التركي ولا المتورك
الأربعاء - 20 يوليو 2016
Wed - 20 Jul 2016
أطلق هذا المثل «التركي ولا المتورك»، السودانيون منذ عهد التركية السابقة وهي الفترة التي عرفت بها فترة الحكم التركي المصري على السودان (1821 – 1885م)، وبدأت بغزو محمد علي باشا للسودان وتدميره السلطنة الزرقاء وحتى سقوط الخرطوم في عام 1885م، ثم دخول الاستعمار الإنجليزي المصري فيما عرف بالحكم الثنائي في عام 1899م وحتى خروج الإنجليز واستقلال السودان عام 1956م.
ويعني المثل الرضا بحكم التركي (الأصلي) حتى لو كان ظالما، بدلا من حكم مدعي التركية. فالأتراك كانوا هم الحكام واستعانوا بجنسيات أخرى بمن فيهم بعض المواطنين السودانيين، لشغل الوظائف التنفيذية بالدولة. سن الحكام القوانين القاسية وفرضوا الضرائب الباهظة وأمروا زبانيتهم بالتنفيذ المباشر والتنكيل بالشعب، وتفنن هؤلاء في التنفيذ وبالغوا في القسوة إرضاء لأسيادهم، وبأكثر مما طلب الحاكم التركي. فكان عندما يقع الظلم على مواطن سوداني يلجأ للتركي الأصلي ليخفف عنه. فالتركي حاكم وضامن لموقعه، بينما (المتورك) يحاول إثبات نفسه بالمغالاة في وسائل التسلط. استمر ذاك النهج بعد سقوط الدولة المهدية، خلال فترة الحكم الثنائي حيث آلت السيطرة للإنجليز بينما اتخذ المصريون وجزء من قبائل ومجموعات معروفة موقع المعاونين والتنفيذيين، ونتج عن ذاك الخليط أحفاد (المتوركين) وهم الذين تعاونوا مع المستعمر وكانوا عيونه الساهرة وجواسيسه الماهرة، وتكرر ذات المشهد الذي رسخ في الأذهان، المثل السائر حتى يوم الناس هذا.
مناسبة إيراد هذه المقدمة، هي المحاولة الانقلابية الفاشلة على نظام الحكم في تركيا، ليس فيها كتجربة أثبتت للعالم عنفوان ديمقراطية الشعب التركي، ولكن لتبني العالم العربي لهذه التجربة دون وجه حق حتى صار كل من تمكن من شاشة حاسوبه أو شاشته الذكية لكتابة كلمة أو تعليق، خبيرا استراتيجيا في الشأن التركي أو الديمقراطي، والكل يعاني قمعا بطريقة أو بأخرى.
بالطبع كثيرة هي الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع بين الشعبين العربي والتركي كأصحاب حضارة واحدة وموقع جيوسياسي يضمهم الشرق الأوسط الحزين، ولكن تكمن الاختلافات الجوهرية في تكوين كل شعب وامتيازاته بقدر اجتهاده وطموحه.
خلال ساعات فقط، تم الانقلاب التركي حتى وصل إلى إذاعة البيان الأول وقبل أن تكتمل المحاولة تم إجهاضها ومضى الشعب التركي إلى عمله وكسبه وتنمية وطنه.
وما زلنا هنا ننظر إلى التجربة بكثير من الإعجاب الممزوج بالاستغراب والدهشة حد البلاهة.
بلا شك هذه التجربة جديرة بالاحترام والتقدير والإعجاب، ولكن كيف فعل الأتراك، كل هذا؟ يظل سؤالا تعجيزيا خاصة بإمعان الفضائيات في تكرار مشهد من يتصدون إلى الدبابات والمجنزرات بسياراتهم وأجسادهم ويدحروها. من شأن هذا التكرار أن يحول المشاهد إلى عادية ولكن هيهات. يقف العقل العربي مشدوها ومخدرا بفعل الصدمة.
ما فعله الأتراك أنهم تعلموا من دروس الربيع العربي
وكيف يكون حال الشعوب عندما تجهض أحلام ثوراتها، وما يفعله جيش الأسد وغيره في شعوبهم. اختيار الشعب التركي يخصه وحده، فهو حر في أن يختار من يريد أن يحكمه. تنتهي العبارة هنا، الحكم ليس لنا، علينا إجادة الملاحظة للاستفادة منها. التدخل في حدود التحليل وإبداء الرأي فقط لظاهرة جديرة بالانتباه. ولكن أن يتقمص العربي شخصية التركي ويتخيل نفسه مجرد خيال أنه هو من يقف ببنيانه الجسدي الهائل لدبابة، فهذه تحول المتفرج إلى حالة ذهانية تستدعي التدخل العلاجي. ليس مفهوما تماما ما سمعنا عن مبالغة في التقمص بتسمية الأبناء باسم الرئيس التركي إردوغان بعد فشل المحاولة الانقلابية، ل أن الأتراك أنفسهم لم ولن يفعلوها.
