عبدالله قاسم العنزي

تم القبض

الأحد - 21 مارس 2021

Sun - 21 Mar 2021

من المعروف أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه وغريزته، وهو يحتاج للعيش ضمن مجتمع يمارس كل فرد فيه وظيفة معينة بما يلبي حاجات الجماعة وهذا ما يجعل هناك احتكاكا وتصادما وتعارضا في مصالح الأفراد، وقد تتشكل مشاعر العداوة والعدوان التي قد تتطور في ظروف معينة لتنتج شكلا من أشكال السلوك الإجرامي الذي يعكر صفو المجتمع.

والجريمة مشكلة اجتماعية واجهت المجتمع الإنساني منذ أن كان مكونا من بضع أفراد كما في قصة «قابيل وهابيل»، وتعتبر أكبر معوق لبناء حضارة المجتمعات وعبر مراحل التاريخ لم تفلح الجهود الإنسانية في القضاء على الجريمة بشكل كامل، بل أثبتت الدراسات والتجارب أن الجريمة تتجدد مع تجدد وسائل الحياة، وتتلون بلونها، فكلما تطورت حياتنا المدنية وتعقدت وامتلأت مدننا بساكنيها واكتظت الشوارع والأزقة ازدادت نسبة الجريمة وتغير لونها بحسب أطياف السلوك البشري في المجتمع، وبناء على ذلك تأتي أهمية ودور الإعلام، وأخص بذلك الإعلام الأمني الذي أصبح له دور بالغ الأهمية لدعم وتنمية الحس الأمني والوقائي لدى الأفراد من خلال تعاونهم في حفظ الأمن والاستقرار، إضافة إلى أنه وسيلة لتوسيع الآفاق المعرفية لأفراد المجتمع بحيث يكونوا على اتصال مباشر مع الأحداث.

إن الملاحظ أن الأمن العام لديه جهاز إعلامي مميز تفرد بنشر بعض الأحداث والمخالفات التي تقع في المجتمع وسرعة معالجة الجهات الأمنية لهذه المخالفات، بقالب إعلامي يوصل الرسالة التي تحملها الأجهزة الأمنية في المجتمع أيضا أن الوقاية من الجريمة أساس في بناء السياسة الجنائية.

وبما أن الأمن يأخذ بعدا ثقافية، وكوننا نؤمن بأن الأمن لم يعد مسؤولية الجهات الأمنية فحسب، بل «كلنا أمن» فالواجب علينا ككتاب رأي أن نعزز مشاركة جميع أفراد ومؤسسات المجتمع في العمل الأمني، كل بقدر طاقته ومستواه وحسب تخصصه حتى يتحقق الأمن في المجتمع.

وبالتأكيد أن تضافر الجهود بين الجهات الأمنية ومؤسسات المجتمع وأفراده سبب قوي في الحد من معدلات نمو الجريمة، وتقليل فرص المواقف التي يستغلها المنحرفون لارتكاب جرائمهم بتضييق الخناق عليهم، من خلال التكاتف بالإبلاغ عن الجريمة والمساهمة في منع وقوعها ونشر الوسائل التقنية التي تمنع وصول أرباب الانحراف إلى أهدافهم، مثل الكاميرات المنزلية وكاميرات المراقبة المرئية في الأسواق والمتاجر، حيث إن مثل هذه التقنية الذكية تحد من وقوع الجريمة لأن أهم العوامل التي يأخذها اللصوص والمجرمون قبل تنفيذ عملية السطو على المنازل هي وجود كاميرا مراقبة مرئية في المتجر أو المنزل من عدمه!

كما أن النظرية التقليدية للحد من انتشار الجريمة ونموها من خلال أسلوب الردع بات غير مجد، ولذلك كان الأسلوب المناسب والحديث هو تغيير الظروف والعوامل المؤثرة في البيئة، والبحث عن أسباب ظهور الجريمة ونموها ونشر الوعي بخطورة نمو الجريمة وانتشارها، وانعكاس ذلك على أوضاع المجتمع الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا لا يتأتى ما لم يتشارك أفراد المجتمع ومؤسساته كل بحسب تخصصه مع الجهات الأمنية.

expert_55@