إيران للبيع

احتجاجات شعبية كبيرة تندد باتفاقية خضوع وإذعان نظام الملالي للصين نيويورك تايمز: الشراكة تعمق نفوذ التنين الصيني وتفك العزلة عن طهران إيران أخفت التفاصيل ومسودة من 18 صفحة فضحت نهب الموارد الصفقة أحادية الجانب وتفتقد للشفافية وتشبه اتفاقية سابقة مع سريلانكا مراقبون اعتبروها شبيهة بسياسة الانتداب أو الاستعمار الحديث
احتجاجات شعبية كبيرة تندد باتفاقية خضوع وإذعان نظام الملالي للصين نيويورك تايمز: الشراكة تعمق نفوذ التنين الصيني وتفك العزلة عن طهران إيران أخفت التفاصيل ومسودة من 18 صفحة فضحت نهب الموارد الصفقة أحادية الجانب وتفتقد للشفافية وتشبه اتفاقية سابقة مع سريلانكا مراقبون اعتبروها شبيهة بسياسة الانتداب أو الاستعمار الحديث

الثلاثاء - 30 مارس 2021

Tue - 30 Mar 2021

اعتلت صرخات آلاف الإيرانيين وهم يرددون (إيران ليست للبيع) خلال المظاهرات الشعبية الكبيرة التي اندلعت أمس الأول أمام البرلمان الإيراني ضد توقيع اتفاقية تعاون مدتها 25 عاما بين إيران والصين، والتي تضمنت بنودا سرية.

وكشفت مقاطع فيديو عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي عشرات المواطنين يطالبون بنشر محتوى الاتفاقية، وهم يؤكدون أنهم باتوا يشعرون قبل أي وقت مضى أن بلدهم يباع الآن للتنين الصيني الذي يعزز نفوذه بشكل كبير في المنطقة، ويبحث عن أهداف غير معلنة في طهران.

ووجهت دعوات عدة على وسائل التواصل الاجتماعي للاحتجاج على الاتفاقية في مختلف المحافظات الإيرانية، ووصفت احتجاجات طهران بأنها نقطة البداية لهذه الحركة الشعبية.

وجاءت الاحتجاجات بعد أقل من 48 ساعة من التوقيع على وثيقة التعاون بين إيران والصين، والمعروفة باسم معاهدة 25 عاما، التي جرى إبرامها بين وزيري خارجية البلدين، محمد جواد ظريف ووانغ يي.

نفوذ التنين

وقالت صحيفة (نيويورك تايمز) في تقرير أمس، «إن الاتفاقية الموقعة بين الصين وإيران يمكن أن تعمق نفوذ التنين الصيني في الشرق الأوسط وتقوض الجهود الأمريكية لإبقاء إيران معزولة.

ولفتت إلى أنه لم يتضح على الفور حجم الاتفاق، بينما لا يزال الخلاف الأمريكي مع إيران بشأن برنامجها النووي دون حل، مشيرة إلى أن توقيع الاتفاق عكس طموح الصين المتزايد للعب دور أكبر في منطقة كانت تمثل الشغل الشاغل للولايات المتحدة لعقود».

واخفت إيران تفاصيل الاتفاقية قبل التوقيع، ولم تقدم الحكومة الصينية تفاصيل، لكن الخبراء قالوا «إنها لم تتغير إلى حد كبير عن مسودة من 18 صفحة حصلت عليها صحيفة (نيويورك تايمز) العام الماضي».

بيع الموارد

وتفصل المسودة 400 مليار دولار من الاستثمارات الصينية في عشرات المجالات، بما في ذلك البنوك والاتصالات والموانئ والسكك الحديدية والرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات على مدى السنوات الـ 25 المقبلة.

في المقابل، ستحصل الصين على إمدادات منتظمة وبأسعار مخفضة جدا من النفط الإيراني، ودعت المسودة إلى تعميق التعاون العسكري، بما في ذلك التدريبات المشتركة، والبحوث المشتركة، وتطوير الأسلحة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية.