عندما يكون هناك من يخالف المبادئ التي ينادي بها الناس ثم يناقضونها في الوقت نفسه، أو تكون مثل هذه المبالغات في التأييد، عندها تقع هذه الجموع (المتوركة) في مشكلة أخلاقية ونفسية.
ويعني المثل الرضا بحكم التركي (الأصلي) حتى لو كان ظالما، بدلا من حكم مدعي التركية. فالأتراك كانوا هم الحكام واستعانوا بجنسيات أخرى بمن فيهم بعض المواطنين السودانيين، لشغل الوظائف التنفيذية بالدولة. سن الحكام القوانين القاسية وفرضوا الضرائب الباهظة وأمروا زبانيتهم بالتنفيذ المباشر والتنكيل بالشعب، وتفنن هؤلاء في التنفيذ وبالغوا في القسوة إرضاء لأسيادهم، وبأكثر مما طلب الحاكم التركي. فكان عندما يقع الظلم على مواطن سوداني يلجأ للتركي الأصلي ليخفف عنه. فالتركي حاكم وضامن لموقعه، بينما (المتورك) يحاول إثبات نفسه بالمغالاة في وسائل التسلط. استمر ذاك النهج بعد سقوط الدولة المهدية، خلال فترة الحكم الثنائي حيث آلت السيطرة للإنجليز بينما اتخذ المصريون وجزء من قبائل ومجموعات معروفة موقع المعاونين والتنفيذيين، ونتج عن ذاك الخليط أحفاد (المتوركين) وهم الذين تعاونوا مع المستعمر وكانوا عيونه الساهرة وجواسيسه الماهرة، وتكرر ذات المشهد الذي رسخ في الأذهان، المثل السائر حتى يوم الناس هذا.
مناسبة إيراد هذه المقدمة، هي المحاولة الانقلابية الفاشلة على نظام الحكم في تركيا، ليس فيها كتجربة أثبتت للعالم عنفوان ديمقراطية الشعب التركي، ولكن لتبني العالم العربي لهذه التجربة دون وجه حق حتى صار كل من تمكن من شاشة حاسوبه أو شاشته الذكية لكتابة كلمة أو تعليق، خبيرا استراتيجيا في الشأن التركي أو الديمقراطي، والكل يعاني قمعا بطريقة أو بأخرى.
بالطبع كثيرة هي الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع بين الشعبين العربي والتركي كأصحاب حضارة واحدة وموقع جيوسياسي يضمهم الشرق الأوسط الحزين، ولكن تكمن الاختلافات الجوهرية في تكوين كل شعب وامتيازاته بقدر اجتهاده وطموحه.
خلال ساعات فقط، تم الانقلاب التركي حتى وصل إلى إذاعة البيان الأول وقبل أن تكتمل المحاولة تم إجهاضها ومضى الشعب التركي إلى عمله وكسبه وتنمية وطنه.
وما زلنا هنا ننظر إلى التجربة بكثير من الإعجاب الممزوج بالاستغراب والدهشة حد البلاهة.
بلا شك هذه التجربة جديرة بالاحترام والتقدير والإعجاب، ولكن كيف فعل الأتراك، كل هذا؟ يظل سؤالا تعجيزيا خاصة بإمعان الفضائيات في تكرار مشهد من يتصدون إلى الدبابات والمجنزرات بسياراتهم وأجسادهم ويدحروها. من شأن هذا التكرار أن يحول المشاهد إلى عادية ولكن هيهات. يقف العقل العربي مشدوها ومخدرا بفعل الصدمة.
ما فعله الأتراك أنهم تعلموا من دروس الربيع العربي
وكيف يكون حال الشعوب عندما تجهض أحلام ثوراتها، وما يفعله جيش الأسد وغيره في شعوبهم. اختيار الشعب التركي يخصه وحده، فهو حر في أن يختار من يريد أن يحكمه. تنتهي العبارة هنا، الحكم ليس لنا، علينا إجادة الملاحظة للاستفادة منها. التدخل في حدود التحليل وإبداء الرأي فقط لظاهرة جديرة بالانتباه. ولكن أن يتقمص العربي شخصية التركي ويتخيل نفسه مجرد خيال أنه هو من يقف ببنيانه الجسدي الهائل لدبابة، فهذه تحول المتفرج إلى حالة ذهانية تستدعي التدخل العلاجي. ليس مفهوما تماما ما سمعنا عن مبالغة في التقمص بتسمية الأبناء باسم الرئيس التركي إردوغان بعد فشل المحاولة الانقلابية، ل أن الأتراك أنفسهم لم ولن يفعلوها.
عندما يكون هناك من يخالف المبادئ التي ينادي بها الناس ثم يناقضونها في الوقت نفسه، أو تكون مثل هذه المبالغات في التأييد، عندها تقع هذه الجموع (المتوركة) في مشكلة أخلاقية ونفسية.