عبدالله العولقي

البيانات والتكنولوجيا

الخميس - 01 أبريل 2021

Thu - 01 Apr 2021

تتفاقم حدة الصراعات اليوم بين شركات التكنولوجيا العملاقة حول امتلاك البيانات الخام وتجييرها ضمن عمليات معقدة تخضع لبرمجيات الذكاء الاصطناعي الحديثة، ومن ثم تتحول إلى معلومات ثمينة تباع إلى شركات الدعاية والإعلان وبرامج التسويق، وقد أطلق البعض على الحقبة الزمنية الحالية عصر الاستباحة الرقمية، ولهذا يظل التساؤل الأهم أين يتم تخزين كل هذه البيانات الضخمة؟، فالعلاقة الترابطية بين شركات التقنية والبيانات الضخمة يعتبرها البعض شكلا جديدا من أشكال الاستعمار!

لا شك أن العام الحالي 2021 يشكل انطلاقة محورية في علم البيانات، ولا سيما أن شركات التكنولوجيا والمعلومات قد دشنت عصر الحوسبة الكمية، فمع زيادة تدفق البيانات الضخمة وبشكل غير محدود يتوقع الخبراء مساهمة أكبر تجاه الحوسبة الكمية وقدراتها الخيالية في تقديم حلول للمشكلات الكبرى التي تشغل المجتمعات البشرية مثل الطاقة والرعاية الصحية، وقد قطعت شركات كبرى مثل آي بي إم وإنتل وقوقل وعلي بابا خطوات ملموسة نحو الحوسبة الكمية، ذلك القطاع الواعد الجديد.

الألعاب المتطورة والمباشرة في الفضاء الالكتروني تشكل أيضا مادة دسمة للبيانات، حيث يسمح الاتصال المستمر بشبكة الإنترنت للمطورين بالوصول إلى كميات كبيرة من البيانات، وخاصة أثناء ممارسة اللعب الالكتروني، إذ يتم تعقب كافة المعلومات التي يقوم بها اللاعبون، بل وحتى مراقبة سلوكياتهم ودراستها ومعرفة توجهاتها وأنماط تفكيرها، كما أن الجامعات التعليمية في بلاد الغرب تعاني كثيرا من سطوة شركات التقنية وقدراتها على التسلل إلى بيانات الجامعة ومنسوبيها وطلابها ومن ثم الاستفادة منها لصالحها ولصالح الشركات التسويقية الأخرى، ولهذا تتجدد المطالبات الإعلامية كثيرا بضرورة إنشاء قانون الجامعة الرقمية لتأمين معلومات الجامعات وأبحاثها الدراسية والعلمية والتي لم تسلم هي الأخرى من تسلل شركات التكنولوجيا إليها.

أيضا هناك البيانات المتسلسلة BLOCKCHAIN وتصاعد الاهتمام الدولي بهذا القطاع الاستراتيجي الهام، فمع النمو المتصاعد لعلوم البيانات أصبحت الشركات العاملة في مجال الدفع والأمن السيبراني تطور تقنيات مهمة ومتجددة كتقنيات مضادة لغسيل الأموال مثلا، ومن بين تلك الشركات المهتمة بهذه التقنية شركة IBM التي شرعت بالفعل في إعداد برامج متخصصة في البيانات المتسلسلة، فهذه التقنية الواعدة تشكل ركيزة هامة للثورة الصناعية الرابعة، ولديها القدرة على تعطيل النماذج الاقتصادية والتجارية القائمة، وقد تكون ذات قيمة في بلدان الأسواق الناشئة، وهي مبشرة كوسيلة مثلى في رصد عمليات الفساد ومكافحة هذه الآفة التي نخرت في اقتصاديات العديد من الدول، كما تستعمل هذه التقنية في برمجة العملات المشفرة مثل البيتكوين، ولها العديد من الاستخدامات الواعدة في مجالات الهوية الرقمية وأسواق الطاقة وسلاسل التوريد.

وأخيرا، تشكل البيانات في العصر الحديث، ثروة عظيمة لا تقدر بثمن، فهي نفط المستقبل، بالإضافة إلى أنها مادة دسمة للصراع المستقبلي بين الدول لما تمثله من أداة مؤثرة على السلوكيات والثقافات البشرية، وتتمثل كمعيار حيوي في معرفة التوجهات الشرائية والتسويق التجاري، فهي سلعة غالية الأثمان عند شركات التكنولوجيا الكبرى.

albakry1814@