وأضافت (نيويورك تايمز) «إن الصين مستعدة حتى لاستضافة المحادثات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، في تلميح إلى أن الهيمنة الأمريكية في المنطقة أعاقت السلام والتنمية».

ونقلت الصحيفة عن منتقدي الاتفاق الصيني الإيراني بأنه يفتقر للشفافية ووصفوا الصفقة بأنها بيع لموارد إيران، وقارنوها بالاتفاقات أحادية الجانب التي أبرمتها الصين مع دول مثل سريلانكا.

يد مفتوحة

ومن المقرر أن تستثمر الصين مبلغ 128 مليار دولار في مجال النقل بإيران، والذي تأتي أهميته من ربط شرق آسيا وآسيا الوسطى بغرب آسيا المطل على البحر الأبيض المتوسط من ناحية، ومشاطئة إيران للخليج العربي وبحر عمان، وذلك وفقا لتموضع البلاد الدقيق والحساس ومكانها على الخارطة.

ووفقا للاتفاقية، أصبحت يد الصين مفتوحة في صناعات النفط والغاز في البلاد، كما يحق لها أن تشتري النفط الإيراني بتخفيضات خاصة، كما يسمح لها أن تدفع ما عليها بعد سنتين من الشراء، في وقت يعلم فيه الجميع أن إيرادات إيران الرئيسة تأتي من هذا القطاع السيادي في البلاد والذي وصل إليه الصينيون.

الاستعمار الحديث

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن ردا على سؤال أحد الصحفيين حول الاتفاقية بأنه كان قلقا منذ سنوات بشأن تنامي التعاون بين إيران والصين.

ورد سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني، علي شمخاني، على قلق جو بايدن بتغريدة على تويتر قائلا «بأن بايدن محق في قلقه بسبب الشراكة الاستراتيجية بين إيران والصين وهو جزء من سياسة المقاومة النشطة»، حسب تعبيره.

واعتبر مراقبون أن هذه الاتفاقية تشبه سياسة الانتداب أو الاستعمار الحديث، خاصة وأن منها ما يمس بالسيادة الوطنية لإيران، بينها قرارات اقتصادية شائكة.

التوجه لروسيا

وفي توجه يكشف عن نوايا إيرانية لتشكيل تحالف كبير ضد أمريكا في المنطقة، يسعى نظام طهران إلى إبرام اتفاق مماثل مع روسيا، وقال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني مجتبى ذو النور «إننا نريد أيضا إبرام اتفاق مع روسيا مماثلا للاتفاق الذي أبرمناه مع الصين والذي سيكون عمليا خارطة طريق للتعاون الاقتصادي الملزم على المدى الطويل».

وعلاوة على ذلك، فإن هذه الاتفاقيات هي خيار فعال للالتفاف على العقوبات الأمريكية والأوروبية ضد إيران، حسبما قال ذو النور وفقا لوكالة (مهر) الإيرانية للأنباء، ولم يتم تأكيد إعلان ذو النور بعد من الأوساط الحكومية.

بيد أن هناك تكهنات بأن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف سيزور طهران قريبا.

أزمة حادة

وقالت مصادر ايرانية «إن الاتفاقية تمهد الطريق أمام مليارات الدولارات من الاستثمارات من الصين»، وتسعى طهران إلى توريد النفط بأسعار مواتية. كما يقال إنه تم التخطيط لتعاون مماثل في المجال العسكري.

ووصف الرئيس حسن روحاني الاتفاقية بأنها مشروع هام استراتيجيا للنمو الاقتصادي في إيران وكذا لضمان الاستقرار والسلام في المنطقة.

وتشهد إيران أزمة اقتصادية حادة، ويرجع ذلك بشكل رئيس إلى العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عليها في عام 2018، والتي تفاقمت بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).

وأشار المراقبون إلى أن إيران تحاول عبر هذه الاتفاقيات الضغط على أمريكا، بعدما تباطأ الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن في رفع العقوبات التي شددها سلفه دونالد ترمب على المدى القصير.