحد للمدافعين

الجمعة - 23 أبريل 2021

Fri - 23 Apr 2021

مع ما أحدثه فيروس كورونا من تغييرات اجتماعية واضحة في مجالات حياتية مختلفة، منها زيادة وتيرة الاتجاه للعزلة، فقل ارتياد أماكن التجمعات البشرية كالمقاهي ومراكز التسوق ودور السينما، وزاد الإقبال على مشاهدة التلفزيون والأفلام والألعاب الالكترونية، كما زادت مساحة العمل عن بعد في الشركات ومؤسسات التعليم وغيرها، كإجراءات احترازية للحد من سطوة الفيروس.

هذا الاتجاه للتواصل الالكتروني عن بعد للعمل والترفيه، جلب معه فرصا لقراصنة الإنترنت، فوفقا للإنتربول فإنه خلال الربع الأول من هذا العام زادت حالات الاحتيال عبر الإنترنت بنسبة 59%، والإصابة بالفيروسات بنسبة 36%، فيما زادت الإشاعات والأخبار المزيفة بنسبة 14% ، كما تصدرت أخبار فيروس كورونا، واللقاحات المضادة له، والتحليلات التي تقوم على نظرية المؤامرة، قائمة هذه الإشاعات المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وتعطي زيادة استخدام شبكات الإنترنت وتطبيقاتها للتواصل والتعاملات المالية والخدماتية المختلفة تربة خصبة لتكاثر المجرمين الرقميين، وبالتالي تزيد الحاجة إلى شركات الحماية من الاختراقات الالكترونية، وكذلك البنوك الرقمية التي توفرها السحابات الالكترونية كملاذ آمن للبيانات خاصة لمؤسسات التعليم والمال والصناعة، هذا الحراك أوجد سوق عمل جديدا مليئة بفرص العمل للمهاجمين والمدافعين، وكلها فرص عمل عن بعد في غالبها، هذا الوضع أدى إلى زيادة حجم ومتطلبات سوق الأمن السيبراني، ليس فقط فيما يتعلق بالجوانب التقنية، بل تجاوزها للجوانب النفسية التي تعنى بدراسة التأثير السيبراني على سلوك البشر، كتأثيره على زيادة النزعة الاستهلاكية، وإخلاله بمستوى الإدراك للمخاطر والفرص، وتأثير الألعاب الالكترونية على سلوك البشر وما يترافق معه من اضطرابات مزاجية، وانفعالات عاطفية، وشخصية المخترق والضحية، والثغرات النفسية التي ينفد من خلالها المجرم ليغري الضحية؛ ليقدم له معلومات تسهل اختراق حساباته، واستخدام محتواها للسرقة أو الابتزاز، أو استخدام المعلومات لمقاصد أخرى متعدية.

لذلك لابد من الاهتمام بمجال علم النفس السيبراني بالتوازي مع الأمن السيبراني في جانبه التقني، وبغض النظر عن انتهاء الفيروس من عدمه، فإن الحاجة للأمن السيبراني في ازدياد مطرد في الحياة الحديثة، وربما تدفع الدول في المستقبل ميزانيات للدفاع الالكتروني أكثر مما ستخصصه للجيوش التقليدية.