عبدالله العولقي

المبادرة السعودية وإنهاء الأزمة اليمنية

الأربعاء - 24 مارس 2021

Wed - 24 Mar 2021

طرحت المملكة مجددا مبادرة سياسية متكاملة لإنهاء الأزمة الحالية في اليمن، بحيث تتضمن بنودها مجموعة من الحلول السياسية الشاملة في إطار الدعم السعودي لإنهاء الأزمة اليمنية.

المبادرة السعودية قدمت حلولا ناجعة لأغلب الإشكاليات السياسية العالقة بين الأطراف اليمنية كوقف إطلاق النار الشامل تحت إشراف ومراقبة هيئة الأمم المتحدة، وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك للبنك المركزي اليمني، بالإضافة إلى فتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة (الإقليمية والدولية)، والأهم من ذلك كله هو قبول الحوثيين كطرف سياسي ضمن الأطراف السياسية في اليمن وفك ارتباطه عن المشروع الإيراني، وبدء المشاورات التحاورية بين جميع الأطياف السياسية اليمنية من أجل التوصل إلى حلول ناجعة للأزمة اليمنية.

رحبت الحكومة الشرعية اليمنية المعترف بها دوليا بالمبادرة السعودية، واعتبرتها بادرة مهمة لإنهاء معاناة اليمنيين، لكن الرد الحوثي جاء مخيبا كالمعتاد، ولم يكن على مستوى قيمة المبادرة التي وصفها بسذاجته المعروفة أنها لا تتضمن جديدا، بينما هي فرصة ثمينة لخروجه من الكارثة الإنسانية التي ورط بها اليمن واليمنيين، هذا السلوك الحوثي يترجم بواقعية عن ذهنيته الرجعية وأن قياداته مجرد أداة روبوتية بيد ضباط الحرس الثوري الإيراني!

بعض المحللين السياسيين المهتمين بالشأن اليمني حذروا من طبيعة العقلية الحوثية المعتمدة على سلوك الانقلاب والخديعة، وأن القيادات العسكرية الحوثية تمارس الآن استراتيجية (استراحة المحارب)، بمعنى أنهم يمارسون لعبة التقاط الأنفاس بعد أن أنهكتهم الضربات الجوية بالإضافة إلى الخسائر الفادحة في جبهتي مأرب وتعز، وهذه النمطية قد تجبر الحوثيين على الإذعان المؤقت أو المرحلي لشروط المبادرة في المستقبل القريب، لكنهم سينقلبون على فكرة المبادرة بعد أن يستعيدوا ترتيباتهم العسكرية والسياسية كما فعلوا سابقا مع اتفاقية استوكهولم في السويد.

حقيقة الحوثيين أنهم يبحثون عن مبادرات تتواءم مع شروطهم وذهنيتهم الرجعية، وهذا أمر غير واقعي في عالم السياسة الحديثة، فاستبعاد الوطنية العربية والرضوخ الأعمى لأوامر الرؤية الإيرانية ومشروعها التخريبي في المنطقة أمر لا يقبله اليمنيون بكافة شرائحهم الاجتماعية وانتماءاتهم القبلية والسياسية على الإطلاق، ولا سيما أنهم يدركون تماما أن بلادهم اليمن من وجهة نظر الحوثيين هي مجرد ورقة سياسية يستغلها الإيرانيون في مفاوضاتهم السياسية والنووية مع الغرب!

وأخيرا، تمثل المبادرة السعودية حلا ناجعا لإنهاء الأزمة اليمنية بشكل شامل لكافة القوى السياسية اليمنية، ولا سيما أن المبادرة تأتي في سياق دبلوماسي يتوافق مع المرجعيات السياسية والتاريخية لليمن كقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 المخصص بشأن اليمن، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وهذا السياق التاريخي للمبادرة السعودية يمنحها السمة الإنسانية كونها تهتم بإنهاء معاناة الإنسان اليمني، بينما يأتي رفضها من الجانب الحوثي في سياق إثبات تهمة الإرهاب على هذه الزمرة الانقلابية، وتعنتها في رفع المعاناة عن الشعب اليمني.

@ALBAKRY1814