صناع الأمل وصناع الألم!
الأحد - 28 مارس 2021
Sun - 28 Mar 2021
لا يوجد في الحياة أجمل من الأمل.. ولا يوجد بها أقسى من الألم!
في سبتمبر 2003 صور لي أحد المتشائمين الحياة في مدينة Brisbane الأسترالية التي ابتعثت إليها بصورة تشبه العيش في الشوارع الخلفية من مدينة سيوداد خواريز المكسيكية أو بوجوتا الكولومبية حيث تنتشر الجرائم إلى الحد الذي تفقد معه أجهزة الأمن أحيانا السيطرة على سيناريوهاتها.. وفي تلك الليلة التي انخلع فيها فؤادي من حديثه الدرامي نمت أنا وزوجتي وأولادي في غرفة واحدة في انتظار طارق لا يطرق بخير، ليتضح لنا بعد بضعة أيام أن الأمان كان مفقودا من رأس محدثي وليس من تلك المدينة الحالمة!
الجميل أن صناع الأمل دوما بالجوار! يزيدون الإنسان طمأنينة كلما فزع، وتفاؤلا كلما يئس، ورحمة كلما قنط!
أما العجيب، فهو أن صناع الألم تماما كصناع الأمل بايولوجيا، لهم عينان ولسان وشفتان، لكنهم لا يشبهونهم سايكولوجيا فهم - أي صناع الألم - يفتقدون الضمير الحي الذي يجعل حديثهم مبهجا، وفكرهم ملهما، ونصحهم مرشدا في زمن بات الناس فيه أحوج ما يكونون لبث الطمأنينة ونشر البهجة والسعادة ونبذ كل منابع التشاؤم والسوداوية المحبطة.
صناع الألم (ألم) في حد ذاته؛ لأنهم يعطلون الحياة بأراجيفهم، ويشتتون الفكر بحبكاتهم، ويعطلون كل أشكال التنمية بعميق ريبتهم وشكهم. يحضر أحدهم إلى مريض فيزيده مرضا، ويزور بيئة عمل فيمطرها انتقادا، ويقدم إليه معروف فيوسعه ازدراء، وتخبره عن أمر يسرك في شرق الأرض فيلوي عنق الحديث باتجاه الغرب، وتتحدث معه باحترام فيحيله إلى خصام، وهكذا هو ديدنه أينما توجهه لا يأت بخير!
وما أجملكم يا صناع الأمل وأنتم تنتصرون في كل جولة بالضربة القاضية على البائسين أعلاه. كم كنت سعيدا وأنا أتجول بسيارتي الخاصة بعد سبعة أيام من وصولي لـ Brisbane بعد أن حرم صانع الألم بأراجيفه من سبقوني من الرفاق من شراء سيارات خاصة بهم تحت دعوى غلاء الوقود وحزم رجال المرور وغلظة عقوبة المخالفات وخطورة الطرقات!
اصنعوا الأمل ولو كان مستحيلا، وانشروا التفاؤل في أصعب المواقف ولو كان عزيزا، وانبذوا المتشائمين وتذكروا المقولة الخالدة «إن الإنسان تماما كالمعدن يصدأ بالملل، ويتمدد بالأمل، وينكمش بالألم».
dralaaraj@
في سبتمبر 2003 صور لي أحد المتشائمين الحياة في مدينة Brisbane الأسترالية التي ابتعثت إليها بصورة تشبه العيش في الشوارع الخلفية من مدينة سيوداد خواريز المكسيكية أو بوجوتا الكولومبية حيث تنتشر الجرائم إلى الحد الذي تفقد معه أجهزة الأمن أحيانا السيطرة على سيناريوهاتها.. وفي تلك الليلة التي انخلع فيها فؤادي من حديثه الدرامي نمت أنا وزوجتي وأولادي في غرفة واحدة في انتظار طارق لا يطرق بخير، ليتضح لنا بعد بضعة أيام أن الأمان كان مفقودا من رأس محدثي وليس من تلك المدينة الحالمة!
الجميل أن صناع الأمل دوما بالجوار! يزيدون الإنسان طمأنينة كلما فزع، وتفاؤلا كلما يئس، ورحمة كلما قنط!
أما العجيب، فهو أن صناع الألم تماما كصناع الأمل بايولوجيا، لهم عينان ولسان وشفتان، لكنهم لا يشبهونهم سايكولوجيا فهم - أي صناع الألم - يفتقدون الضمير الحي الذي يجعل حديثهم مبهجا، وفكرهم ملهما، ونصحهم مرشدا في زمن بات الناس فيه أحوج ما يكونون لبث الطمأنينة ونشر البهجة والسعادة ونبذ كل منابع التشاؤم والسوداوية المحبطة.
صناع الألم (ألم) في حد ذاته؛ لأنهم يعطلون الحياة بأراجيفهم، ويشتتون الفكر بحبكاتهم، ويعطلون كل أشكال التنمية بعميق ريبتهم وشكهم. يحضر أحدهم إلى مريض فيزيده مرضا، ويزور بيئة عمل فيمطرها انتقادا، ويقدم إليه معروف فيوسعه ازدراء، وتخبره عن أمر يسرك في شرق الأرض فيلوي عنق الحديث باتجاه الغرب، وتتحدث معه باحترام فيحيله إلى خصام، وهكذا هو ديدنه أينما توجهه لا يأت بخير!
وما أجملكم يا صناع الأمل وأنتم تنتصرون في كل جولة بالضربة القاضية على البائسين أعلاه. كم كنت سعيدا وأنا أتجول بسيارتي الخاصة بعد سبعة أيام من وصولي لـ Brisbane بعد أن حرم صانع الألم بأراجيفه من سبقوني من الرفاق من شراء سيارات خاصة بهم تحت دعوى غلاء الوقود وحزم رجال المرور وغلظة عقوبة المخالفات وخطورة الطرقات!
اصنعوا الأمل ولو كان مستحيلا، وانشروا التفاؤل في أصعب المواقف ولو كان عزيزا، وانبذوا المتشائمين وتذكروا المقولة الخالدة «إن الإنسان تماما كالمعدن يصدأ بالملل، ويتمدد بالأمل، وينكمش بالألم».
dralaaraj@