شاهر النهاري

أبعاد حذاء سندريلا

الاثنين - 05 أبريل 2021

Mon - 05 Apr 2021

من منا لم يسمع عن ذلك الحذاء العجيب، لا يستوي إلا لقدمي تلك الفتاة الجميلة اليتيمة المظلومة، التي أحزنت شعوب الأرض، وأدمعت أعين الأطفال، قبل أن تبلغ حبيبا ومصيرا يليق بها ويناسبها هي فقط من بين جميع بنات البلدان والأمصار المجاورة لها.

أغلب العذارى تمنين ذلك الأمير الوسيم الشاب وهو يمسك حذاء قدمها الناعمة الفريدة، بعد أن رقصت بعقله، في حفل عمره، قبل أن تجري على السلالم مرتبكة تطاردها الثواني، وقبل أن تزول عنها خصائص وجماليات وروعة تلك الحياة السحرية، التي نثرتها عليها عصا الساحرة الطيبة، والتي تكفلت بتنفيذ جميع المهام المطلوبة منها، أثناء التقائها بشغف العمر المتناهي بالخيال.

وكم من مراهق تمنى أن يكون هو ذلك الوسيم المتمكن في الثراء، تتبارى حوله الحسان، وهو ينتقي من بينهن حبيبة تحقيق الأمنيات، التي تستطيع إيقاد شموع قلبه بطاقة ضياء أبدية.

أسطورة قديمة متجددة تجسمت في حكايات الجدات وعانقت حروفا متناثرة على الأوراق، وأكملت أحلاما عاش البشر أحداثها الملونة عبر صور متحركة، وشخوص متقمصة على الشاشات، أو فوق خشبات المسارح.

أحقيقة حكاية سندريلا تلك، أم أنه تم نقش وتزيين حوافها بزيادات تخيلات الشعوب، التي تناقلتها بألسن تحترف تنميق الحكايات!

أم أنها مجرد خواطر من نسج أفكار مبدع حكاها بلسان شاعري، فما لبثت الأيام أن عشقت الحكاية، وأدخلتها إلى كل بيت، وضمتها على كل صدر فتي يجد فيها حلما يعيشه، ولو للحظات.

أنا هنا لا أريد ترديد المفهوم بقدر ما أريد دعوتكم لتتفكروا معي في أسرار هذه الأساطير، وأن تنظروا لها بشك وفحص سببي منطقي يتناسب مع عصرنا الحالي، فلماذا لا تكون قد حدثت في عصر أكثر تطورا من عصرنا؟

ولماذا يتمنع هذا الحذاء ويرفض بقية الأقدام، التي حاولت الدخول فيه، وهل يعقل ألا يكون من بين بنات المجتمع من لها نفس مقاس القدم!

الأمر حري بالتمعن، فربما يكون الحذاء يعمل بكود ضوئي أو رقم سري، أو أنه يستجيب فقط لبصمة سندريلا، أو صورة حدقتيها، أو أنه مبرمج بموجاتها الصوتية.

كل مجريات الأسطورة تدل على تفوق علمي تقني سيبراني، فلماذا لا تكون الساحرة جهاز روبوت متطورا، وأن تغيير ملابس سندريلا يتم ضمن تطبيق الكتروني، محدد بالوقت، وذلك يشمل تحول اليقطينة إلى عربة، والفأر إلى سائق، والجرذ إلى حارس!

زوجة الأب وبناتها البشعات، ألا يمكن أنهن برامج فيروسات أو هكرز؟

لم لا يكون أهل تلك العصور قد امتلكوا من التقنية ما عجز عن فهمها أهل العصور اللاحقة، ممن غرقوا في تخيلات السحر والجهل والجن والشعوذة!

لا أريد التمادي في تخيلاتي، وتفسيراتي، حتى لا أتهم بأني أسيء للمرأة أو للنسويات، أو أني أؤمن بالمؤامرة، والمخلوقات الفضائية، والماسونية السرية أو أعارض حقوق الإنسان.

وقد يتهمني الحالمون الرافضون للعلم والتقدم بأني أفسد عليهم رومانسية الأسطورة المتوارثة الإيجابية، الأقرب للنفس البشرية الطامحة للحب والرخاء والسلام والسعادة ولو بعالم افتراضي. ومعهم كل الحق، فأنا أعرف أن الواقع شبع من التشويه، وأن السياسات العالمية المتذاكية والألعاب الاقتصادية البهلوانية قد أحرقت كل جميل حولنا، بما في ذلك ذكريات طفولتنا البريئة.

shaheralnahari@