شاهر النهاري

الكويت ركن الحرص الأمين

الاثنين - 19 أبريل 2021

Mon - 19 Apr 2021

ركن الجزيرة العربية الشرقي الشمالي، وحجر صوان الثبات، المنتصب بين رياح صرصر عاتية شرقية فارسية، وأعاصير رافدين متقلب الفصول ملتهب منذ عدة عقود، ما حفز بيادر الكويت أن تثمر وتسعى للخير العالمي.

ركن ورغم معاناته للإبقاء على المسافات والحدود والعلاقات الطيبة، تظل تطمع به مواسم السخونة، ولكنه يصمد ويضمد جراحه ويعود وينسى، وقد نال أثناء الغزو الغاشم التعاطف الإنساني، والتضحية الأخوية السعودية، والوقفة العضيدة الخليجية، وبعض تكاتف عربي، وعون عالمي، ليدوم وطنا للثبات والاتزان، وركنا للصمود، الذي تقام على أساساته كثير من القوائم والسدود والجسور والمعابر.

تاريخيا تكاتفت طلائع الكويتيين بعروبتهم وأصالتهم حول أسرة آل الصباح من بدايات 1613م، وسط المد والجزر في جميع التحديات، فلم تكن روح الكويت بعيدة عن كيانات الجزيرة العربية، التي ترافق مسارها مع تشكل الدولة السعودية الأولى وعودة الثانية وكان موضع انطلاق الثالثة.

وفي كل الأحوال لم يكن بعيدا عن السعودية حكومة وشعبا وقلبا وقالبا، وقد يكون ذلك ما جدد وأكد سر قوة الأساس، وتشكيل الكينونة، وتحديد المصير المشترك، والاندماج والتآخي في مختلف الأنواء، التي مرت على الوطن العربي والسعودي والكويتي.

كان اكتشاف البترول بحقل برقان 1938م بداية التحول الاجتماعي للكويت من بلد غوص وجمع اللؤلؤ، ومنطقة ربط تجارة القوافل الصحراوية للبلدان المحيطة بها، إلى ما نراه اليوم من تبدل في المهن، وتنامي للتجارة، ودخول عصور الثراء والرخاء، والاستقرار.

ومنذ بدايات حياة البترول تعاضد الكويت مع شقيقته الكبرى السعودية في خوض بحار النفط، ومعاصرة التحولات الجذرية في طبيعة الحياة، وتطلعات الشعبين، وشيوع التعليم والصحة، ونشوء الأعمال الجديدة والتطور الذي تواكب مع اكتشاف البترول في معظم دول الخليج العربي، ما جعل الآفاق الشعبية والحكومية تتسع وتتطور.

وكان تاريخ 1961م حاسما بعد استقلال الكويت عن الانتداب البريطاني، وتمتعها بكامل حرياتها ودستورها.

وفي 1975م قامت الكويت بتأميم صناعة النفط، لتجعلها وطنية بكامل زواياها، فتقدمت إلى مراحل جديدة بالغة الأهمية، وثبتت سياستها المسالمة وعلاقاتها المتوازنة بأن تكون صديقة للجميع، طالما أن الصداقة ممكنة.

بلد مسالم عزيز لا تحسب قيمته بالمساحة، ولا بتعداد الشعب، بل بالمكانة والثبات، وما يمكن أن يحققه من سلام وحفظ للتوازنات في منطقة شرق أوسط ملتهب، بل ويمتد تأثيرها الإيجابي إلى مستويات العالم العربي، والأجنبي.

الكويت الشقيقة عانت كغيرها وسط جائحة كورونا، وفرضت عليها تغييرات سريعة بعد رحيل أميرها صباح الأحمد الصباح -رحمه الله-، فكانت مراسم الدفن والعزاء مختصرة، وأعقبها بسلاسة تامة تولي ولي العهد الشيخ نواف الأحمد مقاليد الحكم خلفا للراحل.

وبنفس السلاسة والثقة قام الأمير الحالي باختيار شقيقه الشيخ مشعل الصباح وليا للعهد، وسط نظام البيت الكويتي، بوضوح دستوره، وجهود مجلس الأمة.

ورغم حدوث خلافات سياسية داخلية مزعجة بين بعض أبناء المجلس، إلا أن الكويت لا ينسى دوره العظيم في تثبيت السلم والأمن المحوري للجزيرة العربية، وجيرة الرافدين والأردن.

سلمت الكويت للمجد، وكل المصاعب لن تثنيها عن السير على نفس النهج المخلص حرة أبية وركنا للحرص، يمضي حبها وتلاحمها مع شقيقتها الكبرى السعودية لرفعة وعزة واستقرار العرب، وعلو شأنهم بين الإنسانية.