شاهر النهاري

سعودية الخضرة والنقاء

الجمعة - 23 أبريل 2021

Fri - 23 Apr 2021

البشرية الباحثة عن الطاقة كانت وما تزال أول وأكبر وأخطر عناصر تلويث كوكبنا الحي، والذي أصبح يعاني نتيجة نقص الوعي والإخلاص عند بعض الشعوب، فمنهم من يستخف بانقراض مختلف المخلوقات، والبعض يبالغ في حرق الوقود بشتى أنواعه، ليحصل على الطاقة، والبعض يبدع في التفجيرات، وإطلاق الصواريخ، وإجراء التجارب النووية دون واعز من ضمير، ففي المائة سنة الأخيرة ازداد المعدل العالمي لدرجات حرارة الهواء عند سطح الأرض (0.74 ± 0.18°س).

كوكب الأرض كان طوال العصور الماضية أخضر، وكانت كتل الجليد في القطبين متماسكة ثابتة، قبل أن تتفاقم سموم الغازات، وتتحلل طبقات الأوزون في القطبين، وترتفع حرارة الكوكب، فتنصهر جبال الجليد، ويصاب الغلاف الجوي بخروم في طبقة الأوزون، ويصبح حال الغلاف الجوي أشبه بالدفيئة، حيث تنحبس الحرارة وسط جدران البيت الزجاجي، بكثرة انعكاس الضوء، وانبعاث الغازات القاتلة للحياة مثل (ثاني أكسيد الكربون، وغاز N2O، وغاز الميثان، وغاز CFCs، وغاز سادس فلوريد الكبريت SF6).

دول صناعية تنتهك البيئة بجبروت، وكثير من مصانعها بدائية المعايير لا تحتوي على أية وسائل لمنع تلوث البيئة، وحرائق الغابات وحرق الأشجار للحصول على أنواع معينة من الزيوت، ودول تتهاون بتجارب الأسلحة والصواريخ النووية، دون أي مراعاة للمناخ والبيئة، وليست كل الدول الموقعة على اتفاقية باريس للمناخ 2015 ملتزمة بأدوارها المحلية، ما دعا الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب للانسحاب من المعاهدة، وهذا ما أثار ردود أفعال غاضبة من المنظمات الدولية، كالأمم المتحدة، والمفوضية الأوروبية، والاتحاد الأوروبي، ومن مختلف دول العالم، التي ترى الكارثة ولا تتمكن من حلها، غير أن الرئيس بايدن يعيد أمريكا للمعاهدة بعد توليه القيادة.

وتدهش المملكة العربية السعودية العالم 13 أبريل 2021 بأن يعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن مبادرتي (السعودية الخضراء) و(الشرق الأوسط الأخضر)، مؤكدا على أن المبادرتين سترسمان توجه المملكة والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة.

مبادرتان ستعملان على تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4% من المساهمات العالمية، وذلك من خلال مشاريع الطاقة المتجددة التي ستوفر 50% من إنتاج الكهرباء داخل المملكة بحلول عام 2030.

والسعودية من خلال هذا التصرف الإنساني تسعى مع الأشقاء لزراعة 40 مليار شجرة إضافية في الشرق الأوسط بموجب برنامج لزراعة 50 مليار شجرة، وهو أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم ويعد ضعف حجم مشروع السور الأخضر العظيم في منطقة الساحل الغربي الأفريقي.

واليوم تتكلل هذه الجهود الإنسانية بأن يرأس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وفد المملكة رفيع المستوى في (قمة القادة حول المناخ) - الافتراضية - التي انطلقت أمس الخميس، بحضور 40 من قادة دول العالم، وذلك استجابة للدعوة المقدمة من الرئيس جوزيف بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.

قمة خير تواجه صعوبات التنمية بسبب تغير المناخ، وتتبنى التدابير التي يمكن اتخاذها للحد من أسبابها، والتخفيف من آثارها، بتسعير الكربون، وإنهاء دعم الوقود الأحفوري، وبناء المدن المرنة منخفضة الانبعاثات الكربونية، وزيادة كفاءة استخدام الطاقة، والطاقة المتجددة الخضراء، وتطبيق ممارسات الزراعة المراعية للمناخ والتوسع في صنع الغابات.

قمة خير تجتمع فيها جهود البشرية على إنعاش الكوكب المحتضر.

shaheralnahari@