معراج الندوي

الشعر من أجل تغيير العالم

الخميس - 08 أبريل 2021

Thu - 08 Apr 2021

هل يمكن للشعر أن يغير العالم؟ في الواقع إن الشعر ليس باستطاعته تغيير العالم، لكن دوره يتمثل في إيقاظه للضمير الإنساني، وفي التواصل الحضاري بين الشعوب والأمم لتأثيره على الروح الإنسانية، وللشعر دور كبير في تحقيق أواصر التواصل والصداقة الإنسانية ونشر المحبة والسلام والتعايش السلمي بين الجنسيات والثقافات المختلفة لتأثيره الكبير على الروح الإنسانية.

يغير الشعر العالم من خلال قوة كلماته وسلاسة أبياته الشعرية التي تعكس مقدرة فريدة على تطويع المعاني والكلمات لخدمة المعنى والإحساس والتعبير عن مشاعر مكنونة تجاه الوطن الأرض والإنسان لأن الشعر قادر على دخول عقول وقلوب الناس، وإقناعهم وإلهامهم بالحلول.

الشعر ليس منفصلا عن العالم، إنما هو جزء من العالم مع تغيره، ومع تحول الخيالات إلى أسس للأحلام والأفعال، والأفعال والخبرات تغذي المتخيل وتلجمه في الوقت نفسه، الشعر له القدرة على إمداد الناس بقوالب من المشاعر والأفعال. يحاول الشاعر أن ينقل الإحساس والمشاعر في الشعر.

إن الشاعر لا يستطيع تغيير العالم ماديا، لكنه قادر بالمقابل على النظر إليه من زاوية تبدو له أقرب إلى الصورة التي يريد أن يصورها في عالمه الخيالي. يفكر الشاعر في تغيير العالم إلى عالم أكثر عدلا وإنسانية ومحبة، يحلم الشاعر بتغيير العالم إلى عالم أكثر تقاربا وفهما وعدلا وإنسانية، يتحدث الشاعر من خلال الشعر وسحره والكلمة وقوتها وضرورة أن يؤمن المبدع بقدرة الكلمة على تغيير العالم.

الشعر له دور كبير في التغيير، لأن الشعر يُحدث تأثيرا في أذهان الناس بشكل غير ملحوظ كما يعتقد محمود درويش بأن الشعر قادر على تغيير كل شيء، فالشعر يغير التاريخ وأنسنة الإنسان. ولا يمكن للشعر أن يغير طقوس العالم، ولكن يمكن له أن يرش الماء البارد على سخونة الأجواء ويلطفها، فالشعر يسكب الماء فوق كل بقعة مجدبة، ويحمل النور لكل مساحة مظلمة.

الإنسانية عاطفة سامية يتقاسمها الناس في كل العالم. فهي لا تعرف جنسا ولا لونا ولا وطنا. وإن أجمل ما في الشعر هو أنه يكتسب القدرة على مخاطبة الإنسان في كل زمان ومكان، والشاعر لا يكتب لزمنه فقط ولكنه يكتب أيضا لزمن شعري مستقبلي. والشعر يحمل دائما قيم الأنسنة وفكر التنوير.

الشعر هو تنوير تدريجي لتاريخ البشرية ولا تكتمل رسالة الشعر التنويرية إلا بمد الجسور مع روائع الشعر العالمي. لقد عمل الشعر عبر تاريخه على الرقي بالإنسان إلى الأقوم والأسمى وأقام علاقات إنسانية منفتحة على كل العالم.

إن العالم لا يتغير بشعر، ولكن الشعر هو قادر على أن يغيرنا، وما دام قادرا على تغييرنا إذا هو يستطيع أن يغير العالم. الشعر عملية قادرة على تغيير العالم، والنشاط الشعري هو ثورة فكرية بطبيعتها، فالشعر لا يأتي بتغيير العالم، بل يكشف عن العلم الجديد ويخلق العالم.

ومن خلال الشعر تتأسس القيم والأعراف والقوانين وجنة المجتمع، ومن خلال الشعر نبدأ ونحترم الإنسان وندين الوحشية ونقارب بين الآخرين. الشعر يجعل العالم أجمل في عيون كل الناس ممن يحلمون في العيش في عالم ملون بالإبداع والمحبة والسلام والرحمة والسعادة.